الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُرور بن سنين الْحَلَبِيّ
شاعرٌ سَمْحُ السَّجِيّة، له أنفاس نَدِية ندِيَّة، كانت نَسَمات المسامرَة تهُبُّ بنفحاتِه وأفْواهُ الأسماع تَحْتَسِي في نادي الأدب سُلافَةَ أبياتِه، ونَوْرُ روضِه يتَبسَّم في الأكْمام، فترى منه ما هو ألذُّ من نظر المعشوق وفي وجه عاشقٍ بابْتِسام، فتُسْتَعذَب في مَذاق الأدب، وتُتَلقَّى بضائعُها من الرُّكبان القادمة من حلَب.
ثم رأيتُه لمَّا ورَد الروم، إلا أنه لم يُطِل مُكْثَه بها لفَقْد ما يَرُوم.
وآفَةُ التِّبْرِ ضَعْفُ مُنتقِدِه
فرجع قائلاً لكلِّ يومٍ غد، ولكل سَبْت أحَد، فلم تر عينُ أمله سُروراً، ولم يُذق كأساً كان مزاجُها كافورَا، ولم يلبِس بُرْدَ العُمْرِ قَشيباً، حتى احتُضِر غُصْناً رَطِيبا:
فمما أنشدني من شعره، قولُه من قصيدة:
وليلٍ هدَتْنا فيه غُرُّ الفَراقِدِ
…
لحاجاتِ نَفْسٍ هُنَّ أسْنَى المقاصدِ
وقد صُرِفَتْ زُهْرُ الدَّرارِي دَراهِماً
…
تمُدُّ الثُّريَّا نحوَها كَفَّ ناقِدِ
وباتتْ تناجِيني ضمائرُ خاطرِي
…
تُقرِّب نَيْلَ المَطْلَبِ المُتباعِدِ
لَحَى اللهُ طَرْفِي مالَه الدهرَ ساهراً
…
لمُكْتحِل الأجْفان بالنَّومِ راقِدِ
حبيبٌ كأن البُعْدَ يَهْوَى وِصالَه
…
معي فهْو لا يْنفَكُّ فيه مُعانِدِي
أخذتُ الهوى من لَحْظه وابْتسامِه
…
بما قالَه الضَّحَّاكُ لي عن مُجاهِدِ
وقول) حبيب (إلخ، كقول أبي الطَّيِّب:
كأنَّ الحُزْنَ مشْغوفٌ بقَلْبِي
…
فساعةَ هجْرِها يجِدُ الوِصالَا
وقول الْمَعَرِّيّ:
لئِن عشقَتْ صَوارِمُهُ الهوَادِي
…
فلا تَعدمْ بما تَهْوَى اتِّصالَا
وفي معناه ما قلتُه:
لك اللهُ مِن دمعٍ كشَمْلٍ مُبدَّدٍ
…
وطَرْفٍ بِنَعْسانِ الجفونِ مُسهَّدِ
لئن عشَق التَّسْهيدُ أجْفانَ مُقْلَتِي
…
لِهَجْرِك فْليَنْعَمْ بوَصْلٍ مُخلَّدِ
ومن تَقْريظٍ له على شعر ابن عِمْران:
حَملْتَ إلينا يا ابن عِمْرانِ روْضةً
…
من النَّظم يسْقيها الحِجَى صَوْبَ وَكْفِهِ
خِميلةَ شِعْرٍ يزْدرِي البدْرَ نَوْرُها
…
وينْأَى عن الشِّعْرَى العَبورِ بعِطْفِهِ
كأنَّ غُصوناً أُودِعتْ في سُطورِها
…
لها ثمرٌ يلْتَذُّ سمعي بقَطْفِهِ
إذا ما مشَى ليلُ المِداد بطِرْسِهاَ
…
نهاراً زهَتْ فيه كواكبُ وَصْفِهِ
فكانتْ كما زارَتْ مُعطَّرةَ اللَّمَى
…
مُبِّردةً من حرِّ قلبي وَلَهْفِهِ
ووَافَى إلى الصَّبِّ الكَئِيب شُوَيْدِنٌ
…
لوَجْرةَ أحْوى فاحمُ الشَّعْرِ وَحْفِهِ
فأحْبِبْ به عَبْلَ الرَّوادِف خَضْرُه
…
يجوعُ إذا غَصّ الإزارُ برِدْفِه