الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم نهض أخوه:
مسعود
على قدمه، طالعاً بدُره المسعود بين نجوم أتْباعِه وخَدمِه.
وهو إذ ذاك في المعرفة عَلمَ، وفي طريق المجد ثَبْتُ القلب ثابتُ القَدَم.
يتبَّسم لغُرّتِه وجهُ النَّهار، ويُناجِه السَّعدُ بما في ضمائِره من الأسْرار.
وله حسناتُ شعرٍ ما خُطّ في مجموع الدّهرِ مثُلها، ولا سجَعت وُرْقُ الفصاحةِ بلحْنه في ذُؤابةٍ هاشميةٍ قبْلَها.
ومسعود لو مَسَّ عوداً بْعدِه أوْرَق، لِما جال في بِثْر مُحيًّاه من ماء النَّدى وتَرقْرق.
مع شجاعةٍ يرتعد لها الأسدُ والأسَل، وبَعُدّ الصّعنَ في الهْيجاء كالقُبَل.
كما قلتُ فيه:
قومٌ غزوتَهمُ رأيتَ جسومَهمْ
…
مُقَلاً لهنَّ إشارةٌ المتكلَّمِ
من كلّ مُقْلِة طَعْنةٍ نجلاءَ مُذ
…
نظَرتْ فِراقَ الرُّوحِ تَبْكى بالدّمِ
رمِدتْ فكحَّلها مَراوِدُ شُمرِه
…
من اثْمِدِ النَّقْعِ المُثارِ المظْلمِ
وكأنَّما رمَدتْ لخوفِ قواضِبٍ
…
صَلَّتْ فتسجُدُ وهْىَ ذاتُ تَيمُّمِ
فلم يزل يخطُب من المُلْك كواعبَ أبكارِه، حتى أدركَه الغرقُ في حِياض مِماتِه المُترَعَة من بحارٍ أفكاره.
فأرسَى بسواحل شَعُوب، وأنشدتْه الحالُ بلسان الخُطوب:
عَياه به مات المحِبُّونَ مِن قبلُ
فبلغ في سفينة أملِه وفاتَه، وسبقه الأجلُ كما سبق السَّيفُ العّذَل وفاتَه.
فرأيت جَنازتَه والدموع حوله طُوفان، وقد أرْسَت سفينةُ تابوتهِ على جُودِيّ الفَناء والأحزان.