الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذم البدع
الإنسان عبد لله، خلقه ليكون كذلك، وكما أن الله - سبحانه - لم يخلقه عبثاً في أصل نشأته، فكذلك لم يتركه هملاً في شؤون حياته.
خلقه وعلمه ودله على طريق الخير الذي يوصل إليه سبحانه، وجعلها طريقاً واحدة، دليلها الكتاب وبابها الرسول، فمن أراد سلوك الطريق من غير دليل تاه، ومن أراد الولوج من غير باب الرسالة، وبدون مفتاح النبوة فقد ضيع دنياه وأخراه.
ولهذا جاء الأمر الحتمي الملزم بالاعتصام بالوحي المنزل؛ لكونه الصراط المستقيم الموصل.. وجاء النهي الشديد المحتم بترك ما سوى قصد السبيل، ونبذ الجائر المجافي للدليل.
وسوف أسرد بإيجاز بعض ما ورد من الكتاب والسنة والآثار في ذم البدع والتنفير منها، والنهي عنها، ثم أورد بعد ذلك باختصار بعض أقوال العلماء في ذلك.
والذم هنا يشمل كل أنواع البدع صغيرها وكبيرها، في الاعتقاد أو في الأعمال بالفعل أو بالترك سواء كانت بدعة حقيقية أم إضافية وذلك لعموم حديث المصطفى عليه السلام:"وكل بدعة ضلالة".
فمن آيات الكتاب المجيد في ذم البدع:
1-
قوله عز وجل: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) .
وقد جاء تفسيرها في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم كما روت عائشة رضي الله عنها أن الرسول عليه السلام تلا هذه الآية ثم قال: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم".
وكذلك فسرها ابن عباس رضي الله عنهما كما روى الآجري بسنده أنه ذكر لابن عباس رضي الله عنهما الخوارج وما يصيبهم عند قراءة القرآن فقال - رضي الله تعالى عنه -: (يؤمنون بمحكمه ويضلون عند متشابهه وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) .
2-
وقوله - جل وعلا: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق
بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) .
فالصراط المستقيم الذي أمر الله به هو سبيل الله والسبل الأخرى التي نهى الله عنها هي سبل أهل البدع.
والدليل على هذا ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيماً"، قال: ثم خط عن يمينه وشماله ثم قال: "هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) .
وما رواه أبو نعيم بسنده عن مجاهد في قوله: (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) قال: (البدع والشبهات) .
والنهي عن هذه السبل يدل على ذمها.
3-
وقوله سبحانه وتعالى:
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) .
وقد ورد ما يفسر هذه الآية من كلام الصادق صلى الله عليه وسلم كما نقل ذلك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله..".
ولما رأى الصحابي الجليل أبو أمامة - رضى الله عنه -رؤوس الخوارج منصوبة على درج مسجد دمشق قال: (كلاب النار ثلاثاً شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه ثم قرأ: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) الآيتين.
قل - القائل راوي الحديث أبو غالب - لأبي أمامة: أسمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو لم أسمعه إلا مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً أو ستاً أو سبعاً ما حدثتكم) .
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) بقوله: (فأما الذين ابيضت وجوههم: فأهل السنة والجماعة وأولوا العلم، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والضلالة) .
4-
وقوله - سبحانه -: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) .
قال الحافظ ابن كثير:
(أي عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائناً من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطناً وظاهراً (أن تصيبهم فتنة) ، أي في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة) .
5-
وقوله - تعالى -:
(وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) .
6-
وقوله - تعالى -:
(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) .
ومن أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذم البدع:
1-
قوله صلى الله عليه وسلم:
".. أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) . وزاد النسائي: "وكل ضلالة في النار".
2-
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
3-
وقوله صلى الله عليه وسلم كما روى العرباض بن سارية:
"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة".
4-
وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث معاوية بن أبي سفيان -
رضي الله عنهما - قال: (ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة".
5-
وقوله صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك أنس وعبد الله بن عمرو: "من رغب عن سنتي فليس مني".
6-
وعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أخشى عليكم بعدي بطونكم وفروجكم ومضلات الأهواء".