المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السيد يحيى القرطبي - ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا

[الشهاب الخفاجي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌القسم الأول

- ‌في محاسن أهل الشَّام ونواحِيها

- ‌أحمد العِنَايَاتِيّ

- ‌محمد الصَّالِحِيّ الهِلَاليّ

- ‌سانحة

- ‌فصل

- ‌حسن بن محمد البورِينِي

- ‌أبو المعالي دَرْويش محمد الطَّالُوِيّ

- ‌محمد بن قاسم الحَلَبِيّ

- ‌فصل

- ‌فائدة

- ‌فصل

- ‌الأمير أبو بكر الحَلَبِيّ المعروف بابن حلالا

- ‌إبراهيم ومحمد ابنا أحمد الْحَلَبِيّ، المعروف بالمُلا

- ‌يوسف بن عِمْران الْحَلَبِيّ

- ‌سُرور بن سنين الْحَلَبِيّ

- ‌حُسَين بن أحمد الْجَزَرَيّ الْحَلبِيّ

- ‌أبو بكر تقِيُّ الدين التاجر المعروف بابن الجَوْهَرِيّ

- ‌شمس الدِّين محمد المعروف بابن المِنْقَار

- ‌ابنه عبد اللطيف

- ‌شيخ الإسلام عماد الدِّين الْحَنَفِي الشَّامِيّ

- ‌بدر الدِّين بن رَضِيّ الدِّين الغَزِّيّ العَامِرِيّ الشامِيّ

- ‌أبو الصَّفاء مصطفى بن العَجَميّ الْحَلبِي

- ‌تقيُّ الدِّين بن معروف

- ‌فائدة مهمة

- ‌محمد بن الرُّومِيّ

- ‌المعروف بمَامَاي ابن أخت الخَيَّاليّ، نزيل دِمَشق الشام

- ‌زَيْن الدِّين الإِشْعَافِي

- ‌أبو بكر الْجَوْهَرِيّ الشَّامِيّ

- ‌شمس الديِّن محمد بن إبراهيم الْحَلَبِيّ

- ‌المعروف بابن الْحَنبَليّ

- ‌أبو الفتْح بن عبد السلام الِمالكيّ المغْرِبِيّ، نزيل الشام

- ‌تكملة في قوله) مستغرقا (إلخ فوائده

- ‌علاء الدِّين بن مَلِيك الْحَمويّ

- ‌القاضي مُحِبُّ الدين بن تَقّيِ الدين الْحَموِيّ

- ‌شهاب الدين الكَنْعَانِيُّ الشَّامِيّ

- ‌معروف الشَّامِيّ

- ‌نجم الدين بن معروف

- ‌محمد بن محمد الحكيم المعروف بابن المشْنُوق

- ‌فتح الله بن بدر الدين محمود البيلونيّ الحلبيّ

- ‌القاضي ظهِير الدين الحَلبيّ

- ‌بهاء الدين) محمد (بن الحسين العَامليّ الْحَارثيّ

- ‌خِضْر المَوْصلِّي

- ‌فصل

- ‌فيمن لقيتُه بالشام في رحلتي لمصر راجعاً من الروم

- ‌المولى عبد الرحمن بن عِماد الدِّين الشَّامِيّ الْحَنَفيّ

- ‌أحمد بن شاهين الشَّامِيّ

- ‌الأمير منجك بن الأمير محمد بن منجك

- ‌الفاضل أبو الطيب بن رضى الدين الغزي، نزيل الشام

- ‌عبد الحق الشامي، المعروف بالحجازي

- ‌رحلة المؤلف إلى حلب

- ‌أبو الوفاء بن عمر بن عبد الوهاب الشافعي، العرضي الحلبي

- ‌أخوه محمد بن عمر العرضي

- ‌عمر بن عبد الوهاب العرضي

- ‌صلاح الدين الكوراني الحلبي

- ‌السيد احمد بن النقيب الحلبي

- ‌القسم الثاني

