الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم ابنتها، أما ولد ابنها فحكمه حكم أمه، واعلم أن كلام الخرقي في ولد المكاتبة من غير سيدها، أما من سيدها فقد تقدم له حكمه، فلهذا لم يحترز عنه.
(تنبيه) لم يتعرض الخرقي لولد المكاتب، والحكم أنه لا يخلو إما أن يكون من أمة أو حرة، (فإن كان) من حرة فهو حر كأمه (وإن كان) من أمة فلا تخلو الأمة إما أن تكون له أو لغيره (فإن كانت) له تبعه الولد، وهل تتبعه الأمة في صيرورتها أم ولد، فيتحقق الاستيلاد فيها بعتقه، أو يتحقق رقها برقه وهو المذهب، أو لا تتبع أصلا فله بيعها مطلقا؟ على وجهين، (وإن كانت) الأمة لغيره فلا يخلو إما أن يكون السيد أو غيره، فغيره الولد رقيق كأمه، والسيد كذلك إلا أن يشترط المكاتب تبعية ولده له، فإنه يتبعه عملا بالشرط، والله أعلم.
[بيع المكاتب]
قال: ويجوز بيع المكاتب.
ش: هذا هو المذهب المشهور المنصوص، نقله الجماعة عن أحمد، واختاره الأصحاب.
3917 -
لما «روت عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت: إني قد
عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق» ففعلت عائشة رضي الله عنها، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:«أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق» » متفق عليه واللفظ للبخاري. وهذا ظاهر في أنها بيعت في كتابتها قبل أن تعجز وترق بعلم النبي صلى الله عليه وسلم، بل وأمره لقولها: فأعينيني، وإخبار عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم لها:«خذيها» وعند مسلم: «اشتريها» وفي لفظ: «ابتاعي» ولهذا قال ابن المنذر: بيعت بريرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكاتبة، فلم ينكر ذلك، ولا أعلم خبرا يعارض ذلك، ولا دليلا من خبر على عجزها.
(وعن أحمد) رواية أخرى: لا يجوز بيع المكاتب، أومأ إليها في رواية أبي طالب، وسأله: هل يطأ مكاتبته؟ قال: لا
يطؤها، لأنه لا يقدر أن يبيعها ولا يهبها، وذلك لأن سبب العتق قد ثبت له على وجه لا يستقل السيد برفعه، فمنع البيع كالاستيلاد، وأجيب بمنع القياس مع النص، ثم إن لنا في أم الولد منعا على رواية، وعلى المذهب الفرق أن سبب حريتها مستقر، لا سبيل إلى فسخه بحال، والمكاتب ليس كذلك، لجواز عوده رقيقا، (وعن أحمد) رواية ثالثة حكاها ابن أبي موسى: يجوز بيع المكاتب بقدر مال الكتابة، لصورة النص، ولا يجوز بأكثر منها اعتمادا على القياس السابق.
(تنبيه) الحكم في هبته والوصية به كالحكم في بيعه (وعنه) أنه منع من الهبة، قصرا على المورد أيضا كما تقدم، أما وقفه فلا يجوز، لانتفاء شرطه وهو الاستقرار، والله أعلم.
قال: ومشتريه يقوم فيه مقام المكاتب.
ش: مشتري المكاتب يقوم في أمره مقام المكاتب، لأنه بدل عنه، فأعطي حكمه، فعلى هذا إن أدى إليه عتق، وإن عجز أو اختار تعجيزه رد في الرق، ومقتضى كلام الشيخ أن الكتابة لا تنفسخ بالبيع وهو كذلك، إذ الكتابة عقد لازم، فلم تنفسخ بذلك كالإجارة، مع أن ابن المنذر قد حكى ذلك إجماعا عن كل من يحفظ عنه من أهل العلم، ولا يرد عليه
مخالفة ابن حزم، لأنه ليس هو من حفظ عنه العلم، والله أعلم.
قال: فإذا أدى صار حرا وولاؤه لمشتريه.
ش: قد تقدم أن مشتريه يقوم مقام البائع، فإذا أدى إليه صار حرا وعتق، وكان ولاؤه له، وقد شهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:«ابتاعي وأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق» وإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أهلها لما اشترطوا ولاءها، والله أعلم.
قال: فإن لم يبين البائع للمشتري أنه مكاتب كان مخيرا بين أن يرجع بالثمن أو يأخذ ما بينه سليما ومكاتبا.
ش: الكتابة عيب، لمنع المشتري من التصرف في العبد، وانتفاء اكتسابه ومنافعه، فعلى هذا إن بين البائع للمشتري فلا كلام، لأنه دخل على بصيرة، وإن لم يبين له ذلك كان مخيرا بين فسخ البيع والرجوع بالثمن، وبين الإمضاء وأخذ الأرش، وهو قسط ما بين قيمته سليما ومكاتبا، منسوبا إلى الثمن، فإذا قيل إن قيمته مكاتبا أربعون، وغير مكاتب ستون، والثمن تسعون، فقد نقصته الكتابة ثلث قيمته، فيرجع بثلث ثمنه، والله أعلم.