الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن نقطة الجهاد هي آخر الخط المستقيم، وهي نهايته، وفيها غايته، وهي تحقيق مجتمع فاضل، والثمرة المرجوة من هذا هو الفوز والفلاح " ولذا قال سبحانه:(لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ).
إن تلك هي الثمرة المرجوة لهذه النقط الثلاث التي تكوِّن ذلك الخط المستقيم النير، وهو سبيل الله تعالى سبيل الفوز والنجاح، وأطلق، فلم يقيد بفلاح الدنيا، ولا بفلاح الآخرة؛ ولذلك كان شاملا، فإن الإنسانية إذا تهذبت نفوس الآحاد فيها، فاتخذت وقاية تمنعها من سخط الله تعالى، وإذا اتجهت إلى طلب رضاه والعمل في طاعته سبحانه، وصارت لَا تعمل إلا لله تعالى وابتغاء مرضاته، وجاهدت لإعلاء كلمة الحق في شتى نواحيه، وترابطت برباط المودة والمحبة والعدل والفضيلة - إذا كانت الإنسانية كذلك علا ابن الأرض في هذه الأرض، وعم الصلاح واندفع الفساد، وتحققت خلافة الإنسان فيها.
والرجاء في قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) من الناس لَا من الله، أي أن المؤمنين إذا اتقوا الله وطلبوا مرضاته وجاهدوا في سبيله، كانت حالهم حال من يرجو الفوز، بل إن عليهم أن يرجوه، لأنهم ساروا في طريقه، وأنه يتميز رجاء المؤمنين حينئذ عن خيبة الكافرين الذين لم يسيروا في ذلك الخط المستقيم؛ ولذا ذكر سبحانه حالهم في مقابل حال المؤمنين، فقال سبحانه:
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
…
(36)
* * *
في هذا النص الكريم يبين سبحانه المقابلة بين جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين، فالمؤمنون يفوزون في الدنيا بنعيم الاطمئنان، والإحساس بالرضوان من الله تعالى، ونصره سبحانه، وتأييده، وفوز الآخرة بالنعيم المقيم، أما الكافروفي فإنهم إن نالوا ظاهرا من الحياة الدنيا، يستقبلهم في الآخرة عذاب مقيم دائم مستمر وإنه لو وزنت الدنيا بحذافيرها، وكل ما فيها بعذاب يوم القيامة، ما ساوت شيئا في جانبه وإنهم لو ملكوا الدنيا بما فيها، وأرادوا أن يقدموه فداء لأنفسهم من عذاب القيامة، ما قبل منهم ذلك، بل يرد عليهم ما يقدمون.