- ‌محاسن العصريين من أهل المغرب وما ولاهما

- ‌مولاي أحمد أبو العباس المنصور بالله

- ‌فصل

- ‌أبو بكر بن إسماعيل بن شهاب الدين

- ‌محمد الفشتالي

- ‌وزير مولاي أحمد

- ‌فصل

- ‌تتمة

- ‌فصل

- ‌محمد بن إبراهيم الفاسي

- ‌نزيل مصر

- ‌فصل

- ‌الوزير عبد العزيز الثعالبي الأديب

- ‌العلامة محمد دكروك المغربي

- ‌تتَّمة وفائدة مهمَّة

- ‌الخاتمة

- ‌حسان الدَّين بن أبي القاسم الدَّرْعِيّ المغربي

- ‌عبد العزيز الفشتْاَلِيّ

- ‌عبد السلام بن سَنوُس المَغْرِبِيّ

- ‌السيد عبد الخالق الفاَسِيّ

- ‌السيد يحيى القُرطْبِيّ

- ‌فصل

- ‌ذكر مكة المشَّرفة ومن بحماها

- ‌صانها الله وحَماها وزادها تشريفا وتكريما وتعظيما

- ‌ذكر الدولة الحسَنيَّة

- ‌ومن بها من بَقِيّة العلماء والشعراء والأعيان

- ‌أبى نُمىّ بن بَرَكات

- ‌شهاب الدين أحمد الفَيّوميّ

- ‌السيد حسن بن أبي نُمَىّ

- ‌أخوه السيد الجلّ ثَقَبَة

- ‌مسعود

- ‌أبو طالب

- ‌قطْب الدين المكّيّ النَّهْروانِيّ أصلاً ومَحْتِدا

- ‌جمال الدين بن صدر الدين بن عصام الدين، العلامة الإسْفَرَايِنِىّ

- ‌أخوه علي العِصاميّ

- ‌أحمد المدَنىّ، المعروف باليُتَيْم، مصغَّرا

- ‌سراج الدين بن عمر الأشْهل المدَنيّ

- ‌عبد الرحمن، وعلى ابنا كثير المكّيَّان

- ‌محمد بن أبي الخْيْر ابن العلامة حَجَر الهيَتْمي

- ‌العلامة شِهاب الدين أحمد بن حَجَر الَيْتَمي

- ‌علامة الدين بن عبد الباقي

- ‌القاضي حسين المالِكيّ المَكّيّ

- ‌العلامة عليُّ بن جَار الله المَكّىّ

- ‌الحَنفّي الخطيب مفتى الحرمين الشَّريفْين

- ‌علي الكيزواني المغربي

- ‌معين الدين بن البكَّاء

- ‌نفحة من نفَحات اليمن

- ‌عبد الله بن شمس الدين بن مُطهرَّ اليمَنيّ

- ‌لطيفة

- ‌السيد حسين بن مُطَّهر اليَمَنيّ

- ‌عبد الهادي السوديّ

- ‌صاحب) الديوان (المشهور

- ‌إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل

- ‌بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن محمد بن يوسف بن عمر بن عليّ العَلَوي

الفصل: ‌السيد يحيى القرطبي

‌السيد يحيى القُرطْبِيّ

هو فيما بَلغني روضٌ مُخصِب ربيع، من وادٍ بالفضل مَرِبع.

مِن فُرُوعِ الدَّوْحَةِ العَليّة العلَوية، وثمراتِ تلك الشجرةِ النبوية، الباسِقة بما سقاَها من ماء الندى، والمُورقة المُثْمرة بالعلم والهُدَى.

فَخَارٌ لو أنَّ الشمسَ تُكْسى سَنائًهُ

لما غشِيَتْها المُظْلمِاتُ الدَّوَامِس

أسِر بالأنْدلس في وَقعةٍ أسَرَتْ أفراحَ القلوب، وشَقَّت قلوبَ المؤمنين قبل الُجْيوب، فأصبحَ في حالٍ تعُدُّ المَنايا أمانياَ، ويَرى لضَعْفِ الدّين الموتَ طبيبِاً شافيا.

