المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الكتابة بموته، وما في يده لسيده، وإن قيل ثم: إنه - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ٧

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الأضاحي]

- ‌[حكم الأضحية]

- ‌[ما يستحب للمضحي إذا دخل عشر ذي الحجة]

- ‌[تجزئ البدنة والبقرة عن سبعة في الأضحية]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من الضأن]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من البقر]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من الإبل]

- ‌[ما يشترط في الأضحية]

- ‌[الحكم لو أوجب الأضحية سليمة فتعيبت عنده]

- ‌[ما تتعين به الأضحية]

- ‌[بيع الأضحية في الدين]

- ‌[كيفية تقسيم الأضحية بعد الذبح]

- ‌[استبدال الأضحية]

- ‌[وقت ذبح الأضحية]

- ‌[ذبح الكتابي للأضحية]

- ‌[استحباب أن يذبح المضحي بنفسه]

- ‌[النية والتسمية عند الأضحية]

- ‌[الاشتراك في الأضحية]

- ‌[حكم العقيقة]

- ‌[على من تكون العقيقة ووقت ذبحها]

- ‌[ما يجزئ في العقيقة ومصرفها]

- ‌[كتاب السبق والرمي]

- ‌[ما يكون فيه السبق]

- ‌[أخذ العوض في المسابقة]

- ‌[كتاب الأيمان والنذور] [

- ‌أولا: كتاب الأيمان]

- ‌[اليمين المنعقدة]

- ‌[من شرط الحنث في اليمين التذكر]

- ‌[اليمين الغموس]

- ‌[اليمين اللغو]

- ‌[اليمين المكفرة]

- ‌[الحلف بالعتق]

- ‌[كفارة اليمين قبل الحنث أم بعده]

- ‌[الاستثناء في اليمين]

- ‌[الاستثناء في العتق والطلاق]

- ‌[حكم تعليق العتق والطلاق على شرط]

- ‌[ما تحمل عليه ألفاظ اليمين]

- ‌[حكم فعل المحلوف عليه ناسيا]

- ‌[حكم التأويل في اليمين]

- ‌[كتاب الكفارات]

- ‌[خصال الكفارة في اليمين على التخيير]

- ‌[الإطعام في كفارة اليمين]

- ‌[الكسوة في كفارة اليمين]

- ‌[العتق في كفارة اليمين]

- ‌[الصيام في كفارة اليمين]

- ‌[باب جامع الأيمان] [

- ‌الرجوع في الأيمان إلى النية أم العرف]

- ‌[ثانيا: كتاب النذور]

- ‌[أنواع النذر]

- ‌[ما يلزم من نذر التصدق بجميع ماله]

- ‌[حكم من نذر نذرا فعجز عنه]

- ‌[حكم من نذر صياما أو صلاة ولم يذكر عددا]

- ‌[ما يلزم من نذر المشي إلى بيت الله الحرام]

- ‌[ما يلزم من نذر عتق رقبة]

- ‌[حكم إضافة النذر لوقت]

- ‌[نذر صيام شهر ولم يسمه فمرض أو حاضت المرأة]

- ‌[قضاء نذر الطاعة عن الميت]

- ‌[كتاب أدب القاضي]

- ‌[شروط القاضي]

- ‌[مشاورة القاضي لأهل العلم والأمانة]

- ‌[قضاء القاضي بعلمه]

- ‌[نقض القاضي حكم غيره]

- ‌[اشتراط عدالة الشهود]

- ‌[شهادة مستور الحال]

- ‌[شهادة الفاسق]

- ‌[اتخاذ القاضي كاتبا عدلا]

- ‌[حكم الهدية للقاضي]

- ‌[عدل القاضي بين الخصمين]

- ‌[كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[القضاء على الغائب]

- ‌[حكم القسمة وكيفيتها]

- ‌[كتاب الشهادات]

- ‌[شروط الشاهد]

- ‌[نصاب الشهادة]

- ‌[حكم الشهادة]

- ‌[اشتراط العقل والإسلام والعدالة والبلوغ في الشاهد]

- ‌[تعريف العدالة]

- ‌[شهادة الكفار من أهل الكتاب في الوصية في السفر]

