الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوزير عبد العزيز الثعالبي الأديب
ساحر تخلب نفثاته العقول، وفاضل الأيام من فضله غرر وحجول.
إن ذكر رقة طبعه في الشمأل والشمول، أو شعره فما أبيات غيره إلا دارسات رسوم وطلول.
إذا طرز بكلامه برود المجد، تخاله من جارو سكان تهامة ونجد.
قدت من أديم المجد خلاله، ففضح الرياض وسحر السحر أقواله.
ديمة مجد أمطرت سحائبه وسماء فضل شرف كواكبها مناقبه.
شمائلُ لا جَيْبُ الزَّمانِ مُعطَّراً
…
حكاَها ولا خَدُّ الشَّمول مُوَرَّدَا
أطلع في رياض ورده وسوسنه، وأصبح للفقه ملكا فضائله في صحف الدهر) مدونة (.
بمثله بطون الإمكان عقيمة، فلو رآه الثعالبي توج به) تتمة اليتيمة (.
إذا جلى كواعب كلمانه فضحت الكواكب نورا، وإذا أنشد عد نثره سواه هباءً منثورا.
ولما قدم قسطنطينية الروم اجتمع به الأفاضل، وعظمه من بها من الصدور والأماثل، فكتبت إليه مادحا، ولعذب أدبه مائحا، بقولي من قصيدة:
وافَتْ وطَرْفُ النَّجم مكحُولُ الحَدَقْ
…
وعارِضُ الظلماءْ في خَدِّ الشَّفَقْ
سكْرانةٌ الألحاظِ من خمر الصِّبا
…
تعثُر في ذيلِ ظلامٍ وفَرَقْ
واستعْجلَتْ في خَطْوِها تكان أن
…
تسِبقَ طَيْفَ آملٍ لها طَرَقْ
مائسةٌ تفضَحُ أغْصانَ النقَا
…
لها من الحلْىِ ثِمارٌ ووَرقْ
فأبْصَرتْني للسَّقام لابساً
…
ملابساً من وَشْيِ أفكارِي أدَقّ
فابْتَسمتْ فكاد مِن بارِقِها
…
فحمُ الدُّجى يحَرْقُه ضوْء الفَلقْ
ما اهتزَّ عصنُ البانِ إلَّا فَرَقاً
…
لأنَّه لهَيَفِ القَدَّ سَرَقْ
ومنها:
ماءُ الجمال في رياض خدَّها
…
راقَ لنا ظِرى وُرُودُه وَرَقَ
ماذُقتُه وماءُ صَفْوِى كدِرٌ
…
بهَجْرِها فكيف لي منه شَرَقْ
وِرْدٌ بأفْواهِ المُنَى مُتعَذَبٌ
…
كوِرْد بحرٍ قد نفَى قَذَى الملَقْ
عبدُ العزيز مَن بعِزَّ مْجدِه
…
أحيى زماناً فيه للفضْل رِمَقْ
رَوْضٌ سحابُ الفضل جادَ نَوْرَه
…
حتى زهَا مُقْتَطَفاً ومُنتَشَق
للفضلِ مالكٌ وفي مِضمارِه
…
من أشْهبِ بقَصَب السَّبْقِ أحَقّ
خُذْها عروساً لبست ثوبَ البهاَ
…
سعَتْ إليك بين خَبَّ وعَنَق
لو صُرَّ دُرٍ طَرَقتْ أسماعَه
…
أهْدى لها دُرَّ الثّناء في طَبَقْ
قد وصف السّحرَ لسانُ طِرْسِها
…
بعارِض خُطَّ على خَدَّ الورَقْ
حتى غَدا العْنبرُ يُلْقى نفسَه
…
في النْار من غَيْظٍ لديه وحَنَقْ
