الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جهة الشمال، وهي الآن يجعل بها ماء زمزم في قلال يسمونها الدّوارق «134» ، وكلّ دورق له مقبض واحد، وتترك بها ليبرد فيها الماء فيشربه الناس.
وبها اختزان المصاحف الكريمة والكتب التي للحرم الشريف، وبها خزانة تحتوي على تابوت مبسوطة متسع فيه مصحف كريم بخط زيد بن ثابت «135» رضي الله عنه منتسخ سنة ثمان عشرة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما، «136» وأهل مكة إذا أصابهم قحط أو شدة أخرجوا هذا المصحف الكريم وفتحوا باب الكعبة الشريفة ووضعوه على العتبة الشريفة ووضعوا في مقام إبراهيم عليه السلام، واجتمع الناس كاشفين رؤوسهم داعين متضرعين متوسلين بالمصحف العزيز فلا ينفصلون إلا وقد تداركهم الله برحمته، وتغمدهم بلطفه.
ويلي قبة العباس رضي الله عنه على انحراف منها القبّة المعروفة بقبة اليهودية «137»
ذكر أبواب المسجد الحرام وما دار به من المشاهد الشريفة
.
وأبواب المسجد الحرام شرّفه الله تعالى تسعة عشر بابا، وأكثرها مفتحة على أبواب كثيرة، فمنها باب الصّفا وهو مفتح على خمسة أبواب وكان قديما يعرف بباب بني مخزوم «138» ، وهو أكبر أبواب المسجد، ومنه يخرج إلى المسعى، ويستحب للوافد على مكة أن يدخل للمسجد الحرام شرّفه الله من باب بني شيبة ويخرج بعد طوافه من باب الصّفا جاعلا طريقه بين الاسطوانتين اللتين أقامهما أمير المؤمنين المهدي رحمه الله علما على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما إلى الصفا.
ومنها باب أجياد الأصغر «139» مفتح على بابين، ومنها باب الخياطين مفتح على بابين، ومنها باب العباس رضي الله عنه مفتح على ثلاثة أبواب «140» ، ومنها باب النبي صلى الله عليه وسلم تسليما «141» مفتح على بابين، ومنها باب بني شيبة «142» ، وهو في ركن الجدار الشرقي من جهة الشمال أمام باب الكعبة الشريفة متياسرا وهو مفتح على ثلاثة أبواب، وهو باب بني عبد شمس، ومنه كان دخول الخلفاء، ومنها باب صغير إزاء باب بني شيبة لا اسم له، وقيل يسمى باب الرّباط «143» لأنه يدخل منه لرباط السّدرة، ومنها باب الندوة، ويسمى بذلك ثلاثة أبواب: اثنان منتظمان والثالث في الركن الغربي من دار الندوة، ودار الندوة قد جعلت مسجدا شارعا في الحرم مضافا إليه وهي تقابل الميزاب، ومنها باب صغير لدار العجلة «144» ، محدث، ومنها باب السدّة «145» واحد، ومنها باب العمرة «146» واحد، وهو من أجمل أبواب الحرم، ومنها باب إبراهيم «147» واحد، والناس مختلفون في تسميته: فبعضهم ينسبه إلى إبراهيم الخليل عليه السلام، والصحيح أنه منسوب إلى إبراهيم الخوزي من الأعاجم «148» ، ومنها باب الحزورة «149» مفتح على بابين، ومنها باب أجياد الأكبر «150» مفتّح على بابين، ومنها باب ينسب إلى أجياد أيضا مفتح على بابين
«151» ، وباب ثالث ينسب إليه مفتّح على بابين، ويتصل لباب الصفا، ومن الناس من ينسب البابين من هذه الاربعة المنسوبة للأجياد إلى الدقّاقين «152» .
وصوامع المسجد الحرام خمس «153» إحداهنّ على ركن أبي قبيس عند باب الصفا، والأخرى على ركن باب بني شيبة، والثالثة على باب دار الندوة، والرابعة على ركن باب السّدّة، والخامسة على ركن أجياد.
وبمقربة من باب العمرة مدرسة عمّرها السلطان المعظم يوسف ابن رسول ملك اليمن المعروف بالملك المظفر الذي تنسب إليه الدراهم المظفرية باليمن، وهو كان يكسو الكعبة إلى أن غلبه على ذلك الملك المنصور «154» قلاوون.
وبخارج باب إبراهيم زاوية كبيرة فيها دار إمام المالكية الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المدعو بخليل «155» ، وعلى باب إبراهيم قبة عظيمة مفرطة السمو قد صنع في
داخلها من غرائب صنع الجص ما يعجز عنه الوصف، وبإزاء هذا الباب عن يمين الداخل إليه كان يقعد الشيخ العابد جلال الدين محمد بن أحمد الأقشهري «156» ، وخارج باب إبراهيم بئر تنسب كنسبته، وعنده أيضا دار الشيخ الصالح دانيال العجمي الذي كانت صدقات العراق في أيام السلطان أبي سعيد «157» تأتي على يديه، وبمقربة منه رباط الموفّق، وهو من أحسن الرّباطات، وسكنته أيام مجاورتي بمكة العظيمة، وكان به في ذلك العهد الشيخ الصالح أبو عبد الله الزواوي «158» المغربي، وسكن به أيضا الشيخ الصالح الطيار سعادة الجوّاني، ودخل يوما إلى بيته بعد صلاة العصر فوجد ساجدا مستقبل الكعبة الشريفة ميتا من غير مرض كان به، رضي الله عنه، وسكن به الشيخ الصالح شمس الدين محمد الشامي نحوا من أربعين سنة، وسكن به الشيخ الصالح شعيب المغربي «159» من كبار الصالحين، دخلت عليه يوما فلم يقع بصري في بيته على شيء سوى حصير فقلت له في ذلك، فقال لي: أستر عليّ ما رأيت.
وحول الحرم الشريف دور كثيرة لها مناظر وسطوح يخرج منها إلى سطح الحرم، وأهلها في مشاهدة البيت الشريف على الدوام، ودور لها أبواب تفضي إلى الحرم، منها دار زبيدة زوج الرشيد أمير المؤمنين «160» ، ومنها دار العجلة ودار الشرابي وسواها.
ومن المشاهد الكريمة بمقربة من المسجد الحرام قبة الوحي ودار خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها بمقربة من باب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي البيت قبة صغيرة حيث ولدت