- ‌[موانع قبول الشهادة]

- ‌[حكم الشهادة على الشهادة]

- ‌[كتاب الأقضية]

- ‌[اليمين التي يبرأ بها المدعى عليه]

- ‌[حكم اختلاف شهود الزنا]

- ‌[حكم الرجوع عن الشهادة]

- ‌[ظهور كفر الشاهدين أو فسقهما بعد تنفيذ الحكم]

- ‌[حكم شهادة الزور]

- ‌[شهادة الطبيب العدل في الموضحة]

- ‌[حكم من ادعى زوجية امرأة فأنكرته]

- ‌[حكم من ادعى دابة في يد رجل فأنكره]

- ‌[حكم من كان في يده دار فادعاها رجل وأقر بها لغيره]

- ‌[حكم من مات وخلف ولدين مسلما وكافرا فادعى كل منهما أنه على دينه]

- ‌[الحكم لو افترق الزوجان وادعى كل منهما أن ما في البيت له]

- ‌[حكم من كان له على أحد حق فمنعه منه فقدر له على مال]

- ‌[كتاب العتق]

- ‌[أحكام متفرقة في العتق] [

- ‌الحكم لو كان العبد بين ثلاثة فأعتقوه]

- ‌[الحكم لو كان العبد بين اثنين فادعى كلاهما العتق]

- ‌[وطء الجارية المشتركة]

- ‌[حكم ملك من يعتق عليه]

- ‌[الإعتاق في مرض الموت]

- ‌[حكم إضافة العتق لوقت]

- ‌[حكم التدبير]

- ‌[أحكام المكاتب]

- ‌[تعجيل نجوم الكتابة]

- ‌[ولاء المكاتب]

- ‌[جناية المكاتب]

- ‌[حكم عجز المكاتب]

- ‌[الحكم لو ادعى المكاتب وفاء كتابته]

- ‌[حكم ولد المكاتبة]

- ‌[بيع المكاتب]

- ‌[الحكم لو ملك المكاتب أباه أو ذا رحم]

- ‌[كتاب عتق أمهات الأولاد]

- ‌[أحكام أمهات الأولاد]

- ‌[جناية أم الولد]

- ‌[وصية الرجل لأم ولده]

- ‌[قذف أم الولد]

الفصل: الكتابة بموته، وما في يده لسيده، وإن قيل ثم: إنه

الكتابة بموته، وما في يده لسيده، وإن قيل ثم: إنه يعتق بملك ما يؤدي فقد مات حرا، فلسيده بقية كتابته، لأنه دين له عليه، وما بقي فلوارثه انتهى.

ولا تختلف الرواية أنه إذا لم يخلف وفاء أن الكتابة تبطل بموته، قال أبو محمد: إلا أن يموت بعد أداء ثلاثة أرباع الكتابة، فإن مقتضى قول القاضي وأبي بكر ومن وافقهما أنه يموت حرا، انتهى. وقد تقدم الطعن في هذا النقل، ثم إن هذه المسألة غير تلك كما تقدم، والله أعلم.

قال: وإذا مات السيد كان العبد على كتابته، وما أدى فبين ورثة سيده مقسوما كالميراث.

ش: ملخص هذا أن الكتابة لا تنفسخ بموت السيد، وهذا والله أعلم اتفاق، وقد قال أبو محمد: لا نعلم فيه خلافا. وذلك لأنه عقد لازم من جهته، فلم ينفسخ بموته كالبيع والإجارة، فعلى هذا الكتابة باقية فيؤدي الذي عليه لورثة السيد، فيقتسمونه على حسب إرثهم كما يقتسمون ديونه والله أعلم.

[ولاء المكاتب]

قال: وولاؤه لسيده.

ش: يعني أنه إذا أدى ما عليه للورثة وعتق، فإن ولاءه لسيده، لأنه المنعم عليه بالعتق، لتسببه فيه، فأشبه ما لو

ص: 491

أدى إليه، وهذا هو المذهب المشهور (وعن أحمد رواية أخرى) إن أدى جميع ما كوتب عليه للورثة فولاؤه لهم، وإن أدى إليهم وإلى السيد فالولاء بينهما، لأنه انتقل إلى الورثة بالموت، فأشبه انتقاله إليهم بالشراء، وفرق بأن السيد في الشراء رضي بنقل حقه، وهنا الوارث يخلف الموروث، ولا ينتقل إليه شيء أمكن بقاؤه لمورثه، والولاء يمكن بقاؤه لمورثه، فلم ينتقل إليه، انتهى.