إذ عَثُرتْ خيولُ الفِتَن والنّقَم، بَذوِى المروءةِ والنّعم، فأرسلَ قصيدةً نعَى بها الإسلام، ونادى ملوكَ الرُّوم وعلَماءها الأعْلام، فلم يجد بها صَفيِا، يقول له لقد أسْمَعْتَ لو ناديتَ حَيا، وذلك في عهد السلطان سُلَيمان، الذي دخل في خبركان، وهي هذه:

لكلّ شئ إذا ما تمّ نُقْصانُ

فلا يُغَرُّ بطيبِ العيش إنسانُ

هيَ الأمور كما شاهدُتَها دِوَلٌ

مَن سرَّه زمنٌ ساءتْه أزْمانُ

وعالَمُ الكونِ لا تْبقَى محاسنُه

ولا يدومُ على حالٍ لها شَانُ

ص: 370

يمُزَّقُ الدهرُ منَّا كلَّ سابِغةٍ

إذا نَبَتْ مَشْرَ فيَّات وخُرْصانُ

وينْتضَى كلَّ سيفِ للفناءِ ولو

كان ابن ذِى يَزِنٍ والغِمْدُ غُمْدانُ

أينَ الملوكُ ذوو التّيجانِ مِن يَمَنٍ

وأينَ منهم أكاليلٌ وتيِجانُ

وأين ما شادَه شَدَّادُ من إرَمِ

وأين ما سَاسَهُ في الفُرْس ساَسانُ

وأين ما حازَه قارونُ من ذهبٍ

وأين عادٌ وشَدّادٌ وقَحْطانُ

أتى على الكلَّ أمرٌ لا مَرَدّ له

حتى قَضَوْا فكأنَّ الكُلَّ ما كانُوا

وصار ما كان مِن مُلْكِ ومن مَلكِ

كما حكَى عن خَيالِ الطَّيْفِ وَسْنانُ

دار الزَّمانُ على دَارَا وقاتلِه

وأمَّ كِسْرَى فما آواهُ إيوَانُ

كأنّما العَّصْبُ لم يُسْهِل سَببٌ

يوماً ولم يَمْلكِ الدُّنْيا سُليمانُ

فَجائِعُ الدَّهرِ أنواعٌ مُنوَّعةٌ

وللزَّمانِ مَسرَّاتٌ وأحْزانُ

وللمصائبِ سُلْوانٌ يُهوَّبُها

وما لِماَ حلَّ بالإسْلامِ سُلْوانُ

دَهَى الجزيرةَ خَطْبٌ لا عَزائ له

هَوىَ له أحُدٌ وانْهدَّ ثَهْلانُ

أصابَها العينُ في الإسْلام فامْتُحنتْ

حتى خلَتْ منه أقْطارٌ وبُلدْانُ

فَسلْ بَلَنْسِيةً ما شأْنُ مُرْسَيةٍ

وأين قُرْطَبةٌ أم أين جَيَّانُ

ص: 371

وأين حِمْصٌ وما تحْويهِ من تُرَهٍ

ونهْرُها العذبُ فيَّاضٌ ومَلآْن

كذا طُلَيْطُلًةُ دارُ فكْم

من فاضلٍ قد سمَا فيها له شَانُ

وأين غَرْناطَةٌ دارُ الجهادِ وكمْ

أُسْدٍ بها وهُم في الحرْب عُقْبان

وأين حَمْراؤُها العَلْيا وزْخرُفُها

كأنَّها من جِنِان الخُلْدِ عَدْنان

قواعدُ كُنَّ أركانَ البلادِ فما

عسى البكاء إذا لم تَبْقَ أَرْكانُ

والماء يجْرِي بساحاتِ القصور بها

قد حَفَّ جدْولَها زَهْرٌ ورَيحْانُ

ونهرُها العذبُ يحكي في تَلسلهُ

سيوفَ هندٍ لها في لحوَ لمعانُ

وأين جامُعها المشهوُر كم تُليِتْ

في كلّ وقْتٍ به آيٌ وفُرْقانُ

وعالِمٌ كان فيه للجَهُول هدًى

مُدرّسٌ وله في العِلمْ تِبْيانُ

وعابدٌ خاضعٌ للهِ مُبْتهلٌ

والدَّمعُ منه على الخدَّيْنِ طوفانُ

وأين مَالَقَةٌ مَرْسَى المراكِبِ كمْ

أرْسَتْ بشاحتِها فُلكٌ وغِرْبانُ

وكم بداخِلها من شاعرٍ فَطِنٍ

وذِى فُنونٍ له حِذْقٌ وتِبْيانُ

