الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوجد الفطرة القابلة، والعقول الباصرة، وأرسل الرسل الهادية، والكتب الدالة (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) وهذا الاختلاف الوارد في الآية يقصد به: الاختلاف في أصل الملة على أديان شتى كاليهودية والنصرانية.
ويقصد به كذلك الاختلاف بين أهلة ملة الإسلام وهو على نوعين:
النوع الأول: الاختلاف في مسائل الاجتهاد، وهو اختلاف التنوع وهذا ليس بمذموم وليس أهله من أهل التفرق والعذاب.
النوع الثاني: اختلاف أهل البدع والأهواء، في القواعد الكلية والأصول الشرعية الاعتقادية والعبادية، فهذا داخل تحت هذه الآية؛ لأنه يؤدي إلى التفرق شيعاً.
فالمرحومون في هذا التفرق والخلاف هم: (.. أتباع الرسل الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين..) واتبعوا هدي الرسول الأمين، وهم الفرقة الناجية الذين أخبر عنهم عليه السلام في حديث افتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، وما سواهم من الفرق فهو من أهل الأهواء المختلفين الموعودين بالجحيم.
والضرب الثاني من أسباب الابتداع:
كسبي، وهو على أنواع:
1- اتباع الهوى:
ومن هذا الباب سمي أهل البدع أهل الأهواء؛ لأنهم قدموا أهواءهم
ورجحوا آراءهم، وجعلوها مساويةً للنصوص الشرعية، أو أعلى منها درجة ودلالة، بل ربما جعلوا عقولهم وأذواقهم هي الأساس والأدلة الشرعية للتعضيد والاستئناس.
قال ابن القيم: (وكان السلف يسمون أهل الأراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسول في مسائل العلم الخبرية، وأهل مسائل الأحكام العملية يسمونهم أهل الشبهات والأهواء؛ لأن الرأي المخالف للسنة جهل لا علم، وهوى لادين فصاحبه ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، وغايته الضلال في الدنيا والشقاء في الآخرة..) .
وقال شيخ الإسلام: (وأصل الضلال: اتباع الظن والهوى..) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا) .
وهذا هو دأب أهل البدع، يضعون أهوائهم أولاً، ثم يطلبون الأدلة عليه من الشرع وكلام العرب، بعكس أهل الحق فإنهم يضعون الدليل أولاًن ثم ينقادون له فيعتقدون ويحكمون بعد ما يستدلون.
وأهل الأهواء إذا وجدوا الأدلة على خلاف ما يعتقدون، أولوها وحرفوها وصرفوها عن حقيقة معناها.
كما فعل المعتزلة في الأدلة المخالفة لأصولهم الخمسة، وكما فعلت الجهمية في آيات الصفات.