الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شمس الدِّين محمد المعروف بابن المِنْقَار
جواد في حَلْبَة المكارم سابق، مُخَلِّط مُزِيل، فاتِق راتِق، وقد كانت تتجاذبُ الأخبارُ شمائلَ فضائِله، وتهتزُّ الأغصانُ إذا هَبَّتْ نسماتُ شَمائِلِه، ومَن طاب عِرقهُ طاب من عَرْفِه الشَّمِيم، ومَن كان غُصناً في رياض المعالي هزَّةُ مرورُ النَّسِيم.
إلا أن شِعرَه شعرُ العلماء، وأدبَه أدبُ الفقهاء، وما كل قصرٍ خَوَرْنَق وسَدِير، وما كل وادٍ فيه رَوْضة وغَدِير.
على أنه كانت تَتِيه به على سائر البقاعِ بقاعُ الشَّام، ويفتخِرُ به عصرُه على جميع الليالي والأيَّام، فلا تزال تصْدَح وُرْقُ الفَصاحةِ في نادِيها، وتسير الرُّكبانُ بما فيه من المحاسن رائِحُها وغادِيها، وأقلامُ الفتْوَى مُثمِرةٌ من شمس إفادةٍ له ارْتفعَتْ،
فيالها من قُضُبٍ أثْمَرتْ بعدما قُطِعَتْ، ونُورُ فضلِه بادِي، وموائدهُ ممدودةٌ لكل حاضرٍ وبادِي.
كالشَّمسٍ في كبدِ السماءِ ونورُها
…
يغْشَى البلادَ مشارقهاً ومغارباً
ولم يبْرح ثاوِياً في فَلَكِ السعادَة، حتى كُسِفتْ شمسُ حياتِه، فلبس الدُّجى عليه حِدادَه.
فمن نفحاتِ أسرارِه، ولَمَعاتِ أنْوارِه قولُه للقاضي مُحبِّ الدين، وهو بمصر:
مِن يومِ بَيْنِكَ كلُّ طَرْفٍ دامِي
…
لم تكْتحِلْ أجفانهُ بمَنامِ
لمَّا رحَلْتَ مُمتَّعاً بسلامةٍ
…
ومصاحِباً للسَّعْدِ والإكْرامِ
خلَّفْتَ بعدَكَ كلَّ خِلٍ هائماً
…
يُجْرِي الدُّموعَ حَليفَ فَرْطِ غرامِ
سكرانَ من كأسِ الفِراقِ مُعذَّباً
…
يا صاحِ بالهِجْرانِ والآلامِ
يشدُو بذكْرِك مِن نَواكَ إذا رأى الْ
…
عشاقَ في رَكْبٍ لكلِّ مقامِ
مولايَ بعدكَ قد تفرَّق شملُنا
…
وضياءُ نادِينا انْمَحَى بظلامِ
قد كنتَ واسِطةً لِعِقْدِ نِظامِنا
…
حتى انفردْتَ فحُلَّ عِقدُ نِظامي
وضِياءُ وجهِكَ في النهار إذا بدا
…
فالشمسُ تستُتُر وجهَها بغَمامِ
هذا وعبدُك ضاعَ بعدك برُه
…
فاسْلَمْ ودُمْ السَّعدِ والإنْعامِ
وعلى حِماكَ من المحبِّ تحيةٌ
…
لا تْنتهي وعليكَ ألفُ سلامِ
وسقى الإله ديارَ مِصْرَ وأهلَها
…
أنْواءَ سُحْبٍ من يديكَ عِظامِ
لمّا حلَلْتَ بها تضاحَكَ نَوْرُها
…
فَرَحاً وبُدَّلَ نقْصُها بتمامِ
لا زِلْتَ تَرْفُل في ثيابِ سيادةٍ
…
وتجرُّ وبُدِّلَ لعِزِّ فوقَ الْهاَمِ
ما نمَّق المُشتاقُ طِرْسَ رسالةٍ
…
بحديثِ أشْواقٍ وَبثِّ غرامِ