الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل كتاب البدعة
شروط العمل المقبول:
منذ أن خلق الله الإنسان أوجد فيه القلب والعقل، والعاطفة والفكر، ووهبه القدرة والإرادة، أمره وزوجه أن يسكنا الجنة، ونهاهما عن أكل الشجرة، وكان أمره - سبحانه - ووهبه لمقتضي ألوهيته وربوبيته على من كانت مقتضابات بشريته وآدميته محلاً صالحاً للعبودية التامة. ومن أول وهلة نجد أن هذه الحقيقة التي تثبتها عقيدة الرسل الكرام عليهم السلام ابتداء، تقول لنا: إن هذا بيان حاسم للتفريق بين ألوهية الباري سبحانه وتعالى المقتضيه للخلق والامر، كما يشاء وفق عمله وحكمته، وبين عبودية الخلق المقتضيه للسمع، والانقيادة، وفق التركيب الرباني الموجود في بنى الإنسان المتجلي في الإدارة والقدرة.
ومن هنا تتقرر قاعدة الجد والقصد، والحق في بناء هذا الكون بالتفريق بين حقيقة الألوهية بحقوقها ولوازمها، وبين حقيقة العبودية بحدودها وضوابطها، وما يترتب على هاتين الحقيقتين من علامات وصفات ونتائج.
وهذه هي البداية الأولى لقضية التوحيد بالنسبة للبشر في الأرض، بدات من آدم عليه السلام أبي البشر مروراً بالانبياء والمرسلين عليهم السلام حتى قيام الساعة، تحددت بها مهمة الإنسان في هذا الوجود واتضحت وظيفته في هذه الحياة.
(فالإنسان وكل مخلوق فقير إلى الله بالذات، وفقره من لوازم ذاته ن يمتنع أن يكون إلا فقيراً إلى خالقه، وليس أحد غنياً بنفسه إلا الله وحده، فهو الصمد الغني عما سواه وكل ما سواه فقير إليه.
فالعبد فقير إلى الله من جهة ربوبيته، ومن جهة إلهيته
…
) ذلك (أن الله خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه، ومحبته، والإخلاص له
…
وحاجتهم غليه في عبادتهم إياه، وتألهم كحاجتهم وأعظم في خلقه لهم وربوبيته إياهم، فإن ذلك هو الغاية المقصودة لهم وبذلك يصيرون عاملين متحركين، ولا صلاح لهم ولا فلاح، ولا نعيم، ولا لذة بدون ذلك بحال، بل من أعرض عن ذكر ربه فإن له معيشة ضنكا ونحشره يم القيامة أعمى) .
وهذه الوظيفة، وهذه المهمة للإنسان في الحياة الدنيا، هي التي من أجلها أنزل الله الكتب وأرسل الرسل.
فالرسل إنما دعوا إلى: (إياك نعبد وإياك نستعين) فإنهم كلهم دعوا على توحيد الله وإخلاص عبادته من أولهم إلى آخرهم.
فقال نوح: (اعبدوا الله مالكم من إله غيره) وكذلك قال هود وصالح شعيب وإبراهيم.
قال الله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبد الله واجتنبوا الطاغوت) وقال: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا غله غلا أنا فاعبدون) .