ومدحه صاحبُنا الأديب أبو المعالي الطَّالُوِىَ بقصيدة أنشدنيها، منها:
لعبدِ العزيز الأوْحدِى الثَّعالِبي
…
بدائعُ فاقتْ مُبْدَعاتِ الثَّعالِبي
فما بعدَها في الدَّهرِ تُلْقَى يَتيمةٌ
…
ولا قبلَها وَشَّتهُ أقلامُ كاتبِ
سَوادُ سطورٍ في بياضِ مَهارِقٍ
…
وشَامٌ على خدّ لحسناء كاعبِ
وإلَاّ لَمّى وَسْط الشَفاهِ يُعَلُّ مِن
…
جَنَى النَّحلِ ممزوجاً بماءِ المذَانِبِ
وإلَاّ رياضٌ قد كسَتْها يدُ الصَّبا
…
طرائفَ وَشْىٍ من نسيجِ السَّحائبِ
كأنَّ عليها عَبْقرِىُّ مَطارِفِ
…
ومن حُلَلِ الدَّيباجِ وَشْىُ عصائبِ
فكيف ترَى عينٌ يتيمةَ دهْرِها
…
وأمٌّ سجاَياهُ وَلودُ الغرائبِ
فاللهِ مولى قد شهدْنا بما وَشى
…
مُكاتبةَ الصَّادَيْن صابٍ وصاحبِ
وحَكَّم في نْظمِ القريضِ خواطراً
…
أبتْ غيرَ نظمِ النَّيراتِ الثَّواقبِ
فما يَشْكُرِىُّ القومِ يوماً وإن شدَا
…
بنظْمِ القوافِى عنده غيرَ ناعبِ
فكم بنت فكرٍ قد جلاها بنَانُه
…
علينا وما غيرُ الأديبِ بخاطبٍ
كأنَّ صَباَ دَارِين فَضَّتْ عضيَّة
…
على عِطْفها الميَّاسِ مسْكَ الحقائبِ
ومرَّتْ بوادي الشّجْرِ مجُتازَةَ الَلوَى
…
لوِىَ الرَّملِ فيه البانُ مُرْخَى الذَّوائبِ
تجُاذِبُ من نجْدٍ شَمِيمَ عَرارِهِ
…
فيرْنُو لها الحَوْذانُ من لْحظِ غاضبِ
وواَفتْ الزَّرواءِ ليلاً فساجلَتْ
…
على الكرْخ داراً بالدُّموِع السَّواكبِ
وللمغْربِ الأقْصَى ثنَتْ من عِنانِها
…
تَؤمُّ حِمىَ البيْضاءِ عَزَّتْ لطِالبِ
بحيث تَرى البيْتَ الإمامِىَّ معتلًى
…
تطوفُ به الأمْلاكُ من كلَّ جانبٍ
مَجَرُّ العوالِى السمْهرِيَّة والقَنا
…
ومجْرَى الجيادِ المُقْرباتِ السَّلاِهبِ
عليها أسود الإنْس في يوم سِلمِها
…
وفي الحرْبِ تُلقَى دامِيات المَخالبِ
بها يكْلأُ اللهُ الخلافةَ في حِمىَ
…
مليكٍ قصىَّ العزْمِ داني المواهِبِ
حِمَى الملكِ المنْصورِ موْلاىَ أحمدٍ
…
إمامِ الهدى رامِى العِدى بالمقَانِبِ
أسودٌ على متْن السَّراحيبِ غابُها
…
من الأسَل الخطَّىَ دامِى الثَّعالبِ
تلَوَّى بأيْدِى الدَّارِ عينَ كأنَّها
…
صِلالُ نقاً مَذْعورةٌ في مسارِبِ
تَرى السَّرْدَ نَهْياً والقَتِرَ حَبابَةُ
…
فتكْرعُ في حوضٍ من الدَّمَّ راغبِ
مُؤيَّدُ دينِ اللهِ مُشْتجِرُ القَنا
…
ومُعترِك الَهيْجا بماضِي القواضِبِ
سليلُ الوغَى إن ينتضى يومَ مَعْرَكٍ
…
