الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صنع ما شاء، واختلف في الصنائع الدنيئة هل مرتكبها مخل بالمروءة كالزبال، والحجام، والحائك، والحارس ونحوهم، على وجهين المشهور منهما لا، لكن لا يقبل مستور الحال منهم وإن قبل من غيرهم، وهذا المكان يحتاج إلى بسط لا يليق بهذا المختصر، والله أعلم.
[شهادة الكفار من أهل الكتاب في الوصية في السفر]
قال: وتجوز شهادة الكفار من أهل الكتاب في الوصية في السفر، إذا لم يكن غيرهم.
ش: الأصل في ذلك قَوْله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106] الآية وهذا ظاهر في ذلك.
3846 -
ثم قد زاده إيضاحا بحيث صيره نصا ما روي «عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري، وعدي بن بداء، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جاما من فضة، مخوصا بذهب، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وجدوا الجام بمكة فقالوا: ابتعناه من تميم
الداري، وعدي بن بداء، فقام رجلان من أوليائه فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما.
وأن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] » رواه البخاري وأبو داود فقد وافق قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم الآية الكريمة، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم قضوا بذلك، فدل على بقاء الحكم بعد وفاته.
3847 -
«فعن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا هذه، ولم يجد أحدا من المسلمين، يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة فأتيا الأشعري يعني أبا موسى، فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر
لم يكن بعد أن كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كذبا، ولا بد لا ولا كتما، ولا غيرا، وأنها لوصية الرجل وتركته، وأمضى شهادتهما» .
رواه أبو داود.
3848 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قضى بذلك في زمان عثمان رضي الله عنه رواه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ، وقد تبين بمجموع هذا (رد قول من زعم) أن المراد {مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] أي من غير عشيرتكم، (وقول من زعم) أن المراد بالشهادة الحضور، كما في قوله {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] ويكون المعنى فليحضر اثنان، أي يوصي إليهما في هذه الحالة، تأكيدا أو نحو ذلك، (وقول من زعم) أن المراد بالشهادة اليمين، كما في آية
اللعان أيضا، وأبعد من هذه الأقوال (من زعم) نسخ الآية [الكريمة، إذ لا دليل على ذلك، مع أن السلف عملت عليه، ومن ثم أخذ أكثر السلف بظاهر الآية] قال ابن المنذر: به قال أكابر الماضين.
والظاهر أن الأئمة لو بلغتهم الأحاديث لأكدت عندهم ظاهرا الآية، ولم يعدلوا عنها، قال أحمد: أهل المدينة ليس عندهم حديث أبي موسى، من أن يعرفونه؟ إذا تقرر هذا (فشرط الخرقي) لشهادة الكفار والحال ما تقدم أن يكونوا من أهل الكتاب، وهو المشهور من الروايتين، لأن الأحاديث التي وردت في ذلك إنما وردت في أهل الكتاب، ولا يحسن إلحاق غيرهم بهم (والرواية الثانية) لا يشترط ذلك، تمسكا بإطلاق الآية الكريمة، ونظرا لحال العذر، وقيل (يشترط) مع كونهم من أهل الكتاب أن يكون لهم ذمة وليس بشيء، (ويشترط) أيضا أن لا يوجد غيرهم، وهو كذلك كما في الأحاديث، وكما أومأت إليه الآية الكريمة (ويشترط) أيضا أن يحضر الموصي الموت، كما في الآية والأحاديث، وعموم كلامه يشمل الوصية من المسلم والكافر وهو كذلك.