الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضع مستريحا عند مجيئه من عمرته فيتبرك الناس بتقبيله ويستندون إليه. ومنها التنعيم، وهو على فرسخ من مكة، ومنه يعتمر أهل مكة وهو أدنى الحلّ إلى الحرم، ومنه اعتمرت أم المومنين عائشة رضي الله عنها حين بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما في حجة الوداع مع أخيها عبد الرحمن رضي الله عنه، وأمره أن يعمرها من التنعيم، وبنيت هنالك مساجد ثلاثة على الطريق تنسب كلها إلى عائشة رضي الله عنها، وطريق التّنعيم طريق فسيح، والناس يتحرون كنسه في كلّ يوم رغبة في الأجر والثواب لأن من المعتمرين من يمشي فيه حافيا، وفي هذا الطريق الآبار العذبة التي تسمى الشّبيكة.
ومنها الزاهر وهو على نحو ميلين من مكة على طريق التنعيم، وهو موضع على جانبي الطريق فيه أثر دور وبساتين وأسواق، وعلى جانب الطريق دكان مستطيل تصفّ عليه كيزان الشّرب وأواني الوضوء يملأها خديم ذلك الموضع من أبار الزاهر وهي بعيدة القعر جدّا، والخديم من الفقراء المجاورين، وأهل الخير يعينونه على ذلك لما فيه من المرفقة للمعتمرين من الغسل والشرب والوضوء، وذو طوى يتصل بالزاهر.
ذكر الجبال المطيفة بمكة
.
فمنها جبل أبي قبيس، وهو في جهة الجنوب والشرق من مكة حرسها الله وهو أحد الأخشبين وأدنى الجبال من مكة شرفها الله، ويقابل ركن الحجر الأسود، وبأعلاه مسجد «175» وأثر رباط وعمارة، وكان الملك الظاهر «176» رحمه الله أراد أن يعمّره، وهو مطلّ على الحرم الشريف وعلى جميع البلد، ومنه يظهر حسن مكة شرّفها الله، وجمال الحرم واتساعه، والكعبة المعظمة، ويذكر أن جبل أبي قبيس هو أول جبل خلقه الله تعالى وفيه استودع الحجر زمان الطوفان، وكانت قريش تسميه الأمين، لأنه أدى الحجر الذي أستودع فيه إلى الخليل إبراهيم عليه السلام، ويقال: إن قبر آدم عليه السلام به، وفي جبل أبي قبيس موضع موقف النبي صلى الله عليه وسلم تسليما حين انشق له القمر «177» ، ومنها قعيقعان «178» وهو أحد
الأخشبين ومنها الجبل الأحمر «179» وهو في جهة الشمال من مكة شرفها الله، ومنها الخندمة «180» وهو جب عند الشعبين المعروفين بأجياد الأكبر وأجياد الأصغر.
ومنها جبال الطير، وهي أربعة عن جهتي طريق التّنعيم، يقال إنها الجبال التي وضع عليها الخليل عليه السلام أجزاء الطير ثم دعاها حسبما نص الله في كتابه العزيز «181» ، وعليها أعلام من حجارة.
ومنها جبل حراء وهو في الشمال «182» من مكة شرّفها الله تعالى، على نحو فرسخ منها وهو مشرف على منى ذاهب في الهواء عالي القنّة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما، يتعبّد فيه كثيرا قبل المبعث، وفيه أتاه الحق من ربه وبدأ الوحي، وهو الذي إهتزّ تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما: أثبت فما عليك إلا نبيّ وصدّيق وشهيد واختلف فيمن كان معه يومئذ، وروى أن العشرة كانوا معه، وقد روى أيضا أن جبل ثبير اهتز تحته أيضا.
ومنها جبل ثور وهو على مقدار فرسخ من مكة شرفها الله تعالى، على طريق اليمن، وفيه الغار الذي أوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما حين خروجه مهاجرا من مكة شرفها الله ومعه الصدّيق رضي الله عنه حسبما ورد في الكتاب العزيز «183» .
وذكر الأزرقي في كتابه: أن الجبل المذكور نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما، وقال: إليّ يا محمد إليّ إليّ، فقد أويت قبلك سبعين نبيا فلما دخل رسول الله الغار وإطمأن به وصاحبه الصّديق معه نسجت العنكبوت من حينها على باب الغار وصنعت الحمامة عشا، وفرخت فيه بإذن الله تعالى فانتهى المشركون ومعهم قصّاص الأثر إلى الغار، فقالوا: ها هنا انقطع الأثر ورأوا العنكبوت قد نسج على فم الغار والحمام مفرّخة، فقالوا:
ما دخل أحد هنا، وانصرفوا فقال الصديق: يا رسول الله لو ولجوا علينا منه؟ قال: كنا نخرج من هنا، وأشار بيده المباركة إلى الجانب الآخر ولم يكن فيه باب، فانفتح فيه باب للحين بقدرة الملك الوهاب.