الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جميع إخوانه إليه يلجئون، ومن كل حَدَب إلى جُرْثُومَته يَنْسِلون، خفَّت روحُه فألقتْ بدَنَه خلفه ظِهرِيَّا، واتَّخذتْ ما سواه شيئاً فرِيَّا، كأنه خاف الخُطوبَ فهو مُتجمِّع حذَر الوُثوب.
وما الدهرُ في حال السُّكون بساكنِ
…
ولكنه مُستجْمِعٌ لوُثوبِ
وله به عِزٌّ أقْعَس، في رَبْوة المعالي يُغرَس، وطَبُعه بالظَّرف ربيعٌ أخْصَب، وفي أمثالهم:) أظرفُ من أحْدَب (، فهو سَنام اللطفِ وغارِبُه، وبحرٌ أحدبُ الأمواج، بدائعُ بدائههِ عجائبُه، ولم يزل يَعْتام وِدادَه، حتى قَبضت جواهرَ عُمرِه يدُ الدهر النَّقَّادة.
كل ابنِ أنثى وإن طالتْ سلامتُه
…
يوماً على آلهٍ حَدْباءَ مَحمُولُ
فصل
ولم أسمع في وصف أحْدَب ألطفَ من قول ابن المُنجِّم في ابن حُصَينة المَعَرِّيّ:
يا أخي كيفَ غيَّرتْنا الليالي
…
وأطالتْ ما بينا بالمِحَالِ
حاشَ للهِ أن أصافِيَ خِلَاّ
…
فيَراني في وُدَّه ذا اخْتلالِ
زعموا أنني نَظَمْتُ هجاءً
…
مُعرِباً فيك عن شَنِيع المقالِ
لا تظنَّنَّ حَدْبةَ الظهرِ عيْباً
…
وهْيَ في الحسنِ من صفات الهلالِ
وكذلك القِسِيُّ مُحْدَوْدِباتٌ
…
وهْيَ أنْكى من الظُّباَ والعوالِي
وإذا ما علا السَّنامُ ففيه
…
لقُرُومِ الجمالِ أيُّ جَمال
وأرَى الانْحناء في مَنْسرِ البا
…
زِيّ لم يَعْدُ مِخْلَبَ الرِّئْبالِ
كوَّن اللهُ حَدْبةً فيك إن شئ
…
تَ من الفضلِ أو من الأفْضالِ
فأتتْ رَبوةً على طَوْد علمٍ
…
وأتتْ مَوجةً ببحرِ نَوالِ
ما رأتْها النِّساءُ إلا تمنَّتْ
…
لو غدَتْ حليةً لكل الرجالِ
وأبو الغُصن أنتَ لا شكَّ فيه
…
وهو ربُّ القَوامِ ذو الاعْتدالِ
عُدْ إلى وُدِّنا القديمِ ولا تُصْ
…
غِ لِقيلٍ من الوُشاة وقاَلِ
وتذكَّر ليالياً حين ولَّتْ
…
أودعتْ حسنَها عُقودَ الّلآلِي
أتُرَى بالدُّعاء يُجمَع شَمْلي
…
أم رجائِي مُخيَّبٌ وابْتهالِي
وإذا لم يكن من الهَجْرِ بُدٌّ
…
فعسى أن تزورَنا في الخيالِ
وعلى هذا النمط نسج ابن دَانِيال قولَه في رجل أحدب، يسمى حسَّانا:
قسماً بحُسن قَوامِكَ الفتَّانِ
…
يا أوحد الأمراء في الحُدْبانِ
أنت الحُسامُ زها بِرَوْنَقِ حَدْبهٍ
…
فزها على الخَطِّيَّة الُمرَّانِ
يا مُخجِلَا شكلَ الهلالِ بقَدَّه
…
حاشاك أن تُعْزَى إلى نُقصانِ
ومُماثِلاً قَدَّ القضيبِ إذا مشى
…
من حَدْبَتَيْه يَميس كالرَّيَّانِ
ما عاب قامتَك الحسودُ جَهالةً
…
إلا أجبْتُ مَقالَهُ ببَيانِ
هل يُحسِن الجو كان إلا أن يُرَى
…
مع أكْرَةٍ في حَلْبة الميدانِ
أو هل يَزِينُ المَتْنَ إلا رِدْفُه
…
حُسناً فكيف بمَن له رِدْفانِ
والعُود أحْدَبُ وهو ألْهى مُطرِبٍ
…
ولقد سمعتَ بنَغْمة العِيدانِ
وكذا سَفِين البحر لولا حَدْبَهٌ
…
في ظهره لم يقْوَ للطّوفانِ
وإذا اكْتَسى الإنسانُ قِيل تمثُّلاً
…
في المدح قَامَتْ حَدْبَةُ الإنسانِ
ومُدبَّر الإكْسِير يُدعَى أحْدباً
…
في علمِه للقِسْط في الميزانِ
يَفْدِيك في الحُدْبانِ كلُّ مكَرْبَحٍ
…
يمشي الهُوَيْنى مِشْيَة السَّرَطانِ
مُتجِّمع الكَتِفْين أقْبصُ قد بدَا
…
في هيئةِ المتجمِّعِ الصّفْعانِ
ومن بدائع ابن خَفَاجة الأنْدلُسِيّ، في ساقٍ أحْدَب أسود، قولُه
وكأْسِ أُنسِ قد جلتْها المُنَى
…
فباتتِ النفسُ بها مُعرِسَهْ
طاف بها أسْوَدُ مُحْدَوْدِبٌ
…
يُطرِب مَن يلهو به مجلسَهْ
فخِلتهُ من سَبَجٍ رَبْوةً
…
قد أنْبتَتْ من ذهبٍ نَرْجِسَه
ولعبد الله بن النَّطَّاح، في أحْدَب:
قصُرَتْ أخادِعُهُ ُوغاضَ قَذَالُه
…
فكأنه مُتوقِّعٌ أن يُصْفَعاَ
وكأنَّه قد ذاقَ أوَّلَ صَفْعةِ
…
وأحَسَّ ثانيةً لها فتجمَّعاَ
وإذ جرَرْنا ذيلَ البيان، وسحبْنا بُرْد سَحْبان على الحُدْبان، فنقول: قوله) وأحسن ثانية (إلخ، كقول ابن دَانِيال:) متجمع الكتفين (إلخ، وهو معنًى بديع في بابه، لأن مُتوقِّع الضرب يتضائل من خوفه، ونظيرُه من يريد الوثُوب يتجمَّع ليَثِب، فهيئه كهيئة من يريد السكون.
ولقد أجاد صالح الشَّنْتَرِينِيّمن شعراء المغاربة، وفي قوله:
نُحاذِرُ أحداثَ الليالي وقلَّما
…
خلا مِن توقَّيهنَّ قلبُ أديبِ
ونَرتابُ بالأيَّام عند سكونِها
…
وما ارْتاب بالأيّام غيُر أريبِ
وما الدهرُ في حال السُّكونِ بساكنٍ
…
ولكنَّه مُستجمِعٌ لوُثوبِ
وهو مأخوذ من قوله الآخر:
سكنْتُ سكوناً كان رهْناً لوَثْبةٍ
…
تثُور كذاك اللَّيْثُ للوَثبِ يَلْبُدُ
وقول الآخر:
قد قلتُ يا قوم إن اللَّيثَ مُنقبِضٌ
…
على بَراثِنِه للوَثْبة الضَّارِي
وفي المثل:) الدَّهرُ أرْود ذو غِيَر (.
قال الجَوْهَرِيّ أي يعمل عملَه في سكون، لا يُشْعَر به.
ويقال:) تَلْبِيدٌ خيرٌ مِنَ التَّصيئِ (يقال لمن يتشاجَع، ويُضرَب مثلا للفِراركما قاله الأصْمَعِيّ.
وفي معناه قولي:
أقولُ لنائِمِ الغفلاتِ جهْلاً
…
تنبَّهْ كم فسادٌ في صلاحِ
وكم رجَعَ الزمانُ عن الرَّزايا
…
رُجُوعَ التَّيْسِ أقْعَى للنَّطاحِ