الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كابن أبي عاصم وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم، وقد يسمى أهل السنة بأسماء أخرى تحمل أوصافاً تختص بهم منها:
أهل الحديث والأثر:
ولا يقصد بهذا من اقتصر على سماعه الأحاديث والآثار وكتابتها وروايتها فقط، بل من عرفها وفهمها واتبعها ظاهراً وباطناً.
ويطلق هذا المصطلح على أتباع مذهب السلف أهل السنة والجماعة؛ لأنهم لا يصدرون في أعمالهم وعقائدهم عن آراء عقلية قابلة للتسليم والرد، وإنما عن مأثورات وأخبار مسندة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام برواية الثقات العدول.
فقد روى الخطيب في شرف أصحاب الحديث بسنده، عن سفيان
الثوري قال: (إنما الدين بالآثار وليس بالرأي، إنما الدين بالآثار ليس بالرأي
…
) .
وروى بسنده أيضاً عن الإمام أحمد، حين سئل عن أحد علماء الابتداع فكلح وجهه وقال:(إنما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها، تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأقبلوا على هذه الكتب) .
وروى بسنده عن الأوزاعي قال: (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك ورأي الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم) .
وروى الحافظ الدارقطني بسنده في كتاب الصفات عن عباد بن العوام قال: قدم علينا شريك بن عبد الله فقلنا: إن عندنا قوماً من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث: إن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا، وإن أهل الجنة يرون ربهم فحدثني شريك بنحو من عشرة أحاديث في هذا وقال:(أما نحن فأخذنا ديننا عن أبناء التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمن أخذوا) .
وروى الدارقطني أيضاً بسنده في كتاب الصفات، عن شريك بن عبد الله النخعي أنه قال:(هؤلاء أبناء المهاجرين يحدثون أن الله عز وجل يرى في الآخرة حتى جاءنا ابن يهودي صباغ، فزعم أن الله لا يرى يعني بشراً المريسي) .
ومن هنا نلمح اهتمام أهل السنة بالأحاديث والآثار، وحرصهم عليها تأليفاً وشرحاً، بل لا يعرف أن أحداً من العلماء نبغ في مذهب أهل السنة والجماعة وهو غير معتمد على حديث وأثر، قال ابن الجوزي: (
…
ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أهل السنة؛ لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث) .
وأكثر أهل البدع جاهل بالأحاديث وكتبها، والآثار ومصنفاتها، عالم بكلام أهل الكلام، كما قال هارون الرشيد: طلبت أربعة فوجدتها في أربعة: طلبت الكفر فوجدته في الجهمية، وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة، وطلبت الكذب فوجدته عند الرافضة، وطلبت الحق فوجدته مع أصحاب الحديث) .
وكما قال عبد الله بن داوود (ليس الدين بالكلام إنما الدين بالآثار) ، ولأجل هذا جعل من علامات المبتدعة التي تدل عليهم، بغض الحديث وأهله كما قال الأوزاعي:(ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف بدعته بحديث إلا أبغض الحديث) .
وقد جعل أحمد بن سنان القطان من سيماء المبتدعة بغضهم للحديث وأهله، فقال:(ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث فإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه) .
ومن هنا نجزم بصواب مسلك أهل السنة والجماعة، ولا نظن كما يظن بعض الناس أن الجزم بالصواب مسألة نسبية؛ لأن كل ذي عقيدة يجزم بأنه الأصح الأقرب إلى الحق
…
بل الحق الذي لا شك فيه أن طريقة أهل السنة هي الصواب المحض، لأنها مبنية على الإتباع من خلال الآثار المتصلة الموثقة، ولأن شعار الإحتكام لديهم في كل أمر كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ".