الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجع، ويقال إن بمصر من السقائين على الجمال اثنى عشر ألف سقاء وإن بها ثلاثين ألف مكار «80» ، وإن بنيلها من المراكب ستة وثلاثين ألفا للسلطان والرعية، تمر صاعدة إلى الصعيد، ومنحدرة إلى الاسكندرية ودمياط بأنواع الخيرات والمرافق، وعلى ضفة النّيل مما يواجه مصر الموضع المعروف بالروضة، وهو مكان النزهة والتفرج، وبه البساتين الكثيرة الحسنة.
وأهل مصر ذوو طرب وسرور ولهو، شاهدت بها مرة فرجة بسبب برء الملك الناصر من كسر أصاب يده «81» فزين كل أهل سوق سوقهم وعلقوا بحوانيتهم الحلل والحلي وثياب الحرير وبقوا على ذلك أياما.
ذكر مسجد عمرو بن العاص والمدارس والمارستان والزوايا
ومسجد عمرو بن العاص «82» مسجد شريف كبير القدر شهير الذكر، تقام فيه الجمعة، والطريق يعترضه من شرق إلى غرب، وبشرقه الزاوية حيث كان يدرس الإمام أبو عبد الله الشافعي «83» . وأما المدارس بمصر فلا يحيط أحد بحصرها لكثرتها «84» ، وأما المارستان الذي بين القصرين عند تربة الملك المنصور قلاوون «85» فيعجز الواصف عن محاسنه، وقد أعد فيه من المرافق والأدوية ما لا يحصر، ويذكر أن مجباه ألف دينار كل يوم.
وأما الزوايا فكثيرة وهم يسمونها الخوانق «86» ، واحدتها خانقه والأمراء بمصر يتنافسون في بناء الزوايا، وكل زاوية بمصر معينة لطائفة من الفقراء وأكثرهم الأعاجم، وهم أهل أدب ومعرفة بطريقة التصوف، ولكل زاوية شيخ وحارس، وترتيب أمورهم عجيب.
ومن عوائدهم في الطعام أنه يأتي خديم الزاوية إلى الفقراء صباحا فيعين له كلّ واحد ما يشتهيه من الطعام، فإذا اجتمعوا للأكل جعلوا لكل إنسان خبزه ومرقه في إناء على حدة لا يشاركه فيه أحد وطعامهم مرّتان في اليوم ولهم كسوة الشتاء وكسوة الصيف، ومرتب شهري من ثلاثين درهما للواحد في الشهر إلى عشرين، ولهم الحلاوة من السكر في كل ليلة جمعة، والصابون لغسل أثوابهم والأجرة لدخول الحمام والزيت للاستصباح «87» ، وهم أعزاب، وللمتزوجين زوايا على حدة، ومن المشترط عليهم حضور الصلوات الخمس والمبيت بالزاوية واجتماعهم بقبة داخل الزاوية.
ومن عوائدهم أن يجلس كل واحد منهم على سجادة مختصة به، وإذا صلّوا صلاة الصبح قرأوا سورة الفتح وسورة الملك وسورة عمّ «88» ، ثم يؤتى بنسخ من القرآن العظيم مجزأة، فيأخذ كل فقير جزءا ويختمون القرآن ويذكرون، ثم يقرأ القرآن على عادة أهل المشرق 8»
، ومثل ذلك يفعلون بعد صلاة العصر. ومن عوائدهم مع القادم أنه يأتي باب الزاوية فيقف به مشدود الوسط وعلى كاهله سجادة وبيمناه العكاز وبيسراه الإبريق «90» ، فيعلم البواب خديم الزاوية بمكانه ويخرج اليه ويسأله من أي البلاد أتى؟ وأي الزاويا نزل في طريقه؟ ومن شيخه؟ فإذا عرف صحة قوله أدخله الزاوية وفرش له سجادة في موضع يليق به وأراه موضع الطهارة، فيجدّد الوضوء، ويأتي إلى سجادته فيحل وسطه، ويصلي ركعتين ويصافح الشيخ ومن حضر، ويقعد معهم. ومن عوائدهم أنهم إذا كان يوم الجمعة أخذ الخادم جميع سجاجدهم فيذهب بها إلى المسجد ويفرشها لهم هنالك ويخرجون مجتمعين ومعهم