الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه كله بشرطه كما تقدم، وقوله: وهما موسران، لأنهما لو كانا معسرين لم يسر كما تقدم، وإن كان أحدهما موسرا فقط اختص بالسراية.
[وطء الجارية المشتركة]
قال: وإذا كانت الأمة نفسين فأصابها أحدهما وأحبلها أدب ولم يبلغ به الحد.
ش: قد تضمن هذا الكلام تحريم وطء الجارية المشتركة وهذا والله أعلم اتفاق، وقد دل عليه قوله سبحانه وتعالى:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] إلى {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] والوطء والحال هذه قد صادف ملك الغير بلا نكاح، فإذا وطئ الشريك أثم بلا ريب، (ولا حد عليه) كما تضمنه أيضا كلام الخرقي، وهو قول العامة، لأنه وطء صادف ملكا له، أشبه ما لو وطئ زوجته الحائض، وكما لو سرق عينا له بعضها، ويعزر اتفاقا، لإتيانه، المعصية، ولا يبلغ به الحد، لأنه لو بلغ به الحد لصار حدا.
وظاهر كلام الخرقي أنه يجوز أن يزاد على عشر جلدات وقد تقدم ذلك مستوفى في التعزيرات على ما يسره الله سبحانه، فلينظر ثم، ولا فرق في هذا كله بين أن يحبلها أو لا يحبلها، وإنما ذكر الإحبال قيدا فيما يأتي بعده والله أعلم.
قال: وضمن نصف قيمته لشريكه، وصارت أم ولد له.
ش: يعني الشريك المحبل تصير الأمة المشتركة أم ولد له، لأنه وطء صادف ملكا له، فأشبه ما لو كانت خالصة له، ولأن العتق يسري إلى ملك الغير، فلأن يسري الاستيلاد أولى لقوته، بدليل صحته من المجنون، ونفوذه في مرض الموت، بخلاف العتق، فإنه إنما ينفذ في المرض من الثلث، ولا يصح من مجنون، وإذا صارت أم ولد له ضمن نصف قيمتها لشريكه، لأنه أتلف ذلك عليه معنى، أشبه ما لو أتلفه عليه حسا.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يلزمه والحال هذه شيء من المهر، ولا من قيمة الولد، وهذا إحدى الروايات، وظاهر كلام أبي الخطاب، وأبي محمد في المقنع، وعلله القاضي في تعليقه في كتاب الغصب بأن زوال ملك الشريك حصل بفعل الله، وهو انعقاد الولد، وهذا يقتضي أن لا يجب نصف قيمة الأمة، وليس بشيء، وقد يعلل بأن المهر إنما يستقر بالنزع، وعند النزع كانت مملوكة، لأنها انتقلت إليه بالعلوق، والولد لا قيمة له إذا (والرواية الثانية) لا يلزمه للولد شيء لما تقدم، ويلزمه نصف مهرها، لمصادفة الوطء لملك الغير، والانتقال حصل بعد ذلك، وقد يؤخذ من هاتين خلاف المهر هل (يستقر) بالإيلاج أو (لا يستقر) إلا بالنزع (والرواية
الثالثة) يلزمه نصف مهرها لما تقدم، ونصف قيمة الولد، لأنه بفعله منع انخلاقه على ملك الشريك، أشبه ولد المغرور، وقال القاضي إن وضعته بعد التقويم فلا شيء فيه، لأنها وضعته في ملكه، وإن وضعته قبل ذلك فالروايتان، واختار اللزوم، واعلم أن الإحبال ليس بكاف في ما تقدم، بل لا بد من وضع ما تصير به أم ولد كما سيأتي، وقد أشعر بذلك قوله صارت أم ولد له وولده حر، والله أعلم.
قال: وولده حر.
ش: لأنه وطء في محل له فيه ملك، أشبه ما لو وطئ زوجته في الحيض، أو في الإحرام ونحو ذلك، والله أعلم.
قال: فإن كان معسرا كان في ذمته نصف قيمتها.
ش: لا فرق في سراية الاستيلاد بين الموسر والمعسر على منصوص أحمد، واختيار الخرقي والشيخين وغيرهما، لما تقدم قبل، وعلى هذا يبقى في ذمته نصف قيمة الجارية، لأن الله سبحانه أوجب إنظار المعسر بقوله سبحانه:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وقال القاضي في الجامع الصغير، وأبو الخطاب في الهداية: لا يسري الاستيلاد مع الإعسار كالمباشرة،