الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ذلك مصرف الوقف، والولاية والعزل، ونحوه في الكافي، ومقتضى كلامه في المقنع عدم حصر ذلك، بل ضبطه بما يتعذر علمه في الغالب إلا بذلك، ومثل له بما في المغني، وزاد الخلع تبعا للهداية، ثم قال: وما أشبه ذلك.
وزاد عليه أبو البركات الطلاق، وقال فيه وفي الخلع: نص عليه.
وكلامه محتمل للحصر وعدمه.
إذا تقرر هذا فمن شرط الشهادة بالاستفاضة على ظاهر كلام الخرقي والإمام أن يستفيض ذلك، بحيث يسمعه من عدد يقع له العلم بخبرهم، لما تقدم من قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقوله عليه السلام على مثلها فاشهد أو دع ونحو ذلك، وقال القاضي في المجرد: يكفي أن يسمع من عدلين فصاعدا، ويسكن قلبه إلى خبرهما، لأن الحقوق تثبت باثنين، قال أبو البركات: والأصح أنه متى وثق بمن أخبره، وسكنت نفسه له فليشهد، وإلا فلا، ومقتضى هذا ولو أنه واحد، والله أعلم.
[اشتراط العقل والإسلام والعدالة والبلوغ في الشاهد]
قال: ومن لم يكن من الرجال والنساء عاقلا مسلما بالغا عدلا، لم تجز شهادته.
ش: يشترط للشاهد - سواء كان رجلا أو امرأة - شروط (أحدها) العقل فلا تقبل شهادة منه ليس بعاقل إجماعا قاله ابن
المنذر، وسواء كان عدم عقله بجنون أو سكر، أو طفولية أو غير ذلك، إذ هؤلاء لا تحصل الثقة بهم، ولا يحصل لهم علم بما يشهدون به، فمعنى الشهادة منتف فيهم (الثاني) الإسلام، وهو - والله أعلم - إجماع في الجملة، لقول الله سبحانه {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وقَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] والكافر ليس بذي عدل، ولا هو من رجالنا، ولا هو ممن نرضاه، ثم من العلماء من عمم ذلك في كل شيء، ومنهم من استثنى صورة أو صورتين، ومذهبنا استثناء صورة بلا نزاع، وهي الوصية في السفر كما سيأتي، واختلف عن إمامنا في صورة ثانية وهي شهادة بعضهم على بعض، والمشهور عنه رواية الجماعة - قيل رواه عنه نحو عشرين نفسا - عدم القبول فلا استثناء لما تقدم.
3838 -
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة» رواه أهل السنن وهم أخون الخونة، ونقل عنه حنبل: تقبل شهادة بعضهم على بعض، كما يلي بعضهم على بعض.
3839 -
ولما يروى «عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض» ، رواه ابن ماجه، وقد رد هذا لضعفه، والأول بأن مناط الولاية القرابة والشفقة، وذلك موجود فيهم، على أنا نمنع ذلك على وجه عندنا، وأجاز ذلك البرمكي في صورة خاصة للحاجة، وهي شهادة السبي بعضهم لبعض في النسب، إذا ادعى أحدهم أن الآخر أخوه، ولا نزاع عند الأصحاب أن المذهب الأول، وإنما اختلفوا في إثبات الخلاف، فابن حامد والقاضي وأصحابه على إثباته، والخلال خطأ حنبلا في ذلك ولم يثبته رواية، بناء على قاعدته في أن ما انفرد به حنبل عن الرواة لا يحكى رواية، وكذلك خطأه صاحبه عبد العزيز، وقال: إنه غلط لا شك فيه، ومال أبو محمد إلى قولهما، وقال: الظاهر الغلط.
وبالجملة على هذا القول تعتبر عدالته في دينه، مع بقية شروط الشهادة، وهل يعتبر اتحاد الملة؟ فيه وجهان.
(تنبيه) الحاكون لهذه الرواية يقولون فيما رأيت: (وعنه) تقبل شهادة بعضهم على بعض.
ومقتضاه أن شهادة بعضهم لبعض لا تقبل بلا نزاع (الشرط الثالث) البلوغ على المشهور من الروايات، والمختار للأصحاب، متقدميهم ومتأخريهم، لظاهر قوله سبحانه {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] والصبي ليس من الرجال، وقوله سبحانه:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] والصبي لا يرضى لعدم الثقة بقوله، إذ لا وازع له عن الكذب، وأيضا قوله سبحانه:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] والصبي لا يتعلق به مأثم، ولا ينهى نهي تأثيم، فدل على أنه لا مدخل له في الشهادة، ولأن من لا يقبل قوله على نفسه لا يقبل قوله على غيره كالمجنون (والرواية الثانية) يقبل ممن هو في حال أهل العدالة، لإمكان الضبط منه، ولهذا صح تحمله فأشبه البالغ، ثم إن ابن حامد على هذه الرواية استثنى الحدود والقصاص، فلم يقبل شهادته فيها احتياطا لذلك، وهل يكتفى بالعقل على هذه الرواية، وهو مقتضى نص أحمد في رواية حنبل، وقول القاضي في روايتيه،
وأبي البركات أو لا بد من بلوغ عشر سنين، وهو ظاهر منصوصه، في رواية ابن إبراهيم، وقول أبي محمد في المغني والكافي؟ على قولين (والرواية الثالثة) لا يقبل إلا في الجراح.
3840 -
لأن ذلك يروى عن علي رضي الله عنه ولأن الحاجة داعية إلى ذلك، فأشبه شهادة النساء على الولادة، قال الشريف وأبو الخطاب: قال شيخنا: إذا جاءوا قبل أن يتفرقوا.
