الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مشاهده بالغرب منه مغارة الدّم «276» وفوقها بالجبل دم هابيل بن آدم عليه السلام، وقد أبقى الله منه في الحجارة أثرا محمرّا، وهو الموضع الذي قتله أخوه به واجترّه إلى المغارة، ويذكر أن تلك المغارة صلى فيها ابراهيم وموسى وعيسى وأيوب ولوط صلى الله عليهم أجمعين، وعليها مسجد متقن البناء يصعد إليه على درج، وفيه بيوت ومرافق للسكنى، ويفتح في كل يوم اثنين وخمسين، والشمع والسرج توقد في المغارة.
ومنها كهف بأعلى الجبل ينسب لآدم عليه السلام «277» ، وعليه بناء وأسفل منه مغارة تعرف بمغارة الجوع «278» . يذكر أنه أوى إليها سبعون من الأنبياء عليهم السلام، وكان عندهم رغيف فلم يزل يدور عليهم وكل منهم يؤثر صاحبه به حتى ماتوا جميعا صلى الله عليهم، وعلى هذه المغارة مسجد مبني والسرج تقد به ليلا ونهارا.
ولكل مسجد من هذه المساجد أوقاف كثيرة معينة ويذكر أن فيما بين باب الفراديس وجامع قاسيون «279» مدفن سبعمائة نبي، وبعضهم يقول سبعين ألفا، وخارج المدينة المقبرة العتيقة، وهي مدفن الأنبياء والصالحين وفي طرفها مما يلي البساتين أرض منخفضة غلب عليها الماء، يقال إنها مدفن سبعين نبيّا وقد عادت قرارا للماء ونزهت من أن يدفن فيها أحد.
ذكر الربوة والقرى التي تواليها
وفي آخر جبل قاسيون الربوة المباركة «280» المذكورة في كتاب الله ذات القرار والمعين ومأوى المسيح عيسى وأمه عليهما السلام «281» ، وهي من أجمل مناظر الدنيا ومنتزهاتها وبها القصور المشيّدة والمباني الشريفة والبساتين البديعة والمأوى المبارك، مغارة صغيرة في
وسطها كالبيت الصغير وبازائها بيت، يقال إنه مصلى الخضر عليه السلام «282» يبادر الناس إلى الصلاة فيهما وللمأوى باب حديد صغير والمسجد يدور به، وله شوارع دائرة وسقاية حسنة ينزل لها الماء من علو، وينصبّ في شاذروان «283» في الجدار يتّصل بحوض من رخام ويقع فيه الماء ولا نظير له في الحسن وغرابة الشكل. وبقرب ذلك مطاهر للوضوء يجري فيها الماء.
وهذه الربوة المباركة هي رأس بساتين دمشق وبها منابع مياهها «284» وينقسم الماء الخارج منها على سبعة أنهار كل نهر آخذ في جهة ويعرف ذلك الموضع بالمقاسم، وأكبر هذه الأنهار النهر المسمى بتورة، وهو يشق تحت الربوة وقد نحت له مجرى في الحجر الصلد كالغار الكبير «285» ، وربما انغمس ذو الجسارة من العوّامين في النهر من أعلى الربوة واندفع في الماء حتى يشق مجراه ويخرج من أسفل الربوة، وهي مخاطرة عظيمة، وهذه الربوة تشرف على البساتين الدائرة بالبلد، ولها من الحسن واتساع مسرح الأبصار ما ليس لسواها، وتلك الأنهار السبعة تذهب في طرق شتى فتحار الأعين في حسن اجتماعها وافتراقها واندفاعها وانصبابها، وجمال الربوة وحسنها التام أعظم من أن يحيط به الوصف، ولها الأوقاف الكثيرة من المزارع والبساتين والرباع، تقام منها وظايفها للإمام والمؤذن والصادر والوارد.