الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحارة فيطرحها في القدر التي يطبخ فيها السكر ثم يخرجها وقد امتلأت سكرا فينصرف بها.
وسافرت من منلوي المذكورة إلى مدينة منفلوط «171» وهي مدينة حسن رواؤها، مؤنق بناؤها، على ضفة النيل، شهيرة البركة، وضبط اسمها بفتح الميم وإسكان النون وفتح الفاء وضم اللام وآخرها طاء مهمل.
حكاية [منبر ملك الناصر]
أخبرني أهل هذه المدينة أن الملك الناصر رحمه الله أمر بعمل منبر عظيم محكم الصنعة بديع الإنشاء برسم المسجد الحرام زاده الله شرفا وتعظيما، فلما تم عمله أمر أن يصعد به في النيل ليجاز إلى بحر جدة، ثم إلى مكة شرفها الله، فلما وصل المركب الذي احتمله إلى منفلوط وحاذى مسجدها الجامع وقف وامتنع من الجري مع مساعدة الريح، فعجب الناس من شأنه أشد العجب وأقاموا أياما لا ينهض بهم المركب فكتبوا بخبره إلى الملك الناصر رحمه الله، فأمر أن يجعل ذلك المنبر بجامع مدينة منفلوط ففعل ذلك، وقد عاينته بها.
ويصنع بهذه المدينة شبه العسل يستخرجونه من القمح ويسمونه النّيدا «172» يباع بأسواق مصر.
وسافرت من هذه المدينة إلى مدينة أسيوط «173» وهي مدينة رفيعة، أسواقها بديعة، وضبط اسمها بفتح الهمزة والسين المهملة والياء آخر الحروف وواو وطاء مهملة، وقاضيها شرف الدين بن عبد الرحيم الملقب" بحاصل ما ثمّ" لقب شهر به، وأصله أن القضاة بديار مصر والشام بأيديهم الأوقاف والصدقات لابناء السبيل فإذا أتى فقير لمدينة من المدن قصد
القاضي بها فيعطيه ما قدر له، فكان هذا القاضي إذا أتى الفقير يقول له:(حاصل ما ثم)«174» ! أي لم يبق من المال الحاصل شيء، فلقّب بذلك ولزمه.
وبها من المشايخ الفضلاء الصالح شهاب الدين بن الصباغ، أضافني بزاويته، وسافرت منها إلى مدينة إخميم «175» وهي مدينة عظيمة أصيلة البنيان، عجيبة الشأن بها البربي المعروف باسمها، وهو مبني بالحجارة في داخله نقوش وكتابة للأوائل، لا تفهم في هذا العهد وصور الأفلاك والكواكب، ويزعمون أنها بنيت والنسر الطائر ببرج العقرب، وبها صور الحيوانات وسواها، وعند الناس في هذه الصور أكاذيب لا يعرج عليها.
وكان بإخميم رجل يعرف بالخطيب أمر على هدم بعض هذه البرابي وابتنى بحجارتها مدرسة، وهو رجل موسر معروف بالإيثار، ويزعم حساده أنه استفاد ما بيده من المال من ملازمته لهذه البربى. ونزلت من هذه المدينة بزاوية الشيخ أبي العباس بن عبد الظاهر، «176» وبها تربة جدّه عبد الظاهر، وله من الاخوة ناصر الدين ومجد الدين وواحد الدين، ومن عادتهم أن يجتمعوا جميعا بعد صلاة الجمعة ومعهم الخطيب نور الدين المذكور وأولاده وقاضي المدينة الفقيه مخلص وسائر وجوه أهلها فيختمون القرآن ويذكرون الله إلى صلاة العصر، فإذا صلوها قرأوا سورة الكهف ثم انصرفوا.
وسافرت من إخميم إلى مدينة (هو)«177» مدينة كبيرة بساحل النيل، وضبطها بضم الهاء، نزلت منها بمدرسة تقي الدين ابن السراج ورأيتهم يقرءون بها في كل يوم بعد صلاة الصبح حزبا من القرآن ثم يقرءون أوراد الشيخ أبي الحسن الشاذلي وحزب البحر وبهذه المدينة السيد الشريف أبو محمد عبد الله الحسنى من كبار الصالحين.