المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ‌ ‌(120) * * * صور - زهرة التفاسير - جـ ٤

[محمد أبو زهرة]

الفصل: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ‌ ‌(120) * * * صور

(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ‌

(120)

* * *

صور الله سبحانه وتعالى حال إغراء الشيطان بأنه عمل عملين، لَا يكون فيهما أي نفع عاجل أو آجل، فهو أولاً يسرف في وعدهم بمتع لَا حد لها، بأن يصور لهم أن فيما يفعلون من شر متعا كثيرة، ونفعا كبيرا، وليس لذلك أي أثر. وثانيهما - أنه يجعل النفس تتمنى ما لَا يعقل ويكون بعيد الوقوع. ومن وراء تلك الأماني تنفذ إلى النفس الأوهام فتسيطر عليها. وما كان ذلك الوعد، وإثارة الأمنيات إلا الغرور والخيبة في ذاتها.

* * *

ص: 1867

(أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ‌

(121)

* * *

أولئك الذين يعطون ولايتهم للشيطان، ويخسرون فطرتهم السليمة، ونفوسهم المستقيمة، وعقولهم المدركة، تحت سلطان الأماني الكاذبة والأوهام الخادعة، لَا يكون لهم مأوى يوم القيامة غير جهنم. ولا يجدون ملجأ دونها يلجأون إليه، فلا مفر منها ولا مهرب، وذلك جزاء إضرارهم لفطرتهم وانحرافهم عن الجادة، ويرميهم بغرور الشيطان، وإن ذلك يتبعه الأذى لبني الإنسان، وتركهم عبادة الديان، والإعراض عن الحق، إذا جاءهم به رسل الله تعالى، وأنهم لَا معدل لهم عنها ولا مهرب، وهذا معنى:(وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا) أي معدلا ومهربا، من حاص يحيص عدل وهرب.

ولقد بين الله تعالى في مقابل ذلك جزاء المتقين. فإنه لَا يستوي الذين

يعلمون والذين لَا يعلمون، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى:

* * *

ص: 1867

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ‌

(122)

* * *

إذا كان الشيطان يَعِد أولياءه بالأماني الكاذبة، ويدفعهم إلى أوهام لَا أصل لها، فالله تعالى قد وعد المؤمنين وعدا حقا، وإذا كان المشركون قد رأوا مآلهم جهنم لَا يجدون عنها معدلا، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات جزاؤهم جنات تجري من تحتها الأنهار، وأولئك يستحقون هذا، أولا - بإيمانهم الصادق، وانفكاكهم عن حبائل الشيطان، وبعدهم عن غروره وخديعته، وثانيا - بأعمالهم الطيبة الصالحة المبنية على أسباب

ص: 1867