المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكاية [المملوك الصغير والصحفة] - رحلة ابن بطوطة ط أكاديمية المملكة المغربية - جـ ١

[ابن بطوطة]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌[مقدمة المحقق]

- ‌من حوافز التّفكير في هذا النشر الجديد

- ‌المخطوطات الثلاثون للرحلة

- ‌1- مخطوطة خزانة جامع القرويين بفاس رقم 561:

- ‌3- مخطوطة الخزانة الحسنية بالرباط رقم 4355:

- ‌4- مخطوطة الخزانة الحسنية رقم 3631:

- ‌5- مخطوطة الخزانة الحسنية رقم 8218:

- ‌6- مخطوطة الخزانة الحسنية رقم 356:

- ‌7- مخطوطة الخزانة الحسنية رقم 151:

- ‌8- مخطوطة الخزانة الحسنية رقم 3030:

- ‌11- مخطوطة الخزانة العامة 247 ق:

- ‌12- مخطوطة الخزانة العامة 248 ق:

- ‌13- مخطوطة خزانة وزّان 31:

- ‌14- مخطوطة خزانة مراكش رقم 412:

- ‌15- مخطوطة المكتبة الوطنية بباريز رقم 2289- 910:

- ‌16- مخطوطة المكتبة الوطنية بباريز رقم 2287- 909

- ‌17- مخطوطة المكتبة الوطنية بباريز رقم 2288- 911

- ‌18- مخطوطة المكتبة الوطنية بباريز رقم 2290- 908

- ‌19- مخطوطة المكتبة الوطنية بباريز رقم 2291- 907:

- ‌20- مخطوطة دار الكتب، تونس رقم 5048 ب:

- ‌23- مخطوطة الشيخ حمودة:

- ‌24- مخطوطة اللّمسي

- ‌25- مخطوطة وقف تيمور، دار الكتب المصرية نسخة (أ) :

- ‌26- مخطوطة أخرى من وقف تيمور…نسخة (ب) :

- ‌27- مخطوطة الفاتيكان رقم 1601

- ‌28- مخطوطة الفيومي رقم 4063

- ‌29-" منتخب الرحلة لمؤلف مجهول رقم 22741:

- ‌30- منتخب الأزهري 1278:

- ‌31- نسخة ضومباي النّمساوي

- ‌الأربعة الذين كانوا وراء إنجاز الرحلة

- ‌(1) السلطان أبو عنان

- ‌2) ابن ودرار

- ‌3) ابن جزي

- ‌4) ابن بطّوطة

- ‌بين ماركو بولو وابن بطوطة

- ‌رحلة ابن بطوطة في الدراسات الاستشراقية

- ‌اهتمام الكتّاب العرب بالرحلة

- ‌دراسات نقدية

- ‌النقوش كمصدر لابن بطوطة

- ‌الرحلة كمصدر لتاريخ العلاقات الدّولية

- ‌مكان رحلة ابن بطّوطة من أدب الرحلات

- ‌الفصل الأول المغرب الكبير

- ‌[كلام ابن جزيّ]

- ‌(قال ابن بطوطة)

- ‌ذكر سلطان تونس

- ‌الفصل الثاني مصر

- ‌ذكر أبوابها ومرساها

- ‌ذكر المنار

- ‌ذكر عمود السواري

- ‌ذكر بعض علماء الإسكندرية

- ‌حكاية [الفأل الحسن]

- ‌‌‌ذكر كرامة له

- ‌ذكر كرامة له

- ‌كرامة لأبي الحسن الشاذلي

- ‌ذكر حزب البحر المنسوب إليه

- ‌حكاية

- ‌كرامة لهذا الشيخ

- ‌[لحية الشيخ جمال الدين]

- ‌كرامة لهذا الشيخ

- ‌ذكر مسجد عمرو بن العاص والمدارس والمارستان والزوايا

- ‌ذكر قرافة مصر ومزاراتها

- ‌ذكر نيل مصر

- ‌ذكر الأهرام والبرابي

- ‌ذكر سلطان مصر

- ‌ذكر بعض أمراء مصر

- ‌ذكر القضاة بمصر في عهد دخولي إليها

- ‌حكاية [الملك الناصر يقعد للمظالم]

