الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7- عبد الواحد بن زيد (177ه
ـ) :
أبو عبيدة البصري أدرك الحسن البصري، وأخذ عنه، كان كما قال ابن حبان: (ممن يغلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فيما يروي، فكثر المناكير في روايته فبطل الاحتجاج به ".
وقال البخاري: (عبد الواحد بن زيد صاحب الحسن تركوه) .
وكان يصاحب عمرو بن عبيد المعتزلي، ففارقه لاعتزاله، وقال بصحة الاكتساب، وقد نسب إليه شيء من القدر ولم يُشهر.
وسبب إتيان هذا الرجل ضمن المبتدعة، أنه كان فَرَطاً للصوفية، ومنه ومن تلامذته انبثقت الصوفية بهذا الاسم، وصار لها بعض الاصطلاحات والمراسيم والشارات الخاصة، بل إنه أصبح للصوفيه دار خاصة في البصرة.
قال الذهبي عن عبد الواحد بن زيد: (
…
نسب إلى شيء من القدر ولم يشهر، بل نصب نفسه للكلام في مذاهب النساك وتبعه خلق، وقد كان ثابت البُنَانى ومالك بن دينار يعظان أيضاً، ولكنهما كانا من أهل السنة.
وكان عبد الواحد صاحب فنون، داخلاً في معاني المحبة والخصوص، وقد بقي عليه شيء من رؤية الاكتساب، وفي ذلك شيء من أصول أهل القدر، فإن عندهم لا نجاة إلا بالعمل، فأما أهل السنة فيحضّون على الاجتهاد في العمل وليس به النجاة وحدة دون رحمة الله، وكان عبد الواحد لا يطلق: أن الله يضل العباد تنزيهاً له، وهذه بدعة) .
وقال الذهبي في الميزان: " عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد شيخ الصوفية وواعظهم ".
وقال شيخ الإسلام في معرض حديثه عن أصل كلمة صوفية: (وقيل - وهو المعروف - أنه نسبة إلى لبس الصوف، فإنه أول ما ظهرت الصوفية من البصرة، وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد، وعبد الواحد من أصحاب الحسن، وكان في البصرة من المبالغة في الزهد، والعبادة، والخوف، ونحو ذلك ما لم يكن في سائر الأمصار
…
".
وقد ذكر شيخ الإسلام بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد الذين كان لهم أثر في إيجاد بعض بدع الصوفية فقال: (وظهر أحمد علي الهجيمي، الذي صحب عبد الواحد بن زيد، وعبد الواحد صحب الحسن ومن اتبعه من المتصوفة وبنى دويرة للصوفية، وهي أول ما بُني في الإسلام، وكان عبد الرحمن ابن مهدي وغيره يسمونهم الفقرية، وكانوا يجتمعون في دويرة لهم، وصار
لهؤلاء من الكلام المحدث طريق يتدينون به، مع تمسكهم بغالب الدين.
ولهؤلاء من التعبد المحدث طريق يتمسكون به مع تمسكهم بغالب التعبد المشروع، وضار لهؤلاء حال من السماع والصوت حتى إن أحدهم يموت أو يغشى عليه) .
ومن أصحاب عبد الواحد بن زيد: رياح بن عمرو القيسي، وهو أول من نسب للزندقة من الصوفية، قال عنه الذهبي:(رجل سوء)، وقال:(هو من زهاد المبتدعة بالكوفة) ، وعدّه أبو داود أحد أربعة في الزندقة، وهكذا بدأت الصوفية من المبالغة في العبادة والزهد والمراقبة والحب والمقامات والأحوال والأفعال، وكلما أوغلوا في هذه الأبواب انفتحت عليهم صنوف البدع والأهواء، فأصبحت لهم عبارات ومعان يجعلونها حدوداً وسيراً وأخلاقاً يسير عليها المريد، ثم أصبحت بعد ذلك طرقاً مختلفة، كل طريق لها في السبل متاهات، ولها في البدع ترهات، وأصبحت طرق الصوفية تنتحل من كل فرقة ضلالة، فمنها من يقول بالجبر، ومنها من يقول بالقدر، وآخرون يسلكون الإرجاء، حتى قادتهم البدع إلى وحدة الوجود والاتحاد وتقديس للأولياء، وغير ذلك من البدع الكفرية - نسأل الله العفو والعافية -.
وقد ذكر شيخ الإسلام منشأ الصوفية، وحكم الانتساب لها، وحكمها من حيث المدح والذم، ومراحلها التي مرت بها، وأصنافها الموجودة بما فيه الكفاية لمن أراد.