الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به
.
وخدام هذا المسجد الشريف وسدنته فتيان من الأحابيش وسواهم، وهم على هيأت حسان وصور نظاف، وملابس ظراف، وكبيرهم يعرف بشيخ الخدام، وهو في هيأة الأمراء الكبار، ولهم المرتبات بديار مصر والشام، ويوتي إليهم بها في كل سنة.
ورئيس المؤذنين بالحرم الشريف الإمام المحدث الفاضل جمال الدين المطري «62» من مطرية قرية بمصر، وولده الفاضل عفيف الدين عبد الله، والشيخ المجاور الصالح أبو عبد الله محمد بن محمد الغرناطي المعروف بالتّرّاس «63» ، قديم المجاورة وهو الذي جبّ نفسه خوفا من الفتنة!
حكاية [هذا الشيخ الذي جب نفسه]
يذكر أن أبا عبد الله الغرناطي كان خديما لشيخ يسمى عبد الحميد العجمي، وكان الشيخ حسن الظن به يطمئن إليه بأهله وماله، ويتركه، متى سافر، بداره، فسافر مرة وتركه على عادته بمنزله فعلقت به زوجة الشيخ عبد الحميد وراودته عن نفسه فقال: إني أخاف الله ولا أخون من ائتمنني على أهله وماله! فلم تزل تراوده وتعارضه، حتى خاف على نفسه الفتنة وجبّ نفسه وغشى عليه ووجده الناس على تلك الحالة فعالجوه حتى برىء، وصار من خدام المسجد الكريم ومؤذنا به ورأس الطائفتين وهو باق بقيد الحياة إلى هذا العهد.
ذكر بعض المجاورين بالمدينة الشريفة
.
منهم الشيخ الصالح الفاضل أبو العباس أحمد بن محمد بن مرزوق «64» كثير العبادة
والصوم والصلاة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما صابر محتسب وكان ربما جاور بمكة المعظمة، رأيته بها سنة ثمان وعشرين وهو أكثر الناس طوافا وكنت أعجب من ملازمته الطواف مع شدة الحرّ بالمطاف، والمطاف مفروش بالحجارة السود وتصير بحر الشمس كأنها الصفائح المحماة، ولقد رأيت السقائين يصبّون الماء عليها فما يجاوز الموضع الذي يصبّ فيه إلا ويلتهب من حينه! وأكثر الطائفين في ذلك الوقت يلبسون الجوارب، وكان أبو العباس بن مرزوق يطوف حافي القدمين، ورأيته يوما يطوف فأحببت أن أطوف معه فوصلت المطاف وأردت استلام الحجر الأسود فلحقني لهب تلك الحجارة وأردت الرجوع بعد تقبيل الحجر فما وصلته إلا بعد جهد عظيم! ورجعت فلم أطف، وكنت أجعل سجادتي «65» على الأرض وأمشي عليه حتى بلغت الرّواق.
وكان في ذلك العهد بمكة وزير غرناطة وكبيرها أبو القاسم محمد بن محمد ابن الفقيه أبي الحسن سهل بن مالك الأزدي «66» ، وكان يطوف كل يوم سبعين أسبوعا «67» ، ولم يكن يطوف في وقت القائلة لشدة الحر، وكان ابن مرزوق يطوف في شدة القائلة زيادة عليه.
ومن المجاورين بالمدينة، كرّمها الله، الشيخ الصالح العابد سعيد المراكشي الكفيف، ومنهم الشيخ أبو مهدي عيسى بن حرزوز «68» المكناسي.