- ‌ذكر بعض علماء مصر وأعيانها

- ‌ذكر يوم المحمل بمصر

- ‌حكاية خصيب

- ‌حكاية [منبر ملك الناصر]

- ‌كرامة له

- ‌الفصل الثالث الشام وفلسطين

- ‌ذكر المسجد المقدس

- ‌ذكر قبة الصخرة

- ‌ذكر بعض المشاهد المباركة بالقدس الشريف

- ‌ذكر بعض فضلاء القدس

- ‌حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور

- ‌حكاية

- ‌حكاية [الملك الناصر وقاتل أخيه]

- ‌حكاية أدهم [الزاهد]

- ‌حكاية [المهدي الكاذب]

- ‌حكاية [ابن المؤيد الهجاء]

- ‌حكاية الصالحين اللبنانيين وحمار الوحش

- ‌ذكر جامع دمشق المعروف بجامع بني أمية

- ‌ذكر الأئمة بهذا المسجد

- ‌ذكر المدرسين والمعلمين به

- ‌ذكر قضاة دمشق

- ‌حكاية (الفقيه ابن تيميّة)

- ‌ذكر مدارس دمشق

- ‌حكاية [الشيخ ظهير الدّين وقاض القضاة]

- ‌ذكر أبواب دمشق

- ‌ذكر بعض المشاهد والمزارات بها

- ‌حكاية في سبب تسميته بذلك

- ‌[مسجد الأقدام بدمشق]

- ‌حكاية [الطاعون الأعظم في دمشق]

- ‌ذكر أرباض دمشق

- ‌ذكر قاسيون ومشاهده المباركة

- ‌ذكر الربوة والقرى التي تواليها

- ‌ذكر الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم

- ‌حكاية [المملوك الصّغير والصحفة]

- ‌ذكر سماعي بدمشق، ومن أجازني من أهلها

- ‌الفصل الرابع الحجاز

- ‌[إلى الحجاز]

- ‌ذكر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروضته الشريفة

- ‌ذكر ابتداء بناء المسجد الكريم

- ‌ذكر المنبر الكريم

- ‌ذكر الخطيب والامام بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما

- ‌حكاية [سراج الدين وحلمه]

- ‌ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به

- ‌حكاية [هذا الشيخ الذي جب نفسه]

- ‌ذكر بعض المجاورين بالمدينة الشريفة

- ‌حكاية [شيخ تاه في الجبال]

- ‌حكاية [المرتكب الصّعب]

- ‌ذكر أمير المدينة الشريفة

- ‌ذكر بعض المشاهد الكريمة بخارج المدينة الشريفة

- ‌حكاية [الهاتف بالليل]

- ‌ذكر مدينة مكة المعظمة

- ‌ذكر مسجد الحرام شرفه الله وكرمه

- ‌ذكر الكعبة المعظمة الشريفة زادها الله تعظيما وتكريما

- ‌ذكر الميزاب المبارك

- ‌ذكر الحجر الأسود

- ‌ذكر المقام الكريم

- ‌ذكر الحجر والمطاف

- ‌ذكر زمزم المباركة

- ‌ذكر أبواب المسجد الحرام وما دار به من المشاهد الشريفة

- ‌ذكر الصفا والمروة

- ‌ذكر الجبّانة المباركة

- ‌ذكر بعض المشاهد خارج مكة

- ‌ذكر الجبال المطيفة بمكة

- ‌حكاية [شيخ ضل طريقه]

- ‌ذكر أميري مكة

- ‌ذكر أهل مكة وفضائلهم

- ‌ذكر قاضي مكة وخطيبها، وإمام الموسم وعلمائها وصلحائها

- ‌حكاية مباركة

- ‌حكاية [قطع يد السارق]

- ‌ذكر بعض المجاورين بمكة

- ‌حكاية في فضله

- ‌حكاية [الشيخ سعيد الهندي]

- ‌حكاية [حسن المجنون]