وحكم براءة الذمة له مما عليه حكم قبضه على ما تقدم، ولأبي محمد احتمال أنهم والحال هذه يختصون بالولاء، لإنعامهم عليه بما عتق به أشبه ما لو باشروا عتقه، ولو باشروا كلهم عتقه كان الولاء لهم، لأن المباشرة أقوى من التسبب، وقال القاضي: يكون الولاء أيضا للسيد إن كان عتقهم له قبل عجزه، (فعلى قوله) إن أعتق بعضهم لم يسر عتقهم، ثم إن أدى إلى الباقين عتق كله والولاء للسيد، وإن عجز فرد إلى الرق فولاء نصيب المعتق له، (وعلى الذي قبله) - وهو الذي أورده أبو محمد مذهبا - إن أعتق بعضهم فسرى إلى نصيب شركائه كان ولاؤه له، وإن لم يسر لإعساره أو غير ذلك فله ولاء ما أعتق.

قال: فإن عجز فهو عبد لسائر الورثة.

ص: 492

ش: كما لو عجز في يد السيد، واستعمل (سائر) بمعنى الجميع، كما هو الغالب عليه في استعماله.

قال: ولا يمنع المكاتب من السفر.

ش: إذ السفر من أسباب الكسب، وإنه يملكه بمقتضى عقد الكتابة، وعموم كلام الخرقي يشمل السفر الطويل والقصير وهو كذلك، كالحر المدين، وكذلك قال أبو محمد: لم يفرق أصحابنا بين السفر الطويل وغيره، قال: ولكن المذهب أن له منعه من سفر تحل نجوم كتابته قبله. قلت: وهذا مراد الأصحاب من الإطلاق بلا ريب، والله أعلم، وإنما لم يقيدوا ذلك اكتفاء بما تقدم لهم في المدين بطريق الأولى، ومن ثم يخرج لنا (قول آخر) أنه له منعه مطلقا، كما يمنع الحر المدين على رواية، وإن لم يحل الدين إلا بعد قدومه، وترك الأصحاب ذلك تفريعا على المذهب، وقد نص أحمد في رواية المروذي على أن له أن يحج ما لم يحل عليه نجم في غيبته، لكن يرد على هذا الإطلاق سفر الجهاد، فإنه ينبغي أن يمنع منه مطلقا كالحر المدين، وقوله: ولا يمنع المكاتب من السفر، قد يقال: ظاهر إطلاقه: وإن شرط عليه تركه. وهو قول القاضي فيما حكاه عنه أبو محمد، بناء على عدم صحة الشرط، لأنه ينافي مقتضى العقد لما تقدم من أنه من أسباب الكسب، فلم

ص: 493

يصح اشتراط تركه، كما لو شرط عليه أن لا يبيع ولا يشتري، والذي قطع به القاضي في الجامع، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي واختاره أبو محمد، وابن حمدان - أنه يمنع والحال هذه، بناء على صحة الشرط، لأن للسيد فيه فائدة، وهي الأمن من إباقه، ولدخوله تحت قوله عليه السلام:«المسلمون على شروطهم» الحديث.

(تنبيه) هذا الخلاف روايتان، وفاقا لأبي الخطاب والشيرازي، وأبي محمد في الكافي، وأبي البركات، وحكاه في المغني والمقنع وجهين، والله أعلم.

قال: وليس له أن يتزوج إلا بإذن سيده.

ش: لأنه عبد، بدليل ما تقدم.

3913 -

فيدخل في عموم «أيما عبد نكح بغير إذن مواليه فهو عاهر» ولأن في ذلك ضررا لاحتياجه إلى أداء النفقة والمهر من كسبه، ولربما عجز فيرق، ويرجع ناقص القيمة، وفي ذلك ضرر على

ص: 494

السيد، والضرر منفي شرعا، وهذا هو المذهب عند الأصحاب، وقد قطع به عامتهم (وعن أحمد رواية أخرى) للمكاتب التزويج بخلاف المكاتبة، قال في رواية إبراهيم الحربي: لا بأس أن يتزوج، قد اشترى نفسه بل المكاتبة لا تتزوج، لا يؤمن أن ترجع إلى الرق وهي مشغولة الفرج، انتهى.