أي عن الحالة التي تجارحوا عليها، فإن جاءوا بعد أن تفرقوا لم تقبل شهادتهم، لاحتمال أن يلقنوا، وظاهر كلام الشيخين أن هذا القيد من تمام الرواية، وقال القاضي في الجامع: أو يشهد على شهادتهم قبل أن يتفرقوا، وزاد ابن عقيل في التذكرة فيما إذا
وجد الجراح في الصحراء (الشرط الرابع) العدالة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وقال سبحانه: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] أو (فتثبتوا) فأمر سبحانه بالتبين أو التثبت عند مجيء الفاسق.
3841 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت» رواه أحمد وأبو داود.
وكان أبو عبيد لا يراه خص بالخائن والخائنة أمانات الناس، بل جميع ما فرض الله تعالى على العباد القيام به، وهو حسن، ويؤيده قَوْله تَعَالَى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72] الآية ولأن الثقة لا تحصل بقوله، لارتكابه محظور الدين، والكذب من جملته.
3842 -
وما أحسن ما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا يؤسر رجل بغير العدول.
ويتفرع على هذا عدم قبول شهادة
الفاسق، ثم هو على قسمين (فاسق من جهة الأفعال) وهو من ارتكب كبيرة كالزنا، أو شرب الخمر، أو قتل النفس التي حرم الله تعالى بغير الحق، أو الغيبة، أو النميمة، أو ترك الصلاة ونحو ذلك، أو أدمن على صغيرة، كنظرة محرمة، وسب بغير الزنا ونحو ذلك.
(وفاسق من جهة الاعتقاد) وهو الذي يعتقد البدعة، كمن يذهب مذهب الرافضة الذين يسبون الصحابة، ويزعمون في علي رضي الله عنه أنه الأحق بالخلافة من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ونحو ذلك، أو مذهب الجهمية القائلين بنفي غالب الصفات، ومن جملة ذلك الاستواء اللائق بذاته سبحانه وتعالى، أو مذهب المشبهة
المشبهين الله تعالى بخلقه، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وخرج أبو الخطاب رواية بقبول شهادة الفاسق من جهة الاعتقاد، إذ لم يتدين بالشهادة لموافقه على مخالفه، كالخطابية الذين يشهد بعضهم لبعض بتصديقه، من رواية قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، إذ لهم وازع عن الكذب، قال أبو محمد: وروي عن أحمد جواز الرواية عن القدري إذا لم يكن داعية، فكذلك الشهادة قلت: وهذا لعله لتخريج أبي الخطاب، ومن الفساق من فعل شيئا من الفروع المختلف فيها معتقدا للتحريم، كحنبلي أو شافعي نكح امرأة بغير ولي، أو شرب من النبيذ ما لم يسكره، ونحو ذلك على المذهب المنصوص، ولأبي الخطاب احتمال بقبول شهادته، لوقوع الخلاف في ذلك، أما من فعل من الفروع ما يعتقد إباحته،
كحنفي شرب من النبيذ ما لا يسكره، أو تزوج بلا ولي، وشافعي أخر الحج الواجب مع إمكانه، أو نكح نكاح تحليل ونحو ذلك، فهل يفسق وترد شهادته، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية عبد الله في الحج، واختيار أبي بكر والشيرازي، أو لا يفسق، ولا ترد شهادته، وهو منصوصه في رواية صالح في شارب النبيذ، واختيار القاضي والشيخين؟ على قولين، ولعل مبناهما على أن كل مجتهد مصيب أو المصيب واحد.
تنبيهات (أحدها) الكبيرة على نص أحمد ما فيها حد في الدنيا، كشرب الخمر، والزنا والسرقة، أو وعيد في الأخرى كاليمين الفاجرة، وأكل الربا، والغيبة، على الأشهر ونحو ذلك.
(الثاني) بقي على الخرقي من شروط من تقبل شهادته شرطان (أحدهما) الحفظ، فلا تقبل شهادة مغفل، ولا معروف بكثرة الغلط والنسيان وسيأتي (الثاني) النطق، فلا تقبل شهادة
الأخرس، على المنصوص المجزوم به عند الأكثرين، وإن فهمت إشارته، لأن الشهادة يعتبر فيها التحقيق والتيقن، والإشارة فيها نوع احتمال، وقيل: - وأومأ إليه أحمد -: إنها تقبل من المفهوم إشارته، كما يصح لعانه إذا قلنا إنه شهادة ونحو ذلك، ويحتمل هذا كلام الخرقي، وتوقف الإمام فيما إذا أداها بخطه، وقال أبو بكر: لا تقبل، وهو (أحد احتمالي) القاضي، مفرقا بينهما وبين الطلاق ونحوه، بأن الطلاق له كناية فضعف، فلهذا وقع فيه بالكناية، والشهادة ليس لها إلا صريح، فقويت فلم تدخلها الكناية، (والاحتمال الثاني) - وهو اختيار أبي البركات - تقبل، إذ الكناية عندنا بمنزلة الصريح على أصح الروايتين وأشهرهما، ولذلك صح نكاح القادر على النطق بها على المذهب (الثالث) قد يقال: إن ظاهر كلام الخرقي قبول شهادة البدوي على من هو من أهل القرية كالعكس، وهذا اختيار أبي الخطاب في الهداية، وإليه ميل أبي محمد، لدخوله في العمومات، والذي قطع به القاضي في الجامع، وأظن وفي التعليق، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي وغيرهم عدم القبول.
3843 -
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية» رواه أبو داود وابن