- ‌ذكر عادة أهل مكة في صلواتهم ومواضع أئمتهم

- ‌ذكر عادتهم في الخطبة وصلاة الجمعة

- ‌ذكر عادتهم في استهلال الشهور

- ‌ذكر عادتهم في شهر رجب

- ‌ذكر عمرة رجب

- ‌ذكر عادتهم في ليلة النصف من شعبان

- ‌ذكر عادتهم في شهر رمضان المعظم

- ‌ذكر عادتهم في شوال

- ‌ذكر إحرام الكعبة

- ‌ذكر شعائر الحج وأعماله

- ‌ذكر كسوة الكعبة

- ‌ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى

- ‌الفصل الخامس العراق وفارس

- ‌مدينة النّجف

- ‌ذكر الروضة والقبور التي بها

- ‌ذكر نقيب الأشراف

- ‌حكاية الشريف أبي غرّة

الفصل: ‌حكاية [المملوك الصغير والصحفة]

تعديل الطرق ورصفها لأن أزقة دمشق لكلّ واحد منها رصيفان في جنبيه يمر عليهما المترجلون ويمر الرّكبان بين ذلك، ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير،

‌حكاية [المملوك الصّغير والصحفة]

مررت يوما ببعض أزقة دمشق فرأيت به مملوكا صغيرا قد سقطت من يده صحفة من الفخار الصّيني وهم يسمونها الصحن، فتكسرت واجتمع عليه الناس، فقال له بعضهم:

اجمع شقفها واحملها معك لصاحب أوقاف الأواني، فجمعها وذهب الرجل معه إليه فأراه إياها، فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن، وهذا من أحسن الأعمال فإن سيد الغلام لا بدّ له أن يضربه على كسر الصحن أو ينهره، وهو أيضا ينكسر قلبه ويتغير لأجل ذلك فكان هذا الوقف جبرا للقلوب، جزى الله خيرا من تسامت همته في الخير إلى مثل هذا.

وأهل دمشق يتنافسون في عمارة المساجد والزوايا والمدارس والمشاهد، وهم يحسنون الظن بالمغاربة ويطمئنون اليهم بالأموال والأهلين والأولاد «291» ، وكلّ من انقطع بجهة من جهات دمشق لا بد أن يتأتى له وجه من المعاش من إمامة مسجد أو قراءة بمدرسة أو ملازمة مسجد يجيء إليه فيه رزقه، أو قراءة القرآن أو خدمة مشهد من المشاهد المباركة أو يكون لجملة الصوفية بالخوانق تجرى له النفقة والكسوة، فمن كان بها غريبا على خير لم يزل مصونا عن بذل وجهه محفوظا عما يزري بالمروّة، ومن كان من أهل المهنة والخدمة فله أسباب أخرى من حراسة بستان أو أمانة طاحونة أو كفالة صبيان يغدو معهم إلى التعليم ويروح، ومن أراد طلب العلم أو التفرغ للعبادة وجد الاعانة التّامة على ذلك.

ومن فضائل أهل دمشق أنه لا يفطر أحد منهم في ليالي رمضان وحده البتة، فمن كان من الأمراء والقضاة والكبراء فإنه يدعو أصحابه والفقراء يفطرون عنده، ومن كان من التجار وكبار السوقة صنع مثل ذلك، ومن كان من الضعفاء والبادية فإنهم يجتمعون كلّ ليلة في دار أحدهم أو في مسجد ويأتي كل أحد بما عنده فيفطرون جميعا.

ص: 331

ولما وردت دمشق وقعت بيني وبين نور الدين السخاوي مدرس المالكية صحبة فرغب منى أن أفطر عنده في ليالي رمضان فحضرت عنده أربع ليال، ثم أصابتني الحمى فغبت عنه فبعث في طلبي فإعتذرت بالمرض فلم يسعنى عذرا فرجعت إليه وبتّ عنده، فلما أردت الانصراف بالغد منعني من ذلك وقال لي: احسب داري كأنها دارك أو دار أبيك أو أخيك، وأمر بإحضار طبيب وأن يصنع لي بداره كل ما يشتهيه الطبيب من دواء أو غداء، وأقمت كذلك عنده إلى يوم العيد، وحضرت المصلى «292» وشفاني الله تعالى مما أصابني، وقد كان ما عندي من النفقة نفد، فعلم بذلك فإكترى لي جمالا وأعطاني الزاد وسواه، وزادني دراهم وقال لي: تكون لما عسى أن يعن لك من أمر مهم، جزاه الله خيرا. وكان بدمشق فاضل من كتاب الملك الناصر يسمى عماد الدين القيصراني «293» من عادته أنه متى سمع أن مغربيّا وصل إلى دمشق بحث عنه وأضافه وأحسن إليه، فإن عرف منه الدين والفضل أمره بملازمته، وكان يلازمه منهم جماعة، وعلى هذه الطريقة أيضا كاتب السر الفاضل علاء الدين بن غانم «294» وجماعة غيره.