ومفهوم كلام الخرقي أن له ذلك بإذن السيد، وهو واضح، إذ المنع لحق السيد وقد زال، ويؤيد ذلك مفهوم الحديث، وحكم التسري حكم التزويج، إن أذن له السيد جاز، وإن لم يأذن لم يجز، والله أعلم.

قال: ولا يبيعه سيده درهما بدرهمين.

ش: ملخصه أن الربا يجري بين المكاتب وسيده، لأن

ص: 495

المكاتب صار بما التزمه من العوض بمنزلة الأجنبي بدليل أن لكل منهما الشفعة على صاحبه، ولا يملك واحد منهما التصرف فيما بيد صاحبه، وهذا هو المذهب عند الشيخين وغيرهما، وقال أبو بكر وابن أبي موسى: لا ربا بينهما. قال أبو بكر: قد أخبر أحمد عن نفسه أنه ليس بين المكاتب وسيده ربا، لأنه عبد ما بقي عليه درهم. انتهى. ويستثنى من ذلك إذا عجل له ليضع عنه بعض كتابته، فإنه يجوز كما سيأتي إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

قال: وليس للرجل أن يطأ مكاتبته إلا أن يشترط.

ش: أما منع وطئها بدون الشرط فهو المذهب المصرح به، لأن الكتابة أزالت ملك استخدامها، وملك عوض بضعها، إذا وطئت بشبهة، فتزيل حل وطئها كالبيع، قال في المغني: وقيل: له وطؤها في الوقت الذي لا يشغلها الوطء عما هي فيه، وهذا القول يحتمل أنه في المذهب، ويحتمل أنه لبعض

ص: 496

العلماء، وأما جوازه مع الشرط فهو المذهب المجزوم به عند عامة الأصحاب، لعموم قوله عليه السلام:«المسلمون على شروطهم» ولأنه استثنى بعض ما كان له، فصح كاستثناء الخدمة، يحققه أن ملكه باق عليها، وإنما منع منه لحقها، ومع الشرط الحق عليها، وظاهر كلام أحمد في رواية أبي طالب أنه يمنع من ذلك مطلقا، قال: لا يطأ مكاتبته، لأنه لا يقدر أن يبيعها ولا يهبها، وهذا اختيار ابن عقيل، لأن الملك والحال هذه غير تام، أشبه الواطئ في مدة الخيار.

قال: فإن وطئ ولم يشترط أدب.

ش: لفعله المحرم، فيؤدب زجرا له عما ارتكبه، وفي بعض نسخه: ولم يبلغ به حد الزاني. وقد تقدم ذلك في التعزيرات وافيا، فلا حاجة إلى إعادته، وقد علم من كلام الخرقي أنه لا حد عليه، وهو كذلك، لوجود الملك، وعموم كلام الخرقي

ص: 497

يشمل العالم بالتحريم والجاهل به، وقيد أبو محمد ذلك بالعالم، وهو حسن، والله أعلم.

قال: وكان لها عليه. مهر مثلها.

ش: لأن ذلك عوض منفعتها، فكان لها كبقية منافعها، وكلام الخرقي يشمل وإن كانت مطاوعة، وهو أحد الوجهين، وبه قطع أبو محمد، بناء على أن للسيد في ذلك حقا فلا يسقط برضاها، كالأمة القن (الوجه الثاني) لا شيء لها إذا، وهو الذي أورده ابن حمدان مذهبا، لأن المغلب في ذلك حقها، فسقط بمطاوعتها كالحرة.

(تنبيه) الواجب مهر واحد، وإن وطئ مرارا كوطء الشبهة، نعم إن أدى مهر وطء، ثم وطئ ثانيا وجب مهر ثان، لأن الأداء قطع حكم الوطء الأول، وقوله: فإن وطئ ولم يشترط أدب، وكان لها عليه مهر مثلها، مقتضاه أنه مع الشرط لا أدب ولا مهر عليه، وهو كذلك، لجواز ذلك على رواية والله أعلم.

