الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففي سنة 321هـ ابتدأ أمر بني بويه وظهرت دولتهم، وهي دولة شيعية إمامية، قاتلوا خلفاء بني العباس وأظهروا الرفض والشتم للصحابة.
وقامت دولة الحمدانية، وهي شيعية بقتال الخليفة العباسي الراضي سنة 327هـ، وما استكملت سنة 346هـ إلا (
…
وقد امتلأت البلاد رفضاً وسباً للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين، وكل ملوك البلاد مصراً وشاماً وعراقاً وخراسان وغير ذلك من البلاد، وكانوا رفضاً، وكذلك الحجاز وغيره، وغالب بلاد المغرب فكثر السب والتكفير منهم للصحابة ".
2- الخوارج:
وكانت لهم في هذه الفترة ثورات وحروب، إذ إنهم بعد أن تفرقوا في البلدان، وانتشروا في الأقاليم، نشروا أفكارهم وبثوا دعاتهم، وجمعوا في أماكن عديدة من بلدان المسلمين حولهم أتباعهم من كان قوة لهم في الحروب والمعارك، ولقيت أفكارهم رواجاً بين الناس الذين رأوا إسراف خلفاء بني العباس في الملذات والشهوات وتسلط أمرائهم على الناس بالظلم والاضطهاد، وتنازع بني العباس على الولايات، وتحكم الموالي في شؤون الدولة، وغير ذلك من أمور أحفظت الناس، وجعلتهم يلتفون حول قادة الخوارج فكان من ثوراتهم:
خروج خراشة الشيباني الخارجي سنة 180هـ على الرشيد بالجزيرة
من أرض العراق وفيها قتل، وكان قد خرج قبله بالجزيرة الفراتية الوليد بن طريف الشيباني سنة 177هـ في خلافة الرشيد، وحشد جموعاً كثيرة، وكان ينتقل بين نصيبين والخابور، واستولى على أرمينية وسار إلى أذربيجان، ثم حلوان وأرض السواد، وعبر إلى غرب دجلة واستولى على بلاد الجزيرة بالعراق حتى قتل سنة 179هـ.
وفي سنة 180هـ هدم الرشيد سور مدينة الموصل بالعراق لكثرة الخوارج فيها وتحصنهم بها.
وفي سنة 180هـ خرج أبو عمرو الشاري على الرشيد بالجزيرة العراقية فأرسل إليه الرشيد من يقاتله.
وفي سنة 185هـ قتل أبان بن قحطبة، وكان من رؤوس الخوارج، وكانت له قوة وشوكة، حتى قتل في مرج العلقة، وفي هذه السنة خرج حمزة الشاري في بلاد باذغيس من خراسان، فقاتلهم والي الخليفة حتى انحاز حمزة
إلى كابل وزابلستان، وبقي حتى كانت حوادث سنة 192هـ في خراسان، حيث ضعفت قوة الخلافة بسبب ثورات الخرّميّة، وانتقاض القواد والأمراء على الدولة، فخرج حمزة الخارجي وعاث بها فساداً وصار يقتل ويجمع الأموال، ويحملها إلى عمال هراة وسجستان، حتى قاتله والي المأمون عبد الرحمن النيسابوري، وسار خلفه حتى بلغ هراة، وهناك تفرقت قوته وتلاشت، وذلك في سنة 194هـ.
ومن ثورات الخوارج التي تذكرها كتب التاريخ، ثورتهم ببلاد ربيعة سنة 231هـ أيام الواثق تحت إمرة محمد بن عبد الله التغلبي الخارجي، فقوتلوا حتى غلبوا وأسر أميرهم وتفرق شملهم.
ومن فتنتهم العظيمة بالمشرق ثورة مساور بن عبد الرحمن البجلي، الذي خرج في سنة 252هـ ثائراً على الخليفة في الموصل، وتجمع حوله جمع من الأعراب والأكراد، وكانت له مواقع مع جيش الخلافة في جلولاء سنة 253هـ، وفي الموصل سنة 254هـ حتى دخل الموصل، واستولى عليها سنة 255هـ واتخذ مكاناً يقال له الحديثة، قرب الموصل دار هجرة له، واستولى على بقاع كثيرة
من العراق، وحاصر بغداد، ومنع الأموال عن الخليفة حتى ضاقت عليه وعلى جنده البلاد، وتأهبت الجيوش لقتال هذا الخارجي فلم تظفر به وخافه الناس، وجعل ينتقل في البلاد فيُجبى له خراجها، وقتل والي خراسان سنة 261هـ وبقي هذا دأبه حتى توفي وهو يريد لقاء عسكر الخليفة العباسي الموفق بالله سنة 263هـ.
وذكر الحافظ ابن كثير أن الخوارج أقاموا خلافةً باسمهم في مدينة هراة لمدة ثلاثين سنة من 229-259هـ حتى ظفر بزعيمهم الذي كان ينتحل الخلافة، فقتل وحمل رأسه على رمح وطيف به في الآفاق.
ومن فرق الخوارج التي تشعبت في هذه الفترة فرقة (الحمزية) ، وهم أتباع حمزة بن أكرك الشاري، الماضي ذكره تقريباً، والذي كانت منه فتن وطامات في ارض خراسان.
وقد افترق عن الخوارج (الخازمية) في باب القدر والاستطاعة، فقالوا فيهما بقول القدرية، وقالوا بتكفير كل من لا يوافقهم، وكانوا يزعمون أن مخالفيهم من هذه الأمة مشركون، لا تحل غنائمهم، وكانوا يحرقون غنائم معاركهم مع مخالفيهم، ويعقرون دوابهم.
وقد ذكر ابن النديم في كتابه (الفهرست) طائفة من متكلمي الخوارج
وأسماء كتبهم.
وفي موضع آخر من (الفهرست) ذكر طائفة من فقهائهم وأسماء ما صنفوه من الكتب، وقد كان لطائفة (الإباضية) من الخوارج في هذه الفترة دولة في عمان جنوب شرق جزيرة العرب، وكان أول أئمة الخوارج الإباضية فيها: الوارث ابن كعب الخروصي اليحمدي، ولي إمامة الإباضية سنة 179هـ فأرسل إليه هارون الرشيد جيشاً بقيادة ابن عمه عيسى بن جعفر، فانكسر جيشه وأسر عيسى، وبقي الوارث إماماً للخوارج الإباضية اثني عشر عاماً ونيفاً، حتى مات غرقاً في سنة 192هـ فتولى بعده الإمامة غسان بن عبد الله اليحمدي وبقي حتى توفي عام 207هـ فجاء بعده عبد الملك بن حميد الأزدي وبقي على إمامتهم حتى سنة وفاته 226هـ.