وكان بها فاضل من كبرائها وهو الصاحب عزّ الدين القلانسي «295» ، له مآثر ومكارم وفضائل وإيثار، وهو ذو مال عريض، وذكروا أن الملك الناصر لما قدم دمشق أضافه وجميع أهل دولته ومماليكه وخواصّه ثلاثة أيام فسمّاه اذ ذاك بالصّاحب.

ومما يؤثر من فضائلهم أن أحد ملوكهم السالفين لما نزل به الموت أوصى أن يدفن

ص: 332

بقبلة الجامع المكرّم ويخفى قبره وعين أوقافا عظيمة لقراء يقرءون سبعا من القرآن الكريم في كلّ يوم إثر صلاة الصبح بالجهة الشرقية من مقصورة الصحابة رضي الله عنهم حيث قبره، فصارت قراءة القرآن على قبره لا تنقطع أبدا، وبقى ذلك الرسم الجميل بعده مخلدا.

ومن عادة أهل دمشق وسائر تلك البلاد أنهم يخرجون بعد صلاة العصر من يوم عرفة فيقفون بصحون المساجد كبيت المقدس وجامع بني أمية وسواها ويقف بهم أئمتهم كاشفي رؤوسهم، داعين خاضعين خاشعين ملتمسين البركة ويتوخّون الساعة التي يقف فيها وفد الله تعالى وحجاج بيته بعرفات، ولا يزالون في خضوع ودعاء وابتهال وتوسل إلى الله تعالى بحجاج بيته إلى أن تغيب الشمس فينفرون كما ينفر الحاج باكين على ما حرموه من ذلك الموقف الشريف بعرفات داعين إلى الله تعالى أن يوصلهم اليها ولا يخليهم من بركة القبول فيما فعلوه.

ولهم أيضا في إتباع الجنائز رتبة عجيبة، وذلك أنهم يمشون أمام الجنازة والقرّاء يقرءون القرآن بالأصوات الحسنة والتلاحين المبكية التي تكاد النفوس تطير لها رقة، وهم يصلون على الجنائز بالمسجد الجامع قبالة المقصورة، فإن كان الميت من أيمة الجامع أو مؤذنيه أو خدامه أدخلوه بالقراءة إلى موضع الصلاة عليه، وإن كان من سواهم قطعوا القراءة عند باب المسجد ودخلوا بالجنازة، وبعضهم يجتمع له بالبلاط الغربي من الصحن بمقربة من باب البريد فيجلسون وأمامهم ربعات القرآن يقرءون فيها، ويرفعون أصواتهم بالنداء لكل من يصل للعزاء من كبار البلدة وأعيانها، ويقولون: بسم الله فلان الدّين من كمال وجمال وشمس وبدر وغير ذلك، فإذا أتموا القراءة قام المؤذنون فيقولون: افتكروا واعتبروا، صلاتكم على فلان الرجل الصالح العالم، ويصفونه بصفات من الخير ثم يصلّون عليه ويذهبون به إلى مدفنه.

ولاهل الهند رتبة عجيبة في الجنائز ايضا زائدة على ذلك وهي أنهم يجتمعون بروضة الميت صبيحة الثلاث من دفنه وتفرش الروضة بالثياب الرفيعة، ويكسى القبر بالكسى الفاخرة وتوضع حوله الرياحين من الورد والنّسرين والياسمين، وذلك النوار لا ينقطع عندهم، ويأتون بأشجار الليمون والأترج ويجعلون فيها حبوبها إن لم تكن فيها، ويجعل صيوان يظلّل الناس نحوه، ويأتي القضاة والأمراء ومن يماثلهم فيقعدون، ويقابلهم القراء، ويؤتى بالربعات الكرام فيأخذ كل واحد منهم جزء فإذا تمت القراءة من القراء بالأصوات الحسان يدعو القاضي ويقوم قائما ويخطب خطبة معدة لذلك، ويذكر فيها الميت ويرثيه بأبيات شعر، ويذكر أقاربه

ص: 333