الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكاية
شكى الأرمن مرة إلى الملك الناصر بالأمير حسام الدين وزوّروا عليه أمورا لا تليق فنفّذ أمره لأمير الأمراء بحلب أن يخنقه فلما توجه الأمير بلغ ذلك صديقا له من كبار الأمراء فدخل على الملك الناصر، وقال ياخوند! إن الأمير حسام الدين هو من خيار الأمراء ينصح للمسلمين ويحفظ الطريق، وهو من الشجعان، والأرمن يريدون الفساد في بلاد المسلمين فيمنعهم ويقهرهم، وإنما أرادوا إضعاف شوكة المسلمين بقتله، ولم يزل به حتى أنفذ أمرا ثانيا بسراحه والخلع عليه ورده لموضعه، ودعا الملك الناصر بريديا يعرف بالاقوش، وكان لا يبعث إلا في مهم، وأمره بالاسراع والجد في السير فسار من مصر إلى حلب في خمس وهي مسيرة شهر فوجد أمير حلب قد أحضر حسام الدين وأخرجه إلى الموضع الذي يخنق به الناس فخلصه الله تعالى وعاد إلى موضعه.
ولقيت هذا الأمير ومعه قاضي بغراس شرف الدين الحموي بموضع يقال له العمق «122» متوسط بين أنطاكية وتيزين وبغراس، ينزله التركمان بمواشيهم لخصبه وسعته.
ثم سافرت إلى حصن القصير «123» ، تصغير قصر، وهو حصن حسن، أميره علاء الدين الكردي، وقاضيه شهاب الدين الأرمنتي، من أهل الديار المصرية.
ثم سافرت إلى حصن الشّغر بكاس «124» ، وضبط اسمه بضم الشين المعجم وإسكان الغين المعجم وضم الراء والباء الموحدة وآخره سين مهمل، وهو منيع في رأس شاهق أميره سيف الدين الطّنطاش، فاضل، وقاضيه جمال الدين بن شجرة من أصحاب بن التيمية.
ثم سافرت إلى مدينة صهيون «125» وهي حسنة، بها الأنهار المطردة، والأشجار المورقة، ولها قلعة جيّدة، وأميرها يعرف بالإبراهيمي، وقاضيها محي الدين الحمصي، وبخارجها زاوية في وسط بستان، فيها الطعام للوارد والصادر، وهي على قبر الصالح العابد عيسى البدوي رحمه الله وقد زرت قبره.
وسافرت منها فمررت بحصن القدموس، وضبط اسمه بفتح القاف وإسكان الدال المهمل وضم الميم وآخره سين مهمل، ثم بحصن المينقة، وضبط اسمه بفتح الميم وإسكان الياء وفتح النون والقاف، ثم بحصن العلّيقة، واسمه على لفظ واحدة العلّيق، ثم بحصن مصياف، وصاده مهملة، ثم بحصن الكهف «126» ، وهذه الحصون لطائفة يقال لهم الإسماعيلية ويقال لهم الفداويّة «127» ولا يدخل عليهم أحد من غيرهم، وهم سهام الملك الناصر بهم يصيب من يعدو عنه من أعدائه بالعراق وغيرها، ولهم المرتّبات، وإذا أراد السلطان أن يبعث أحدهم إلى اغتيال عدوّ له أعطاه ديته، فإن سلم بعد تأتّي ما يراد منه فهي له، وإن أصيب فهي لولده، ولهم سكاكين مسمومة يضربون بها من بعثوا إلى قتله، وربما لم تصح حيلتهم فقتلوا كما جرى لهم مع الأمير قرا سنقور «128» ، فإنه لما هرب إلى العراق بعث اليه الملك الناصر جملة منهم فقتلوا! ولم يقدروا عليه لأخذه بالحزم.