الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر بعض المشاهد المباركة بالقدس الشريف
فمنها بعدوة الوادي المعروف بوادي جهنم في شرقي البلد على تلّ مرتفع هنالك بنية يقال إنها مصعد عيسى عليه السلام إلى السماء «22» ، ومنها أيضا قبر رابعة البدوية (منسوب إلى البادية وهي خلاف رابعة العدوية الشهيرة «23» ، وفي بطن الوادي المذكور كنيسة يعظمها النصارى ويقولون: إن قبر مريم عليها السلام «24» بها، وهنالك أيضا كنيسة أخرى معظمة يحجها النصارى «25» ، وهي التي يكذبون عليها ويقولون إن قبر عيسى عليه السلام بها «26» ، وعلى كل من يحجّها ضريبة معلومة للمسلمين، وضروب من الإهانة يتحملها رغم أنفه، وهنالك موضع مهد عيسى عليه السلام يتبرك به.
ذكر بعض فضلاء القدس
فمنهم قاضيه العالم شمس الدين محمد بن سالم الغزّي بفتح الغين وهو من أهل غزة وكبرائها «27» ، ومنهم خطيبه الصالح الفاضل عماد الدين النابلسي، ومنهم المحدّث المفتي شهاب الدين الطبري، ومنهم مدرس المالكية وشيخ الخانقات الكريمة أبو عبد الله محمد بن
وثيقة تأسيس الرباط الذي أنشأه بالقدس السلطان قلاون عام 681- 1282 عن أرشيف ماكس فان بيرشم جنيف
ورقات من المصحف الذي كتبه بخطه وأهداه إلى بيت المقدس سلطان المغرب أبو الحسن علي بن أبي سعيد عثمان وجعل على تلاوته أوقافا عديدة
…
مثبت الغرناطي نزيل القدس «28» ، ومنهم الشيخ الزاهد أبو علي حسن المعروف بالمحجوب من كبار الصالحين، ومنهم الشيخ الصالح العابد كمال الدين المراغي، ومنهم الشيخ الصالح العابد أبو عبد الرحيم عبد الرحمن بن مصطفى من أهل أرز الروم وهو من تلامذة تاج الدين الرفاعي، صحبته ولبست منه خرقة التصوف «29» .
ثم سافرت من القدس الشريف «30» برسم زيارة ثغر عسقلان «31» وهو خراب قد عاد رسوما طامسة، وأطلالا دارسة، وقلّ بلد جمع من المحاسن، ما جمعته عسقلان، اتقانا وحسن وضع وأصالة مكان، وجمعا بين مرافق البر والبحر، وبها المشهد الشهير حيث كان رأس الحسين بن علي عليه السلام قبل أن ينقل إلى القاهرة «32» ، وهو مسجد عظيم سامي العلو فيه جب للماء أمر ببنائه بعض العبيديين وكتب ذلك على بابه «33» .
وفي قبلة هذا المزار مسجد كبير يعرف بمسجد عمر لم يبق منه إلا حيطانه، وفيه أساطين رخام لا مثل لها في الحسن وهي ما بين قائم وحصيد، ومن جملتها أسطوانه حمراء عجيبة يزعم الناس أن النصارى احتملوها إلى بلادهم ثم فقدوها فوجدت في موضعها بعسقلان.
نقوش من عسقلان ترجع لعام 155 هجرية عن أرشيف بيرشم، جنيف
وفي القبلة من هذا المسجد بئر تعرف ببئر إبراهيم عليه السلام «34» ينزل اليها في درج متسعة ويدخل منها إلى بيوت، وفي كل جهة من جهاتها الاربع عين تخرج من أسراب مطوية بالحجارة، وماؤها عذب وليس بالغزير، ويذكر الناس من فضائلها كثيرا.
وبظاهر عسقلان وادي النّمل ويقال إنه المذكور في الكتاب العزيز «35» وبجبانة عسقلان من قبور الشهداء والأولياء مالا يحصر لكثرته «36» أوقفنا عليهم قيّم المزار المذكور وله جراية يجريها له ملك مصر مع ما يصل إليه من صدقات الزوار.
ثم سافرت منها إلى مدينة الرّملة «37» : وهي فلسطين، مدينة كبيرة كثيرة الخيرات حسنة الأسواق وبها الجامع الأبيض «38» ويقال إن في قبلته ثلاثمائة من الأنبياء مدفونين، عليهم السلام «39» وفيها من كبار الفقهاء مجد الدين النابلسي.
