الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستمتاع بها واستخدامها، فملك ذلك، كالأمة القن.
3935 -
مع أن أحمد رحمه الله نقل ذلك عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة، وهذه المسألة داخلة في عموم قوله: أحكام أمهات الأولاد أحكام الإماء، وإنما نص على ذلك لخلاف العلماء في ذلك، إذ منهم من منع مطلقا، ومنهم من أجازه ومنع الإجبار، وكلا القولين للشافعي رحمه الله. والله أعلم.
[قذف أم الولد]
قال: ولا حد على من قذفها.
3936 -
ش: هذا منصوص أحمد قال: ابن عمر رضي الله عنهما يقول: عليه الحد، وأنا لا أجترئ على ذلك، إنما هي أمة،
أحكامه أحكام الإماء، وقد أشار أحمد في النص إلى التعليل، وهو أن حكمها حكم الإماء، فكذلك في القذف، بل أولى، لأن الحد يحتاط لإسقاطه، ويدرأ بالشبهة، وهذا هو المذهب عند الأصحاب (وعن أحمد) رواية أخرى: عليه الحد، نقلها أبو طالب، فقال: إذا كان لها ابن يحد، إنما أراد ابنها، واحتج بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهذه الرواية أيضا معللة من أحمد، ثم إن كثيرا من الأصحاب يطلق هذه الرواية، وظاهرها أنها مقيدة بما إذا كان لها ولد، وهو ظاهر كلام القاضي في التعليق، قال بعد أن حكاها: فأوجب الحد لا لأجلها، لكن لأجل ما يقدح في نسب ولدها، وعلى هذا ينتفي الخلاف إذا لم يكن لها ولد، فيكون المذهب رواية واحدة أنه لا يحد قاذفها، ويكون محل الخلاف فيما إذا كان لها ابن حر، واشترط حرية الابن، وإن لم يكن في نص أحمد، لكنه معلوم قطعا، إذ صيرورتها أم ولد مشروط بذلك كما تقدم. وينبغي إجراء الروايتين فيما إذا كان لها زوج حر، وكذلك ينبغي إجراؤها
في الأمة القن، والحال ما تقدم، ونظير ذلك لو قذف أمة أو ذمية لها ابن أو زوج مسلمان، فهل يحد؟ على روايتين، ذكرهما أبو البركات، وغيره، وينبغي أن يقيد الابن والزوج بأن يكونا حرين والله أعلم.
قال: وإن صلت أم الولد مكشوفة الرأس كره لها ذلك وأجزأها.
ش: قد تقدم ذلك في الصلاة، فلا حاجة إلى إعادته، إلا أنه ثم قال: يستحب أن تغطي رأسها. ونص هنا على أن تركها المستحب يكون مكروها، فقد يؤخذ من كلامه أنه حيث نص على الاستحباب يكون تاركه فاعلا لمكروه، وإن لم يكن في كلامه ما يخالف ذلك، والله أعلم.
قال: وإن قتلت أم الولد لسيدها فعليها قيمة نفسها والله أعلم.
ش: لأن الجناية وجدت منها وهي مملوكة، وجناية المملوك لا يجب فيها أكثر من قيمته، ولم تستقر وهي حرة، وإنما وجد الاستقرار والحرية في حال واحدة، فلم يتقدم شرط وجوب دية حر وهو حريتها، وقد أطلق الخرقي والقاضي وجماعة من
أصحابه، وأبو محمد في كتبه، أن عليها قيمة نفسها، وقال أبو الخطاب في كتابيه، وأبو البركات، وابن حمدان: عليها الأقل من قيمتها أو أرش جنايتها، ولعل إطلاق الأولين محمول على الغالب، إذ الغالب أن قيمة الأمة لا تزيد على دية الحر، وقد حكى ابن المنجا عن أبي محمد في المغني أنه قال فيه: يجب أن يقال الواجب الأقل. ولم أر ذلك في المغني الذي بأيدينا، وهذا كله فيما إذا اختار الولي المال، أو كانت الجناية خطأ، أما إن كانت عمدا واختار الولي القصاص فله ذلك، لأن سيدها أكفى منها بلا ريب، نعم، يستثنى من ذلك ما إذا كان ولدها موجودا، فإنه إن كان الوارث وحده فلا قصاص، لانتفاء وجوب القصاص للابن على والده، وكذلك إن كان معه غيره، لأنه يرث بعض الدم، وإذا يسقط القصاص لعدم تبعيضه، هذا هو المذهب، وقد توقف أحمد عن هذه المسألة في رواية مهنا، ونقل عنه في موضع آخر أنه يقتلها أولاده من غيرها.
ومقتضى كلام الخرقي أنها تعتق والحال ما تقدم، وهو كذلك، لأن المقتضي لعتقها زوال ملك سيدها بالموت، وقد زال، فإن قيل: ينبغي أن لا تعتق، كما منع القاتل الميراث، لاستعجالها ما أجل لها؟ قيل: إذا لم تعتق يلزم نقل الملك فيها، وإنه ممتنع، وفيه نظر، لأن الاستيلاد كما هو سبب للعتق بعد الموت، كذلك النسب سبب للإرث، فكما جاز تخلف الإرث مع قيام السبب بالنص، فكذلك ينبغي أن يتخلف العتق مع قيام سببه، لأنه مثله، وقد قيل في وجه الفرق أن الحق وهو الحرية لغيرها، فلا تسقط بفعلها، بخلاف الإرث فإنه تمحض حقها، وأورد عليه المدبرة، يبطل تدبيرها إذا قتلت سيدها، وإن كان الحق لغيرها، وأجيب بضعف السبب في المدبرة، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الأمور، وله الحمد والمنة على ما أنعم به من خزائن فضله التي لا نفاذ لها ولا يطلب لها أجور، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي شريعته باقية على مر الدهور، وعلى آله وصحابته نجوم الهدى ولهم النصيب الأعلى من الأجور، كلما ذكره الذاكرون، وسها عنه الغافلون ورضي الله عن كل الصحابة أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل.