الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن شاهين الشَّامِيّ
صديقنا الصَّادقُ الوداد، الفاضل المُستَغرِق بمحاسنِه لمراتِب الأعْداد، قَنَّاص سوانح الأفْكار، حائزُ قَصَب السَّبْق في كلِّ مِضْمار.
أديبٌ حديثُه الحسن كقِطَع الروض، ولذة النَّشْوان، يُخيَّل لسامعِه أنه صَبَّ عليه الْجُمان، وجرَى خِلالَه ماءُ البَيان، تتسابق ألفاظُه ومعانيه إلى القلوب والآذان، حتى لا تدْرِي أيُّهما السابقُ في الولوج للسمع والجَنان، فكم هبَّت شَمْأَلُ شمائِله، فأضْحتْ سماءُ فضائِله، فيا عجباً كيف هَمَي منه النَّدَى، وقد انْقَشع به غمام الغَيِّ عن مطالِع الهُدَى، فهو نُكْتَة عُطارِد، الوارثُ من المجدِ كلَّ طَرِيف وتالِد، حتى أدْنَى جُودُ أيادِيه الحِسان، ولم يشُقَّ غُبارَه سوابقُ الاسْتِحْسان.
وله نَظْمٌ ونثر أرَقُّ من دَمْع الصَّبّ، وأعْذَب من زُلال القَطْر غِبَّ الجَدْب:
لو بَقِيَتْ سِلْكاً على الدُّهورِ
…
لعطَّلتْ قلائدَ النُّحورِ
وأخْجَلتْ جواهرَ البُحورِ
…
وسُمِّيتْ ضَرائِرَ الثُّغورِ
تُهدِْي إلى الأكْبادِ والصُّدورِ
…
رَوحاً يُحاكِي نَفْثَةَ االمصْدُورِ
ولما وافَيْتُ في رحلتي إلى الشَّام، نظَمَنِي وإيَّاهُ في عِقْد الصُّحبة سِلْكُ الأيَّام، في أُوَيْقاتٍ كلُّها أصِيِلٌ وسَحَر، ولا عَيْب فيها سِوى ما بها من قِصَر.
) وكذاك أيَّام السُّرورِ قِصار (
فشرَّفنِي بقصيدةٍ أتْحَفنِي بها، وهي قولُه:
أيُّ دهر قد جادَ لي بابتهاجِ
…
وصَباَحٍ لاحَ لي بانْبِلاجِ
وزمانٍ قد مَنَّ لي بنعيمٍ
…
وقرانٍ وافَي بأسْعدِ تاجِ
وازْدِيارٍ من غْيرِ وَعْدِ حبيبٍ
…
كشفاءٍ من غيْرِ سَبْقِ عِلاجِ
واجتماعٍ لنا بغيْرِ اتَّفاقٍ
…
كَغنًى جاء طالباً ذا احْتِياجِ
وسَخاءٍ من الزَّمانِ بأهْناَ
…
نِعْمةٍ قد أتَتْ لأحْوج رَاجِ
بقُدوم المولَى الإمام المُفَدَّى
…
أحمدَ السَّيِّد الشِّهابِ الخَفَاجِي
الشِّهابُ الذي أضاءَ فضَاءَتْ
…
شامُنا مِن سِراجِه الوهَّاجِ
زارَنا في دِمَشْقَ غَيْثٌ رَوِىٌّ
…
غَيْثُ علمٍ من طبْعهِ الثَّجَّاجِ
حين وَافَى مِن مِصْرَ والسَّعْدُ عَبْدٌ
…
خادمٌ عنده بغيْرِ اخْتِلاجٍ
ولو أنِّي وفَّيْتُ حقَّ قُدومٍ
…
ساد حظِّي منه وزادَ ابْتهاجي
كنتُ أفْرشْتُه جُفُونَ عيوني
…
ورفَعْتُ الغُبارَ فوق الحجاجِ
عالِمٌ يُخْرِجُ الخَفِيَّ المُعَمَّى
…
من علوم الأُلى بلا اسْتِخْراجِ
عنده كالصَّباحِ من كلَّ علمٍ
…
مُدْلَهمٍّ كالليل أسْودَ دَاجِ
أشْتَكِي غُرْبَتي إلَيْكَ وأنِّي
…
بين أهْلي في خِسَّةٍ واندِمَاجِ
غيرَ أنيِّ شَرْوَى غَرِيبٍ لفقْدِي
…
أهلَ وُدِّي وعِشْرتي وامْتزاجي
منهُم عُمْدَتِي الذي كان دهراً
…
مُفْتِيَ الشامِ مُستَنِيرَ السِّراجِ
العِمادِيُّ ذاك مَن قد تقَضَّى
…
عُمُره في دُعاكَ ضِمْنَ الدَّياجِي
كان واللهِ عِطْرَنا النَّدَّ لَمَّا
…
ونلْتَقي في ثنَاكَ حين التَّناجي
كان شيْخِي وكان خِلِّي إذا ما
…
نابَنيِ حادِثٌ وطُبٌ مِزَاجي
فرمَتْنِي فيه الليالي عِناداً
…
والليَالي معروفةٌ باللَّجاجِ
فتخلَّفْتُ في دِمَشْقَ وحيداً
…
في اعْتِقالٍ وهِمَّتي في انْفِرَاجِ
أيها السَّيِّدُ الجليلُ المُفدَّى
…
عُجْ بحاَجِي عن سَيْرِ حظِّي السَّاجيِ
فابنُ شاهِين ذو جناح مَهيضٍ
…
باءَ إن لم تَرُشْه كالدُّراجِ
كنُ لرِاجٍ من فضل جاهِك عَوْناً
…
حيثُ يمْضِي بما ترى مُحتاجِ
جارَ دَهْرِي علىَّ فانظَر لأمْرِي
…
لا تكِلْني إلى اهْتمامِ احْتياجِ
رقَّ حالي فاجْبُرْه قبل انْصِداعٍ
…
فمُحالٌ في الكَسْر جَبْرُ الزُّجاجِ
كسَتْ مُدَّةً بضاعةُ فضْلي
…
وبمْولاي جاء وقتُ الرَّواجِ
بيننا حقُّ نِسْبةٍ لكريمٍ
…
ذِي بُكورٍ للمجْدِ مَعْ إدْلاجِ
لابن عبدِ الغنِّي ذاك المُصَفَّى
…
جَوْهراً عالياً مَحلَّ التَّاجِ
قدَّس الله روُحَه وحَياهُ
…
برضَاهُ من غير سَبْقِ انْزِعاجِ
وابْقَ واسْلَمْ ففي معاليك عنهُ
…
خَلَفٌ للمُنَى بلا مِعْراجِ
كلُّ وجْهٍ تأتِيه تلْقاهُ طَلْقاً
…
سافرَ البِشْرِ وافَرِ الإنْتاجِ
ومحمد بن عبد الغنيّ المذكور كان قاضيَ العساكر بالرٌّوم، وله) حواشٍ على تفسير البَيْضَاوِيّ (وسنذكره إن شاء الله تعالى، آخر هذه) الرَّيْحانة (.