ثم خرجت منها إلى مدينة نابلس «40» وهي مدينة عظيمة كثيرة الأشجار، مطردة الأنهار، من أكثر بلاد الشام زيتونا، ومنها يحمل الزيت إلى مصر ودمشق، وبها تصنع حلواء الخروب وتجلب إلى دمشق وغيرها، وكيفية عملها أن يطبخ الخروب ثم يعصر ويؤخذ ما يخرج منه من الرّب فتصنع منه الحلواء، ويجلب ذلك الرّب أيضا إلى مصر والشام وبها البطيخ
الرّملة/ فلسطين
المنسوب اليها وهو طيب عجيب. ومسجدها الجامع في نهاية من الاتقان والحسن، وفي وسطه بركة ماء عذب.
ثم سافرت منها إلى مدينة عجلون «41» وهي بفتح العين المهملة وهي مدينة حسنة، لها أسواق كثيرة، وقلعة خطيرة، ويشقها نهر ماؤه عذب.
ثم سافرت منها بقصد اللّاذقية فمررت بالغور «42» وهو واد بين تلال به قبر أبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة رضي الله عنه «43» ، زرناه وعليه زاوية فيها الطعام لابناء السبيل وبتنا هنالك ليلة. ثم وصلنا إلى القصير «44» وبه قبر معاذ بن جبل رضي الله «45» عنه، تبركت أيضا بزيارته.
ثم سافرت على الساحل فوصلت إلى مدينة عكّة «46» وهي خراب، وكانت عكة قاعدة
قلعة الربض نقوش من عجلون: عن أرشيف ماكس فان بيرشم- جنيف
بلاد الافرنج بالشام ومرسى سفنهم، وتشبه بقسطنطينية العظمى، وبشرقيها عين ماء تعرف بعين البقر، يقال إن الله تعالى أخرج منها البقرة لآدم عليه السلام «47» ، وينزل اليها في درج، وكان عليها مسجد بقى منه محرابه وبهذه المدينة قبر صالح عليه السلام «48» .
ثم سافرت منها إلى مدينة صور وهي خراب «49» ، وبخارجها قرية معمورة، وأكثر أهلها رافضيون «50» ولقد نزلت بها مرة على بعض المياه أريد الوضوء فأتى بعض أهل تلك القرية ليتوضأ، فبدأ بغسل رجليه ثم غسل وجهه ولم يتمضمض ولا استنشق ثم مسح بعض رأسه فأخذت عليه في فعله فقال لي إن البناء إنما يكون ابتداؤه من الأساس! ومدينة صور هي التي يضرب بها المثل في الحصانة والمنعة لأن «51» البحر محيط بها من ثلاث جهاتها، ولها بابان أحدهما للبر والثاني للبحر، ولبابها الذي يشرع للبر أربعة فصلان كلها في ستاير محيطة بالباب، وأما الباب الذي للبحر فهو بين برجين عظيمين.
وبناؤها ليس في بلاد الدنيا أعجب ولا أغرب شأنا منه لأن البحر محيط بها من ثلاث جهاتها وعلى الجهة الرابعة سور، تدخل السفن تحت السور، وترسو هنالك، وكان فيما تقدم، بين البرجين سلسلة حديد معترضة لا سبيل إلى الداخل هنالك ولا إلى الخارج إلا بعد حطها، وكان عليها الحراس والأمناء فلا يدخل داخل ولا يخرج خارج إلا على علم منهم.
وكان لعكة أيضا ميناء مثلها ولكنها لم تكن تحمل إلا السفن الصغار.
صور
ثم سافرت منها إلى مدينة صيدا «52» وهي على ساحل البحر حسنة كثيرة الفواكه يحمل منها التين والزبيب والزيت إلى بلاد مصر نزلت عند قاضيها كمال الدين الأشموني المصري وهو حسن الأخلاق كريم النفس.
ثم سافرت منها إلى مدينة طبرية «53» وكانت، فيما مضى مدينة كبيرة ضخمة ولم يبق منها إلا رسوم تنبئ عن ضخامتها، وعظم شأنها، وبها الحمّامات العجيبة، لها بيتان:
أحدهما للرجال والثاني للنساء وماؤها شديد الحرارة، ولها البحيرة الشهيرة طولها نحو ستة فراسخ وعرضها أزيد من ثلاثة فراسخ.
وبطبرية مسجد يعرف بمسجد الانبياء فيه قبر شعيب «54» عليه السلام وبنته زوج موسى الكليم عليه السلام، وقبر سليمان عليه السلام، وقبر يهودا وقبر روبيل صلوات الله وسلامه على نبينا وعليهم.
وقصدنا منها زيارة الجبّ الذي ألقي فيه يوسف عليه السلام 5»
وهو في صحن مسجد صغير وعليه زاوية، والجب كبير عميق شربنا من مائه المجتمع من ماء المطر، وأخبرنا قيّمه أن الماء ينبع منه أيضا.
طبريّا/ فلسطين