الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خالف الحق منها، وإن لم يخالف واحدا من الثلاثة. ويتلخص فيمن هذه حاله ثلاثة أقوال.
(النقض) مطلقا، (النقض) إن خالف الصواب، وإن لم يخالف واحدا من الثلاثة (حكمه حكم غيره) إن خالف حكمه واحدا من الثلاثة نقض وإلا فلا، وهو ظاهر كلام المجد، ويشهد له إطلاق الأكثرين.
وقوة كلام الخرقي يقتضي أنه لا يجب عليه تتبع قضايا من كان قبله، وصرح بذلك أبو محمد في كتابيه، وظاهر كلامه في المقنع - تبعا لأبي الخطاب في الهداية - الوجوب، وهو الذي أورده ابن حمدان في الكبرى مذهبا، والله أعلم.
[اشتراط عدالة الشهود]
[شهادة مستور الحال]
قال: وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه، فإن عدله اثنان قبل شهادته.
ش: وضع هذه المسألة أن مستور الحال - وهو من عرف إسلامه وجهل حاله - هل تقبل شهادته؟ فيه روايتان مشهورتان (إحداهما) - وهي اختيار أبي بكر والخرقي فيما قاله القاضي في روايتيه، اعتمادا على قوله فيما بعد: والعدل من لم تظهر منه ريبة - تقبل شهادته في الجملة (والرواية الثانية) - وهي المذهب عند الأكثرين، القاضي وأصحابه، وأبي محمد والخرقي، فيما قاله أبو البركات، اعتمادا على لفظه هنا، وهو ظاهر - لا تقبل،
ومنشأ الخلاف أن العدالة هل هي شرط لقبول الشهادة، والشرط لا بد من تحقق وجوده، وإذا لا يقبل مستور الحال لعدم تحقق الشرط فيه، أو الفسق مانع فيقبل، إذ الأصل عدم الفسق، ويشهد للأول قَوْله تَعَالَى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] فوصف الشاهدين بعد كونهما من رجالنا - وهم المسلمون - بأن يكونا من الذين نرضاهم، فدل على اشتراط زيادة على الإسلام وهي العدالة، ويؤيد ذلك ويوضحه قَوْله تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فأمر باستشهاد العدل، ومستور الحال لا تعلم عدالته، فلا يخرج من عهدة الأمر باستشهاده، ويشهد للثاني قَوْله تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] أو (فتثبتوا) فأمر سبحانه بالتثبت أو بالتبين عند مجيء الفاسق، ومقتضاه أنه لا يتبين ولا يتثبت عند عدم الفسق، إذ الفسق هو السبب للتثبت، فإذا انتفى الفسق انتفى التثبت، إذ لا بقاء للمسبب عند انتفاء السبب.
3805 -
وأيضا ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال. يعني رمضان، فقال: «أتشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: نعم. قال: «أتشهد أن محمدا رسول
الله؟» قال: نعم. قال: «يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا» رواه الخمسة إلا أحمد فاكتفى صلى الله عليه وسلم بمجرد إسلامه، وأجيب عن الحديث بأن الصحابة عدول، فلا حاجة إلى البحث عن عدالتهم، وعن الآية الكريمة بأنا نقول بموجبها، وأنه إذا انتفى الفسق انتفى التثبت، لكن إنما ينتفي الفسق بالخبرة به أو بالتزكية، فإن قيل: ينتفي بأن الأصل في المسلمين العدالة.
قيل: لا نسلم هذا، إذ العدالة أمر زائد على الإسلام، ولو سلم هذا فمعارض بأن الغالب - لا سيما في زماننا هذا - الخروج عنها، وقد يلتزم أن الفسق مانع، ويقال: المانع لا بد من تحقق ظن عدمه كالصبي والكفر.
إذا تقرر هذا فإذا عرف الحاكم عدالة الشاهد أو فسقه عمل على ذلك، كما أشار إليه الخرقي بقوله: من لا يعرفه. لما تقدم من أن الحاكم يحكم بعلمه في ذلك، وإن جهلهما فعلى الأولى إن كان مسلما قبل شهادته ما لم يظهر له منه ريبة، من غفلة أو غير ذلك، ولم يقدح فيه خصمه، فإن جهل إسلامه فلا بد من المعرفة به، وذلك إما بخبره عن نفسه بأنه مسلم، أو بإتيانه بما يصير به مسلما، وإما ببينة أو اعتراف من المشهود عليه، ولا