قال: فإن علقت منه فهي مخيرة بين العجز وأن تكون له أم

ص: 498

ولد، وبين المضي على الكتابة، فإن أدت الكتابة عتقت، وإن عجزت عتقت بموته، وإن مات قبل عجزها انعتقت، لأنها صارت من أمهات الأولاد، وسقط عنها ما بقي من كتابتها، وما في يدها لورثة سيدها.

ش: إذا علقت منه مكاتبته - سواء شرط وطأها أو لم يشترط - ووضعت ما تصير به الأمة أم ولد كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فقد اجتمع فيها سببان، الكتابة وصيرورتها أم ولد، فيعمل على ذلك، إذ لا منافاة بينهما، فعلى هذا إن أدت عتقت بحكم الكتابة، وما في يدها لها بلا ريب، لأن ما في يد المكاتب بعد أدائه له، وإن عجزت وعادت قنا بطل حكم الكتابة، وعتقت بموته، وما في يدها لورثة سيدها، عملا بحكم الإيلاد، وإن مات سيدها قبل عجزها عتقت بموته، عملا بحكم الإيلاد أيضا، وسقط عنها ما بقي من كتابتها، لحصول الحرية التي بذل العوض في تحصيلها، واختلف فيما في يدها هل يكون لها، وهو اختيار القاضي في المجرد، وفي الظهار من التعليق، وابن عقيل وأبي محمد، إذ العتق إذا وقع في

ص: 499

الكتابة لم يبطل حكمها، كالإبراء من نجوم الكتابة، ولأن ملكها كان ثابتا، والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه، أو لورثة سيدها وهو الذي قاله الخرقي، وأبو الخطاب في الهداية، وأورده ابن حمدان مذهبا، لأنها عتقت بحكم الإيلاد، فأشبه ما لو لم تكن مكاتبة؟ على قولين، هذا شرح المسألة في الجملة، وفاقا للشيخين وغيرهما، وقد يقال: إن في كلام الخرقي ما يخالف ذلك، أو يزيد عليه من جهة قوله: إنها مخيرة بين العجز وكونها له أم ولد، وبين المضي على الكتابة. ومقتضى هذا أن لها أن تختار العجز وإبطال حكم الكتابة، فتصير أم ولد فقط، وأن تمضي على الكتابة فيجتمع فيها سببان كما تقدم، ولذلك حكى ذلك الشيرازي رواية، وحكى رواية أخرى أنه إذا مات سيدها يلزمها أداء بقية مال الكتابة إلى الورثة.

(تنبيه) الخرقي ذكر حكم الإيلاد إذا طرأ على الكتابة، ولو طرأت الكتابة على التدبير فالحكم كذلك، والله أعلم.

قال: وإذا كاتب نصف عبد فأدى ما كوتب عليه ومثله لسيده، صار نصفه حرا بالكتابة، إن كان الذي كاتبه معسرا،

ص: 500

وإن كان موسرا عتق كله، وكان نصف قيمته على الذي كاتبه لشريكه.

ش: للإنسان أن يكاتب شقصا له من عبد، وإن لم يأذن شريكه، في ذلك، كما هو ظاهر إطلاق الخرقي، إذ الكتابة عقد معاوضة، فجازت بغير إذن الشريك كالبيع، واختار ابن حمدان اشتراط إذنه إن كان معسرا، انتهى، وإذا كاتبه لم يسر إلى نصيب شريكه كما تضمنه كلام الخرقي أيضا، لم تقدم من أنها عقد معاوضة فهي كالبيع، وإذا لم تسر الكتابة كان كسبه والحال هذه مشتركا بينه وبين سيده، كما قبل الكتابة، فإذا أدى ما كوتب عليه، ومثله لسيده الآخر، عتق نصفه بالكتابة، لوجود الشرط وهو أداء ما كوتب عليه، وانتفاء المانع، وهو دفع ما يستحقه الغير، لو لم يؤد ما كوتب عليه لم يعتق، وهو واضح، ولو أداه من جميع كسبه، ولم يؤد لسيده الآخر شيئا لم يعتق، لأن الكتابة الصحيحة إنما يعتق فيها بالبراءة من العوض، ولا يحصل ذلك بدفع ما ليس له، هذا إذا كان الأداء من جميع كسبه، أما إن هايأه سيده فكسب شيئا في يومه، أو