وفيه المنايَا مُزَّفتْ في الكتائبِ
ومنها:
فيا ابْنَ الألَى هذِى مناقبُ فخرِهمْ
…
وهل بعد هذا الفخرِ شَأْوٌ لطالبِ
لَعِنْدى على بُعْدِ الدَّيارِ ونأيِها
…
قلائدُ نظمِ كالنَّجومِ الثَواقبِ
ولكن قوافِى الشّعرِ كيف أجيِدُها
…
وفيكمْ أتَى التَّنْزيلُ يا آلَ طالبِ
وأنّى لأهْوَى أن أكونَ مع الصَّبا
…
رسولاً إلى البيْضاءِ تُقْضَى مآرِبِى
لدَى ملِكٍ دانى النَّوالِ وكفُّه
…
لراجيهِ أندْى من غّيوثٍ سَواكِبِ
على كلَّ خطّ منأسرَّةِ وجْهِه
…
دليلٌ على أن الرَّجا غيرُ كاذبِ
لُسدِتِه مأوَى العُفاةِ بَعْثتُها
…
قوافِ عسى عَّنى تقومُ بواجبِ
عليها من المدْحِ الإمَامِىّ جوْهرٌ
…
ترَقْرَق ماءَ في متونِ القواضبِ
وأنشدني الفاضل عبد العزيز بقسطنطينية قصيدة، منها:
زُجاجةُ الفجْر أبدتْ خَمْرةَ الشَّفقِ
…
ولُجَّة الصَّبحِ أخْفَتْ نَرْجسَ الأفُقِ
فبات في زُهُر طِلاً
…
وليس غيرُ دخانِ النَّدّ من غَسَقِ
والليلُ قد قلَّد الإصْباحَ حين بدَا
…
كأسْودٍ لابسٍ طوْقاً من الورِقِ
وما محاَ الصُّبحُ نِقْسَ الليلِ واسْتَترتْ
…
سَوْساَنةُ الفجْرِ يوماً وَرْدةُ الشَّفَقِ
لكن دمُ اللَّيلِ لمَّا سالَ عَنْدَمُه
…
أنَتْ لتْقطعَه كافورةُ الفَلَقِ
في روضةٍ أودعَتْها السُّحْبُ سِرَّ شَذاً
…
فنَمَّ وَفْدُ الصَّبا عن نَشْرِه العَبِقِ
فيها لكُمْتِ كؤوسِ الرَّاح مُعْتركٌ
…
وليس غيرُ اْحمرارِ الوردِ من عَلَقِ
حيثُ الأسِنةُ زُرقٌ من بَنَفْسَجهِ
…
وخَضْرُ أوراقهِ فيهنَّ كالدرَقِ
وللشَّقيقِ اْحمرارٌ في جوانِبهِ
…
كأنَّهن جِراحاتٌ على نَسَقِ
والرّيحُ فوق مُتُونِ الماء طالعةٌ
…
بيضاً على زَرَدٍ مفْكوكة الَحلَقِ
والرّوضُ مثلُ أبى حفْصٍ وبهْجتُه
…
كخُلْقِه وشذَا ربَّاهُ كالخلقِ
نَجْلُ السّرِىّ أبى العباس من ظَهرتْ
…
آياتُ سُؤددِه في وجْهِه الطَّلقِ
وعلى بنوالها قول الحلي:
فَيْرُوزَجُ الصُّبحِ أم ياقُوتَهُ الشَّفَقِ
…
بَدتْ فهيَّجتِ الورْقاءَ في الورَقِ
وبيت الشقيق من قول القاضي عياض:
انْظُر إلى الزرْعِ وخاماتِه
…
تحُكى وقد ماسَتْ أمامَ الرّياحْ
كَتيِبةً خضْراءَ مهزومَةً
…
شقائِقُ النُّعمانِ فيها جِراحْ
ولابن الزقاق الأندلسي
نُثِر الوَرْدُ في الغدِيرِ وقدْ
…
درّجه بالُهبُوب نَشْرُ الرّياحْ
مثل دِرْعِ الكِمِىَّ مزَّقَها الطَّعْ
…
نُ فسالتْ بهِ دِماءُ الجِراحْ