ص: 372

وكم بخارِجها من مَزْهٍ فرجٍ

وَجَنَّةٍ حولَها نهرٌ وبُسْتانُ

وأين جارتُها الزَّهْرَاء وقبَّتُها

واين يا قومُ أبْطالٌ وفُرسانُ

وأين بَسطةُ دارِ الزَّعْفرانِ فهلْ

رأى شبيهاً لها في الحُسن إنْسانً

وكم شجاع زعيمٍ في الوغَى بطَلٍ

بدَا له في العِدى فَتْكٌ وإمْعانُ

كم جَنْدلتْ يدُه من كافرٍ فَغدا

تبْكيهِ من أرْضِه أهلٌ ووِلدانُ

ووَادياً مَن غدَتْ بالكفر عامرةً

ورُدَّ توحيدُها شِرْكٌ وطُغْيانُ

كذا الْمَرِيةُ دارُ الصّالحين فكمْ

قُطْبٍ بها عَلمٍ غَوْثٍ له شانُ

تبْكِى الحنيفَّيةُ البيْضاء من أسَف

كما بكَى لفِراق الإلْفش هَيْمانُ

حتى المحاريبُ تبْكى وهْىَ جامدةٌ

حَّى المنابرُ تبكى وهىْ عِيدانُ

على ديارٍ من الإسْلام خاليةٍ

قد أقْفَرتُ ولها بالكفر عمرْانُ

حيثُ المساجد قد أمْسَت كنائسَ ما

بهِنَّ إلا نَواقيسٌ وصلْبانُ

يا غافلاً وله في الدَّهرِ موعِظةٌ

إن كنتَ في سِنَةٍ فالدهرُ يْقظانُ

وماشياً مرِحاً يُلْهِيه موطِنهُ

أبَعْدَ حِمْصٍ تَغُرُّ المرْءَ أوْطانُ

تلك المصيبةُ أنْتْ ما تقدَّمَها

ومالَها مَعْ طويلِ الدَّهْر نِسيْانُ

يا راكبينً عتِاقَ الخْيل ضامِرة

كأنَّها في مجالِ السَّبْق عِقْبانُ

وحاملينَ سُيوفَ الهنْدِ مُرهَفةً

كأنَّها في ظلام الليلِ نِيرانُ

ص: 373

ورائعينَ وراء النهَّرِ من دَعَةٍ

لهم بأوْطانِهم عِزٌ وسُلطانُ

أعندكُمْ نَبَا من أمْر أندْلس

فقد سَرَى بحديثِ القومِ رُكبانُ

كم يْستغيثُ صنادِيدُ الرّجالِ وهُمْ

أسْرَى وقْتلى فلا يهتزّ إنْسانُ

ماذا التقاطُع في الإسْلام بينكمُ

وأنُتُم يا عبادَ اللهِ إخْوانُ

إلا نُفوسٌ أبيِاَّتٌ لها هِممٌ

أمَا على الخيرِ أنْصارٌ وأعْوانُ

يا مَن لنُصْرةِ قومٍ قُسَّموا فِرقاً

سطَا عليهم بها كفرٌ وطغْيانُ

بالأمسْ كانوا مْلوكاص في منازِلهمْ

واليومَ هم في قُيودِ الكفرِ عُبْدانُ

فلو تراهمْ حيَارى لا دليلَ لهمْ

عليهمُ من ثيابِ الذُّلّ ألوانُ

فلو رأيتَ بُكاهُمْ عند بَيْعِهمُ

لهالَكَ الأمرُ واسْتَهْوتكْ أحْزانُ

يا رُبّ طفلِ وأم حيلَ بينهُما

كما تفُرَّق أرواحٌ وأبْدانُ

وغادةٍ ما رأتْها الشمسُ بارزةً

كأنَّما هيَ ياقوتٌ ومَرْجان

يقودُها مِلجُ عند السَّبْي صاغِرة

والعينُ باكيةٌ والقلبُ حَرَّان

لمثْل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ

إن كان في القلب إسْلامٌ وإيمانُ

هل للجهادِ بها من طالب فلقدْ

تزَخْرفَتْ جَنَّةُ المأوى لها شَانُ

وأشرفَ الحورُ والولدانُ مِن عُرَفٍ

فازَتْ لعَمْرِى بهذا الخيْر شُجْعانُ

ثُمَّ الصَّلاُ على المختارِ من مْضَر

ما هبَّ رِيح صَباً واهتز أغصانُ

ص: 374