ص: 501

أعطي صدقة فلا حق لسيده فيه، لأنه تمحض استحقاقه له بما فيه الكتابة، لا بمجموعه، وحكى ابن حمدان رواية أخرى أنهما يتهايآن في كسبه، فيكون له يوما ولسيده يوما، وقد نص على ذلك أحمد في رواية حرب، وحيث عتق النصف المكاتب فإنه ينظر في الذي كاتبه، فإن كان موسرا سرى إلى باقيه، وغرم قيمة حصة شريكه، لأنه تسبب في إعتاقه، أشبه ما لو باشره في العتق، وإن كان معسرا لم يسر كما لو واجهه بالعتق، نعم إن قيل بالاستسعاء استسعي العبد كما تقدم، والله أعلم.

قال: وإذا عتق المكاتب استقبل بما في يده من المال حولا، وزكاه إن كان منصبا.

ش: قد تقدمت هذه المسألة للخرقي في الزكاة، فلا حاجة إلى إعادتها، والله أعلم.

قال: وإذا لم يؤد نجما حتى حل الآخر عجزه السيد إن أحب، وعاد عبدا غير مكاتب.

ش: منطوق كلام الخرقي أن للسيد أن يعجزه، بمعنى أن يفسخ الكتابة، ويرد المكاتب في الرق إذا حل عليه نجمان ولم يؤدهما، وله الصبر عليه، ومفهومه أنه ليس له تعجيزه إذا

ص: 502

حل عليه نجم واحد، وهذا إحدى الروايات، واختيار أبي بكر، ونصبه في المغني للخلاف، وقال القاضي: إنه ظاهر كلام الأصحاب.

3914 -

لأنه يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: لا يرد العبد في الرق حتى يتوالى عليه نجمان، (والرواية الثانية) أن له تعجيزه إذا حل عليه نجم واحد، لأن ذلك حق له، فكان له الفسخ بالعجز عنه، كما لو أعسر المشتري ببعض ثمن المبيع قبل قبضه (والرواية الثالثة) لا يعجز حتى يقول: قد عجزت؛ حكاها ابن أبي موسى وغيره، لأن فوات العوض لا يتحقق إلا بذلك (والرواية الرابعة) وقد تقدمت إن أدى أكثر مال الكتابة لم يرد إلى الرق، ويتبع بما بقي، وظاهرها وإن حل عليه نجوم، (وقد تضمن) كلام الخرقي أن الكتابة عقد لازم، وهو كذلك،

ص: 503

لأنها بيع، والبيع من العقود اللازمة، وإذا لا يملك السيد فسخها بغير ما تقدم، ولا العبد مطلقا، صرح بذلك غير واحد من الأصحاب، حتى قال في المغني: بغير خلاف نعلمه، وحكى ابن المنذر ما يقتضي الإجماع، ووقع في المقنع والكافي حكاية رواية بأن للعبد فسخها، وعلل ذلك ابن المنجا بأن معظم المقصود له، فإذا رضي بإسقاط حقه سقط، والظاهر أن هذا وهم، بدليل ما تقدم، والذي ينبغي حمل ذلك على أن له الفسخ، أي التسبب فيه، بمعنى أنه يمتنع من الأداء، فيملك السيد الفسخ، وهذا كما أن ابن عقيل والشيرازي وابن البنا قالوا: إنها لازمة من جهة السيد، جائزة من جهة العبد، وفسروا ذلك بأن له الامتناع من الأداء فيملك السيد الفسخ، انتهى. وظاهر كلام الخرقي أن الفسخ من السيد - والحال ما تقدم - لا يفتقر إلى حاكم، وهو كذلك.

(تنبيه) لو اتفق السيد والعبد على الفسخ جاز، قاله في الكافي كالبيع، والله أعلم.

قال: وما قبض من نجوم كتابة استقبل بزكاته حولا.

ص: 504