الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المكاتب ش: المكاتب مأخوذ من المكاتبة، والمكاتبة في الاصطلاح عتق على مال منجم نجمين فصاعدا، إلى أوقات معلومة، وأصلها من الكتب وهو الجمع، لأنها تجمع نجوما، ومنه سمي الخراز كاتبا، لأنه يضم أحد الطرفين إلى الآخر بخرزه، والرمل المجتمع كتيبة، لانضمام بعضه إلى بعض، وقيل لأن السيد يكتب بينه وبينه كتابا.
وهي مشروعة بالإجماع، وقد شهد لذلك قوله سبحانه:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] الآية وقصة بريرة، وقوله عليه السلام:«المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» وغير ذلك من الأحاديث، والله أعلم.
[أحكام المكاتب]
قال: وإذا كاتب عبده أو أمته على أنجم فأديت الكتابة فقد صار حرا.
ش: عملا بمقتضى [موضوع] الكتابة، إذ مقتضاها وموضوعها الحرية عند تمام العقد، فعمل على ذلك، كسائر مقتضيات العقود، ولأن رقبته بالأداء تمحضت له، فوجب أن
يعتق، لاستحالة أن يملك الإنسان نفسه (ومقتضى: كلام الخرقي أنه لا يشترط مع ذلك أن يقول: فإذا أديت إلي فأنت حر. ولا نيته، وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب، لأنه أتى بصريح لفظ العقد، أشبه ما إذا قال: دبرتك، ولأبي الخطاب في الهداية احتمال أنه يشترط قول ذلك أو نيته، لأن لفظ الكتابة يحتمل المخارجة، فاحتاج إلى مميز ككنايات الوقف ونحو ذلك، (ومقتضى) كلامه أيضا أن من شرط صحة الكتابة التأجيل، لقوله: على أنجم، فلا تصح الكتابة الحالة، وهذا هو المذهب أيضا بلا ريب، لأنه عقد معاوضة يلحقه الفسخ، من شرطه ذكر العوض، فإذا وقع على صفة يتحقق فيها العجز عن العوض غالبا ما يصح، كما لو أسلم في شيء لا يوجد في المحل إلا نادرا، ويؤيد ذلك أن جماعة من الصحابة عقدوا الكتابة ولم ينقل عنهم أنهم
عقدوها حالة، وقيل: يصح أن تكون حالة كالقول في السلم، والبابان باب واحد، ومن ثم اشترطنا في الأجل أن يكون له وقع في الثمن، حذارا من أن يتخذ ذكره حيلة، والعلم به كما تقدم، وكأن الأقيس عند أبي محمد واختيار ابن أبي موسى أنها تصح على نجم واحد كالسلم، والمذهب عند القاضي وأصحابه والأكثرين أنه لا بد من نجمين فصاعدا، محافظة على معناها، إذ قد تقدم أنها مشتقة من الضم، ولا يحصل الضم إلا بنجمين فصاعدا، ونظرا للأثر.
3907 -
فعن علي رضي الله عنه أنه قال: الكتابة على نجمين، والإيتاء من الثاني، (وكلام الخرقي) ربما أوهم اشتراط ثلاثة أنجم فصاعدا، ولا أعرف ذك قولا في المذهب، (ومقتضى كلامه) أيضا أنه لا يعتق إلا بأداء جميع مال الكتابة، لا أنه يعتق منه بقدر ما أدى، ولا بأداء بعض مال الكتابة، ولا بملك الوفاء، (أما الحكم الأول) وهو أنه لا يعتق منه بقدر ما أدى فلا أعلم فيه في المذهب خلافا.
3908 -
لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«المكاتب عبد ما بقي عليه من الكتابة درهم» رواه أبو
داود وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما عبد كاتب على مائة أوقية، فأداها إلا عشر أواق فهو عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار، فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد» رواه الخمسة وصححه الحاكم (وأما الحكم الثاني) وهو أنه لا يعتق بأداء بعض مال الكتابة فهو المذهب المنصوص لما تقدم، وذكر الدرهم والعشرة على سبيل التقليل، لا على سبيل التحقيق، وقيل: إذا أدى ثلاثة أرباع المال فأزيد، وعجز عن الباقي عتق، لأنه عجز عن حق له فلم تتوقف حريته على أدائه، كأرش جناية سيده عليه، وهذا القول حكاه أبو محمد في الكافي عن الأصحاب، وفي المقنع عن القاضي وأصحابه، وفي المغني عن أبي بكر والقاضي وأبي الخطاب، وفي هذه الحكاية نظر، فإن لفظ الهداية: لم يجز للسيد الفسخ، ذكره أبو بكر، ولا يلزم من امتناع الفسخ حصول العتق، بل ظاهر هذا أنه لا يعتق،
ولهذا لم يحك أبو البركات هذا القول عن أحد من هؤلاء، وحكى قول أبي الخطاب على ظاهره فقال: وظاهر كلام أبي الخطاب عدم العتق، ومنع السيد من الفسخ، وهذا ظاهر كلام ابن البنا أيضا، وحكى ابن أبي موسى رواية بما يقرب من هذا، وهو أنه إذا أدى أكثر مال الكتابة لم يرد إلى الرق، واتبع بما بقي (وأما الحكم الثالث) وهو أنه لا يعتق بملك الوفاء فهو المشهور من الروايتين، والمختار للقاضي وأبي محمد وغيرهما، لما تقدم من حديثي عمرو بن شعيب (والرواية الثانية) أنه يعتق بملك الوفاء.
3909 -
لما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» » رواه الخمسة، وصححه الترمذي إلا أن بعض الحفاظ قال: إنه قد تكلم فيه غير واحد من الأئمة. وعلى تقدير صحته فيحمل الأمر بالاحتجاب على الندبية، توفيقا بين الأحاديث، والله أعلم.
قال: وولاؤه لمكاتبه.
ش: قد تقدمت هذه المسألة في الولاء، وإنما ذكرها هنا على سبيل التكميل لحكم المسألة استطرادا، والله أعلم.
قال: ويعطى مما كوتب عليه الربع، لقول الله تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] .
ش: قد ذكر الشيخ رحمه الله الحكم ودليله، وهو الأمر، وظاهر الوجوب.
3910 -
وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال في تفسير الآية الكريمة: