الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش: هذا أيضا فرع على المذهب المتقدم، فإن المعتق الثاني إذا كان أيضا معسرا عتق نصيبه فقط، وبقي ثلثه رقيقا لمن لم يعتق، فإذا مات العبد وترك مالا كان ثلثه للذي لم يعتق بملكه لثلثه، وثلثاه ميراث - لأنه ملكهما بجزئيه الحرين - للمعتقين بالولاء، إن لم يكن له وارث بفرض أو تعصيب يقدم عليهما، فإن كان له وارث يرث البعض - كأم مثلا أو زوجة - فإنها تأخذ فرضها، والباقي بين المعتقين إن لم يكن عصبة مناسب، وهذا كله إن لم يكن مالك ثلثه قاسم العبد في حياته أو هايأه فإذا لا حق له في تركته، لأنها حصلت بجزئه الحر.
[الحكم لو كان العبد بين اثنين فادعى كلاهما العتق]
قال: وإذا كان العبد بين نفسين، فادعى كل واحد منهما أن شريكه أعتق حقه منه، فإن كانا معسرين لم يقبل قول كل واحد منهما على شريكه.
ش: لأنها دعوى مجردة، لا تتضمن حقا، لما تقدم من أن عتق المعسر لا يسري، وهذا بخلاف ما لو كانا موسرين، فإن دعوى كل واحد مهما تضمنت أنه يستحق على شريكه نصف القيمة، وإذا لم يقبل قول كل واحد منهما على الآخر، لم يعتق من العبد شيء، والله أعلم.
قال: فإن كانا عدلين كان للعبد أن يحلف مع كل واحد منهما ويصير حرا، أو يحلف مع أحدهما ويصير نصفه حرا.
ش: إذا كان الشريكان عدلين، فللعبد أن يحلف مع كل
واحد منهما إن ادعى ذلك، ويصير كله حرا، لأن كل واحد منهما يشهد بعتق نصفه، أو يحلف مع أحدهما ويصير نصفه حرا لذلك أيضا، وهذا من الخرقي بناء على أن العتق يقبل فيه شاهد ويمين المدعي، وقد تقدم ذلك، وإن لم يكونا عدلين فله أن يحلف كل واحد منهما أنه ما أعتق نصفه، والله أعلم.
قال: وإن كان الشريكان موسرين فقد صار العبد حرا باعتراف كل واحد منهما بحريته، وصار مدعيا على شريكه نصف قيمته، فإن لم تكن له بينة فيمين كل واحد منهما لشريكه.
ش: إذا كان الشريكان موسرين وادعى كل واحد منهما أن شريكه أعتق حقه، فقد صار العبد حرا، لتضمن دعواهما ذلك، إذ عتق الموسر يسري، فكل منهما حقيقة دعواه حرية العبد، وأنه يستحق على شريكه نصف قيمته، لأنه يدعي أن شريكه أعتق نصيبه، فسرى إلى حقه، فيؤاخذ كل منهما بإقراره، ويحكم بحرية العبد، ويصير كل منهما مدعيا على شريكه نصف قيمته، فإن كان ثم بينة عمل بها بلا ريب، وإن لم يكن فيمين كل واحد منهما مستحقة لشريكه، عليه أن يحلف له، لأنه منكر لما ادعى عليه، واليمين على المنكر لما تقدم.
ولم يتعرض الخرقي رحمه الله لحكم الولاء في هاتين الصورتين،
وهما ما إذا كانا موسرين أو معسرين عدلين، فحلف العبد معهما أو مع أحدهما، والحكم أنه لا ولاء عليه، لأن أحدا لا يدعيه، بل دعوى كل واحد منهما تضمنت إنكاره، ولا يثبت لأحد حق ينكره، وكذلك إذا ادعى العبد العتق، وأنكره السيد، وقامت عليه البينة، فإن عاد من نسبت إليه عتاقته فاعترف بذلك ثبت له الولاء، لأنه لا مستحق له سواه قاله أبو محمد.
وقد بقي من تقسيم دعوى الشريكين إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا، والحكم أن نصيب المعسر يعتق وحده مجانا، لتضمن دعواه أن نصيبه عتق بإعتاق شريكه الموسر، ولا يعتق نصيب الموسر، لأن دعواه أن المعسر أعتق، والحكم أن عتقه لا يسري على ما تقرر، ولا تقبل شهادة المعسر عليه، لأنه يجر بها نفعا، لكونها توجب عليه نصف القيمة، نعم له عليه اليمين لضمان السراية، فإن نكل قضي عليه، وإن رد اليمين وقلنا بذلك فحلف المعسر أخذ قيمة حقه، ولم يعتق حق الموسر باليمين المردودة، لأنه لم يوجد منه إقرار ولا ما يقوم مقامه وهو النكول، ولا ولاء للمعسر في نصيبه، لأنه لا يدعيه، فإن عاد المعسر فأعتق نصيبه وادعاه ثبت له، قاله أبو محمد، وفيه
شيء، لأن دعواه أولا تبطل دعواه ثانيا، وكذلك إن عاد الموسر فأقر بإعتاق نصيبه ثبت له الولاء، وغرم نصيب المعسر، والله أعلم.
قال: وإذا مات رجل وخلف ابنين وعبدين لا يملك غيرهما، وهما متساويان في القيمة، فقال أحد الابنين: أبي أعتق هذا. وقال الآخر: أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما. أقرع بينهما، فإن وقعت القرعة على الذي اعترف الابن بعتقه عتق منه ثلثاه، إن لم يجز الابنان عتقه كاملا، وكان الآخر عبدا، وإن وقعت القرعة على الآخر عتق منه ثلثه، وكان لمن أقرعنا بقوله فيه سدسه ونصف العبد الآخر، ولأخيه نصفه وسدس العبد الذي اعترف أن أباه أعتقه، فصار ثلث كل واحد من العبدين حرا.
