الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعافية في ديننا ودنيانا وكن لنا صاحبا في سفرنا، وخليفة في أهلنا وأطمس على وجوه أعدائنا وامسخهم على مكانتهم فلا يستطيعون المضيّ ولا المجيء الينا، ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنّى يبصرون، ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون «25» يس شاهت الوجوه، وعنت الوجوه للحي القيوم، وقد خاب من حمل ظلما «26» ، طسّ «27» ، حم عسق «28» ، مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان «29» ، حم حم حم حم حم حم حم «30» ، حمّ الأمر وجاء النصر، فعلينا لا ينصرون، حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل الثوب شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلّا هو، إليه المصير «31» ، بسم الله بابنا تبارك حيطاننا، يسّ سقفنا، كهيعص كفايتنا، حم عسق حمايتنا، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، «32» ستر العرش مسبول علينا، وعين الله ناظرة" إلينا، بحول الله لا يقدر علينا، والله من ورائهم محيط، بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ «33» ، الله خير حفظا وهو أرحم الرّاحمين، إن وليّى الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء" في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. له معقّبات" من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله «34» ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
حكاية
وممّا جرى بمدينة الاسكندرية سنة سبع وعشرين- وبلغنا خبر ذلك بمكة شرفها
بالكركي «35» فذهب إلى حماية الروم، وأمر بالمسلمين فحضروا بين فصيلي باب المدينة، وأغلق دونهم الأبواب نكالا لهم فأنكر الناس ذلك وأعظموه وكسروا الباب وثاروا إلى منزل الوالي فتحصّن منهم وقاتلهم من أعلاه، وطيّر الحمام «36» بالخبر إلى الملك الناصر فبعث أميرا يعرف بالجمالي «37» ثم أتبعه أميرا يعرف بطوغان، جبار قاسي القلب متهم في دينه، يقال: إنه كان يعبد الشمس، فدخلا إسكندرية وقبضا على كبار أهلها وأعيان التجار بها كأولاد الكوبك وسواهم وأخذا منهم الأموال الطائلة وجعلت في عنق القاضي عماد الدين الكندي جامعة حديد، ثم أن الأميرين قتلا من أهل المدينة ستة وثلاثين رجلا وجعلوا كل رجل قطعتين وصلّبوهم صفين وذلك في يوم جمعة.
وخرج الناس على عادتهم بعد الصلاة لزيارة القبور وشاهدوا مصارع القوم فعظمت حسرتهم وتضاعفت أحزانهم وكان في جملة أولئك المصلوبين تاجر كبير القدر يعرف بابن رواحة وكان له قاعة معدة للسلاح فمتى كان خوف أو قتال جهز منها الماية والمايتين من الرجال بما يكفيهم من الاسلحة.
وبالمدينة قاعات على هذه الصورة لكثير من أهلها، فزلّ لسانه وقال للأميرين أنا أضمن هذه المدينة وكلما يحدث فيها أطالب به، وأحوط على السلطان مرتّبات العساكر والرجال. فأنكر الاميران قوله، وقالا: إنما تريد الثورة على السلطان! وقتلاه
…
وانما كان قصده رحمه الله إظهار النصح والخدمة للسلطان، فكان فيه حتفه.
وكنت سمعت أيام كوني بالإسكندرية بالشيخ الصالح العابد المنقطع المنفق من الكون أبي عبد الله المرشدي «38» وهو من كبار الأولياء المكاشفين أنه منقطع بمنية ابن مرشد، له هنالك زاوية هو منفرد فيها لا خديم له ولا صاحب ويقصده الأمراء والوزراء وتأتيه الوفود من طوائف الناس في كل يوم فيطعمهم الطعام، وكل واحد منهم ينوي أن يأكل عنده طعاما أو فاكهة أو حلواء فيأتي لكل واحد بما نواه! وربما كان ذلك في غير إبانه، ويأتيه الفقهاء لطلب الخطط فيولي ويعزل، وذلك كله من أمره مستفيض متواتر، وقد قصده الملك الناصر مرات بموضعه، فخرجت من مدينة الاسكندرية قاصدا هذا الشيخ نفعنا الله به. ووصلت قرية تروجة «39» وضبطها بفتح التاء المعلوة والراء وواو وجيم مفتوح.
وهي على مسيرة نصف يوم من مدينة الإسكندرية، قرية كبيرة بها قاض ووال وناظر، ولأهلها مكارم أخلاق ومروءة، صحبت قاضيها صفي الدين وخطيبها فخر الدين وفاضلا من أهلها يسمى بمبارك وينعت بزين الدين، ونزلت بها على رجل من العبّاد الفضلاء كبير القدر يسمى عبد الوهاب، وأضافني ناظرها زين الدين ابن الواعظ، وسألني عن بلدي وعن مجباه فأخبرته أن مجباه نحو اثني عشر ألفا من دينار الذهب، فعجب، وقال لي: رأيت هذه القرية؟
فإن مجباها اثنان وسبعون الف دينار ذهبا. وإنما عظمت مجابي ديار مصر لأن جميع أملاكها لبيت المال. ثم «40» خرجت من هذه القرية فوصلت مدينة دمنهور «41» وهي مدينة
كبيرة جبايتها كثيرة، ومحاسنها أثيرة، أمّ مدن البحيرة «42» بأسرها، وقطبها الذي عليه مدار أمرها، وضبطها بدال مهملة وميم مفتوحين ونون ساكنة وهاء مضمومة وواو وراء، وكان قاضيها في ذلك العهد فخر الدين بن مسكين «43» من فقهاء الشافعية وتولى قضاء الاسكندرية لما عزل عنها عماد الدين الكندي بسبب الوقعة التي قصصناها، وأخبرني الثقة أن ابن مسكين أعطى خمسة وعشرين الف درهم، وصرفها من دنانير الذهب ألف دينار «44» ، على ولاية القضاء بالاسكندرية. ثم رحلنا إلى مدينة فوّا «45» وهذه المدينة عجيبة المنظر، حسنة المخبر، بها البساتين الكثيرة، والفوائد الخطيرة الأثيرة، وضبطها بالفاء والواو المفتوحين مع تشديد الواو، وبها قبر الشيخ الولي أبي النجاة الشهير الاسم، خبير تلك البلاد، وزاوية الشيخ أبي عبد الله المرشدي الذي قصدته بمقربة من المدينة يفصل بينهما خليج هنالك، فلما وصلت المدينة تعديتها ووصلت إلى زاوية الشيخ المذكور قبل صلاة العصر وسلّمت عليه ووجدت عنده الأمير سيف الدين يلملك «46» وهو من كبار الأمراء الخاصّكية.
«47» وأول اسمه (يا) آخر الحروف، ولامه الأولى مسكنة والثانية مفتوحة مثل الميم، والعامة تقول فيه: الملك فيخطئون، ونزل هذا الأمير بعسكره خارج الزاوية، ولما دخلت على الشيخ رحمه الله قام إلى وعانقني، وأحضر طعاما فواكلني، وكانت عليه جبة صوف خضراء وعمامة صوف سوداء، فلما حضرت صلاة العصر قدمني للصلاة إماما وكذلك لكل من حضرني