الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاح الدين الكوراني الحلبي
فاضل، شاعر، ناظم، ناثر، مكثر، مسهب، مطرب، معجب.
رايته بحلب يعاني حرفة الوراقة، ويكتب للقضاة الوثائق التي شدت وثاقه، وقد قيده الكبر، وعاقه الدهر أبو العبر، فحجل بين الغرائب والرغائب، وفتل بيد فكره في الذروة والغارب، وهو في مهد الخمول راقد، فمرت به النوائب وهو على طريقها قاعد.
وقد كان امتدحني بعدة قصائد، منها قوله:
شِهابُ المعالي قد أضاءَتْ به الشَّهْباَ
…
وقد أطْلَعتْ من غُرَّ أفكارِه الشُّهْباَ
ومن قبلُ أخْبارُ الثَّناءِ تواتَرتْ
…
وقد ملأتْ أسماعَنا لُؤلُؤاً رَطْباَ
وكان التَّمَنَّي أن يُطابِقَ سْمعُناَ
…
نواظرَنا واسْتغرقَتْ قلْبَنا حُبَّاً
وقد أعْرَبتْ ألفاظُه مَعْ تأخُّرٍ
…
عن السَّبْقِ حتى فاقَتِ العَرَبَ العَرْباَ
فمن منطقٍ عذبٍ وفضلٍ مُوجَّهٍ
…
إلى المدح إيجاباً وللحاسدِ السَّلْباَ
بنَي غُرَّ أبْحاثٍ له قد تأسَّسَتْ
…
فلم يستطِعْ باغِي الجوابِ لها نِقْبَا
إذا كان منه الفهمُ في البحْثِ سابقاً
…
وذلك منه لا يفارِقُه دَأْباَ
فأهلاً بَمن يحْيا به مَشْرِقُ العُلا
…
وقد كان كالعَنْقاء جاوَزتِ الغَرْبَا
ومن حلَبٍ كان الفِطامُ من الُمنَى
…
فقد يبِسَتْ منها ضُروعُ الُمنَى حَلْباَ
إلى أن أتاحَ اللهُ بعضَ بقيَّةٍ
…
من الحَزم حتى زَاحَمُوا المنْهَلَ العَذْبَا
فتَبَّاً لمن قد زاغَ عن وُدَّه وقدْ
…
تبَدَّى ثَبُوتَ القولِ إذ أظْهَروا اَلحرْباَ
ومُذ قدأتَي هذا الزَّمانُ بمْثِلهِ
…
لبيباً عِلمْنا أنه قد حَوى لُبَّا
قدِ اغْدَوْدَقتْ يُمْناه من بَرْقِ بِشْرِه
…
وقد سحَبتْ غُرُّ المعالي له سُحْباَ
وأسْقَت أيادِي فضْلهِ سُحُبَ النَّدى
…
وقد غرَستْ من حُبَّه في الحشاَ حَبَّاً
له قلمٌ إن ينْفُثِ السَّحْرَ نافعاً
…
فما ضَرَّهُ أن لا يغادِرَه عَضْباً
فيا مَن له في مصرَ والشام هِمَّةٌ
…
وباَعٌ طويلٌ يَبْهَر الرُّوم والعُرْباَ
على حلَبٍ لَّما قدِمْتُم تبسَّمَتْ
…
ثغورُ مبانِيها وتاهَتْ بكم عُجْباَ
وأبناؤُها القومُ الذين مُرادُهمْ
…
وِدادٌ ولا يبْغُون مالاً ولا كَسْبَا
على ذا مَضى عهدُ الأخِلَاّءِ والذي
…
يرُومُ خِلافَ الوُدَّ يستَوْجِبُ السَّبَّا
وأشكُو إليكَ الدهرَ عَبْدَك إنَّنا
…
نُسائِلُه سِلْماً يجاوبُنا حَرْباً
وكم قَعَدتْ عن سبْقِها كلُّ صافِنٍ
…
تُساَبِقُها العَرْجاَ وتَلْحَقُها اَلحدْباَ
وإنَّي على فِعْلِ الزمانِ لواجدٌ
…
بُكاءً على الخنْساءِ في صَخْرِها أرْبَى
وقد زَعَمُوا أن الدُّخانَ مُجَفَّفٌ
…
فداوَيْتُ دَمْعي في تَناوُلِه شُرْباَ
وفي كلَّ معْنَى فيه قد رَقَّ رِقَّةٌ
…
أُعلَّلُه مَن كان سارَقَه غَصْباَ
وعبدُك ذيَّاك الصَّلاحُ مُقصَّرٌ
…
بمدْحِك لكن لا يقولُ به كِذْباً
ولو لم يكن قَيْدُ الكتابةِ عائقي
…
وثقلةُ توقيعي الوثائقَ والكُتْباَ
لحاولْتُ من عَجَّاج فِكرِك قَطْرةٌ
…
كما يشْرَبُ العُصفورُ من مائِه عَبَّا
فكيفَ وقد أصْبَحتُ عبداً مُكاتَباً
…
ولا عِتْقَ لي حتى أرَى الَّلحْدَ والتَّرْباَ
فلا زلتَ في أعْلَى مقامٍ إذا حدَتْ
…
حُداةُ حِجازٍ في السُّرَى تُطْرِبُ الرَّكْباَ
وأنشدني له:
لَعمرُكَ لم أشْرَبْ دُخاناً لأجْلِ أنْ
…
تُسَرَّ به نفسٌ تدَانَي خُروجُهاَ
ولكن زنابيرُ الهموم لَسَعْنَنِي
…
فدَخَّنْتُ حتى يسْتَبِين خُرُوجُهَا
ولما أنشدني هذا، أنشدته قطعاً لي في معناه.
منها قولي:
ما شرِبْتُ الدُّخانَ إذ سِرْتُ عنكُمْ
…
لِتَلَةٍّ به عن الأحْزانِ
أحْرَقتْني الأشواقُ فالقلبُ منها
…
صار بالوجْدَ مَخْزَنَ النَّيرانِ
فخشِيتُ الأنْفاسَ تَفْضَحُ حالِي
…
فلهذا ستَرْتُها بالدُّخانِ