ش: هذه المسألة محمولة على حالة يكون التبرع فيها من الثلث، كالعتق في مرض الموت ونحو ذلك، إذ لو لم يكن كذلك لنفذ العتق في الكل، ولم يقف على إجازة الورثة، وقرينة هذا ذكر الإجازة في الورثة.
إذا تقرر أن ذلك في حالة العتق فيها من الثلث فلا يخلو ذلك من أربعة أحوال (أحدها) أن يعينا العتق في أحدهما،
فيعتق منه ثلثاه، إن لم يجيزا عتقه كاملا، لأن ذلك ثلث جميع ماله، وهذا واضح (الثاني) عين كل واحد منهما العتق في غير الذي عينه أخوه، فيعتق من كل واحد ثلثه، لأن مجرد قول الشخص إنما يقبل في حق نفسه دون حق غيره، وحق كل واحد منهما نصف العبدين، فيقبل قوله في حقه من الذي عينه وهو ثلثاه، وذلك هو الثلث، ويبقى له نصف ثلثه وهو السدس، ونصف العبد الآخر (الثالث) قال أحدهما: أبي أعتق هذا. وقال الآخر: أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما. وهي صورة الكتاب، فإنه يقرع بينهما لتبيين ما حصل فيه الإبهام، فإن وقعت على الذي اعترف الابن بعتقه عتق منه ثلثاه، لأن بخروج القرعة عليه كأنه قد حصل اتفاق الابنين على عتقه، وإذا يعتق ثلثاه، إلا أن يجيزا عتقه كاملا فيعتق جميعه، لأن ذلك محض حقهما، ويبقى العبد الآخر على الرق، لأنه قد تبين أنه لم يقع في عتق، وإن وقعت على الآخر كان كما لو عين كل منهما عبدا كما تقدم، يعتق من الذي خرجت عليه القرعة ثلثه، لأنه حق الذي قال: لا أدري. وله - وهو الذي أقرعنا بسبب قوله - سدسه، ونصف العبد الآخر، ولأخيه نصف الذي خرجت عليه القرعة، لأنه ينكر العتق فيه رأسا وسدس العبد الذي اعترف أن أباه أعتقه، لأن ثلثه عتق بإقراره كما تقدم، وإذا آل
الأمر إلى أن صار ثلث كل واحد منهما حرا (الحال الرابع) أن يقولا: أعتق أحدهما ولا ندري من منهما. فإنه يقرع بين العبدين، فمن وقعت عليه القرعة عتق منه ثلثاه، إن لم يجيزا عتقه كله، وبقي الآخر على الرق، والفطن لا يخفى عليه جميع الأحوال من مسألة الكتاب، والله أعلم.
قال: وإذا كان لرجل نصف عبد، ولآخر ثلثه، ولآخر سدسه، فأعتقه صاحب النصف وصاحب السدس معا، وكانا موسرين، عتق عليهما، وضمنا حق شريكهما فيه نصفين، وكان ولاؤه بينهما أثلاثا، لصاحب النصف ثلثاه، ولصاحب السدس ثلثه.
ش: ملخصه أن العتق إذا سرى على اثنين من الشركاء فأكثر بعتقهما معا هل يكون على عدد رؤوسهم - وهو المذهب المجزوم به بلا ريب - لأن العتق بمنزلة الإتلاف، وقد وجد منهما فيتساويان في ضمانه، كما لو جرحه أحدهما جرحا، والآخر أكثر منه، أو على قدر الملكين - وهو احتمال لأبي الخطاب - لأن ذلك حصل بسبب الملك، فقدر بقدره كالنفقة؟ على قولين، (فعلى المذهب) إذا أعتق صاحب النصف وصاحب السدس والحال ما تقدم، عتق عليهما نصيب
صاحب الثلث نصفين، فيحصل لصاحب النصف الثلثان، النصف بالمباشرة، والسدس بالسراية، ولصاحب السدس الثلث، نصفه مباشرة، ونصفه سراية، (وعلى الاحتمال) الآخر يكون الثلث بينهما أرباعا، لصاحب النصف نصفه، ونصف نصفه، وذلك سدس ونصف سدس، وذلك ربع، فيستقر عليه عتق ثلاثة أرباع العبد، ولصاحب السدس ربع الثلث، وهو نصف السدس، فيستقر عليه عتق ربعه، ولو كان المعتق صاحب النصف وصاحب الثلث، لكان (على المذهب) المعتق الربع، لصاحب النصف الثلث والربع، ولصاحب الثلث الربع والسدس، (وعلى الاحتمال) السدس بينهما أخماسا، لصاحب النصف ثلاثة أخماسه، ولصاحب الثلث خمساه، فالعبد على ثلاثين سهما، لصاحب النصف ثمانية عشر، وذلك نصفه ونصف خمسه، ولصاحب الثلث اثنا عشر، وذلك خمساه، ولو كان المعتق صاحب السدس والثلث لكان (على المذهب) لصاحب السدس ربع وسدس، ولصاحب الثلث ثلث وربع، (وعلى الاحتمال) النصف مقسوم بينهما على ثلاثة، فيستقر لصاحب السدس الثلث ولصاحب الثلث الثلثان والضمان والولاء تابعان للسراية.
وقول الخرقي: معا. قد تقدم ثم تصوير ذلك بأن يتفق تلفظهما بالعتق في آن واحد، أو يعلقاه على صفة واحدة، أو يوكلا شخصا يعتق عنهما، فلو سبق أحدهما بالعتق لعتق