الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما:
متعلق بمراد الشارع من حيث الحظر والإباحة، ومعرفة الحكم وعدمها، وهذا ما أصطلح عليه باسم: العبادات والمعاملات.
الثاني:
متعلق بفعل المكلف وهو على ثلاثة أقسام: قسم الاعتقاد، وقسم القول، وقسم الفعل
…
وكل هذه الأضرب والأقسام تدخلها البدع وإليك البيان:
1- البدعة تكون في العبادات والمعاملات:
أما دخول البدعة في العبادات فظاهر، وأما المعاملات وهي تشمل الشروط والعقود، والأمور الدنيوية العادية، فإنها لا تخلو من شائبة التعبد لله سبحانه.
فما ألحق من أحكام شرعية بالأمور العادية بقصد القربة من الله تعالى وهو ليس كذلك في الشريعة فهو بدعة.
مثال ذلك في المعاملات: جعل المكوس والضرائب قربة لله بإلحاق حكم الجواز أو الاستحباب أو الوجوب إليها، ومثاله في العادات جعل لباس معين، أو لون معين، أو طعام معين قربة لله تعالى، وهو ليس كذلك في الشرع، والفرق بين العبادات والمعاملات، أن العبادات الأصل فيها المنع، حتى يقوم دليل ٌ على الأمر بعكس المعاملات إذ الأصل فيها الإباحة حتى يقوم دليل ٌ على التحريم.
قال ابن القيم رحمه الله: (والفرق بينهما أن الله سبحانه لا يعبد إلا بما شرعه على ألسنة رسله، فإن العبادة حقه على عباده، وحقه الذي أحقه هو ورضي به وشرعه.
وأما العقود والشروط والمعاملات فهي عفو ٌ، حتى يحرمها، ولهذا نعى الله سبحانه وتعالى على المشركين مخالفة هذين الأصلين، وهو تحريم ما لم يحرمه
والتقرب إليه بما لم يشرعه
…
) .
فإذا كان هذا هو حال المعاملات في الشرع فكيف تدخلها البدع؟
…
وللإجابة على هذا لا بد من إنعام النظر في أمور:
1-
المعنى العام الواسع للعبادة، يشمل المعاملات والعقود والعادات، كما مر معنا في شروط العمل المقبول
…
وقال النووي رحمه الله في شرحه لحديث: (وفي بضع أحدكم صدقة)، (وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات) وقال الغزالي:(وما من شيء ٍ المباحات إلا ويحتمل نية أو نيات يصير بها من محاسن القربات) .
2-
وردت نصوص شرعية تدل على اعتبار المعنى العبادي في المعاملات والعادات في الكسب والإنفاق، والإطعام والنكاح، ورد السلام واللباس والغرس، والبشاشة ومعاونة الضعيف، والإحسان إلى الحيوان، والنوم وغير ذلك، وهو كثير.
3-
قال شيخ الإسلام: (الأصل الثاني: أن نعبده بما شرع على ألسنة رسله ولا نعبده إلا بواجب ٍ أو مستحب ٍ، والمباح إذا قصد به الطاعة دخل في ذلك) . وقال: (لذات الدنيا ونعيمها إنما هي متاع ووسيلة إلى لذات الآخرة، وكذلك خلقت فكل لذة ٍ أعانت على لذات الآخرة، فهو مما أمر الله به ورسوله، ويثاب على ما يقصد بها وجهه
…
) .
4-
(الأمور المشروعة تارة ً تكون عبادية، وتارة عادية، فكلاهما مشروع
من قبل الشارع، فكما تقع المخالفة بالابتداع في أحدهما تقع في الآخر) .
5-
أفعال المكلفين إما أن تكون من قبيل التعبدات، وإما من قبيل العادات.. وقد ثبت في الأصول الشرعية، أنه لا بد في كل عادي ٍ من شائبة التعبد، لكونه مقيدا ً بأوامر الشرع، إلزاما ً أو تخييرا ً أو إباحة.
وبعد، فإن البدع لا تدخل في الأمور العادية إلا من الوجه العبادي فيها، فإذا ألحق المكلف حكما ً شرعيا ً بعمل ٍ عادي ٍ وقصد به القربة وهو في حقيقته ليس كذلك فقد ابتدع.
قال الحافظ ابن رجب: (فمن تقرب إلى الله بعمل ٍ لم يجعله اله ورسوله قربة إلى الله، فعمله باطل مردود عليه - إلى أن قال - كمن تقرب إلى الله بسماع الملاهي أو بالرقص، أو بكشف الرأس في غير الإحرام
…
)
ويمكن توضيح هذه المعاني كلها بالأمثلة:
ففي المعاملات:
وضع المكوس على الناس حتى أصبح أمرا ً محتوما ً دائما ً، أو في أوقاتٍ محددة ٍ على كيفيات ٍ مضروبة ٍ بحيث تضاهي المشروع كالزكاة.
ونكاح المحلل الذي يحتال به لإجازة ما هو حرام في الشرع، إذا اعتقد فاعلوه جواز ذلك، وحله في الشريعة، أما إذا لم يعتقدوا ذلك فيكون حراما ًومعصية لا بدعة.
وإنكار ذي الخويصرة على النبي صلى الله عليه وسلم توزيع الغنائم على