الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحكم لو ملك المكاتب أباه أو ذا رحم]
قال: وإذا ملك المكاتب أباه أو ذا رحم من المحرم عليه نكاحه، لم يعتقوا عليه حتى يؤدي وهم في ملكه، فإن عجز فهم عبيد للسيد.
ش: إذا ملك المكاتب من يعتق عليه ولو ملكه وهو حر لم يعتق بمجرد ذلك، لأنه لا يملك العتق بالقول، فبالملك القائم مقامه أولى، لكنه يمتنع عليه بيعه، لأنه بمنزلة جزئه، ثم إن أدى أو أبرئ من مال الكتابة وهو في ملكه لم يفت عتق لتمام ملكه إذا بزوال حق السيد، فيعمل المقتضى.
3918 -
وهو قوله: صلى الله عليه وسلم «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» عمله، وإن عجز ورد في الرق تحقق رقهم للسيد، كعبيده الأجانب.
وكلام الخرقي يشمل الملك بالبيع الهبة والوصية وغير ذلك، ثم إنه لم يشترط لذلك شرطا، فيدخل في كلامه الشراء بدون إذن السيد، وهو قول القاضي، وبه قطع الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، وابن عقيل وأبو محمد في المغني، وصححه ابن حمدان في رعايتيه، نظرا إلى أنه يصح أن يشتريه غيره، فصح شراؤه له كالأجنبي، وأورد أبو محمد في المقنع المذهب تبعا لأبي الخطاب في الهداية أنه لا يجوز بدون إذن السيد، حذارا من أن يخرج من ماله ما يمتنع عليه التصرف فيه، والأول أشهر، وقد ذكر القاضي أنه نص أحمد والخرقي، واعترضه أبو الخطاب
بأن كلامهما من ملك ذا رحم محرم، ويجوز حصول الملك بغير الشراء، أو بالشراء بإذن. قلت: وقد اختلفت نسخ الخرقي، ففي بعضها: وإذا اشترى. وعليها شرح أبو محمد، والظاهر والقاضي، وهذا وإن لم يكن نصا فقريب منه، وفي بعضها: وإذا ملك. وهي التي اعتمدها أبو الخطاب في الاعتراض، وهو لفظي، إذ يكفي الظهور في التمسك، وهذا هو الجواب عن كلام أحمد، إن لم يكن عنه نص بذلك. انتهى.
ويدخل في كلامه على النسخة المشروحة الهبة والوصية، وإن أضر ذلك بماله، كما إذا لم يكن لذي الرحم المحرم كسب فيلزمه نفقته، وكذلك أطلق أبو الخطاب وأبو البركات، وأبو محمد في الكافي والمغني، وقيد ذلك في المقنع بما إذا لم يضر ذلك بماله، وتبعه على ذلك ابن حمدان، والله أعلم.
قال: وإذا كان العبد لثلاثة فجاءهم بثلاثمائة درهم فقال: بيعوني نفسي بها، فأجابوه، فلما عاد إليهم ليكتبوا له كتابا أنكر أحدهم أن يكون أخذ شيئا، وشهد الرجلان إذا كانا عدلين، ويشاركهما فيما أخذا من المال، وليس على العبد شيء.
ش: ملخص هذا أن الشريكين اللذين فيهما شروط
الشهادة إذا شهدا على شريكهما الثالث بأخذ ما يستحقه والحال ما تقدم، فقد صار العبد حرا، لأن بشهادتهما كمل أداؤه لجميع ما اشترى به نفسه من مالكيه، وإذا يعتق لوجود الشرط وهو الأداء، ولا شيء عليه لذلك، ويشاركهما المشهود عليه فيما أخذا من المال، لاعترافهما بأخذه من ثمن العبد المشترك بينهم، ولأن ما في يد العبد كان لهم، وما أخذاه كان في يده، ولا تقبل شهادتهما المتقدمة في أنه لا يستحق عليهما ذلك، لأنهما يدفعان بها ضررا عن أنفسهما وهو المشاركة، وإنه غير مقبول، وإنما قبلت شهادتهما للعبد لأنها شهادة للغير وصار هذا بمنزلة الإقرار بشيء له وشيء عليه، يقبل في الذي عليه دون الذي له، هذا منصوص أحمد، وقال الشيخان: قياس المذهب رد شهادتهما، نظرا إلى أن الشهادة إذا بطل بعضها بطلت كلها، ويفارق الإقرار من حيث إن الشهادة والحال هذه فيها تهمة، والتهمة مانعة للشهادة، بخلاف الإقرار فإن التهمة لا تمنعه.
وقول الخرقي: إذا كان العبد لثلاثة فجاءهم بثلاثمائة درهم، فقال: بيعوني نفسي بها فأجابوه، وقد استشكل عليه من حيث إن ظاهره إجازة شراء نفسه بعين ما في يده، وقد تقدم له في العتق أن العبد إذا قال لرجل: اشترني بهذا المال وأعتقني.
فاشتراه بعين المال أن البيع والعتق باطلان، وقد أجاب القاضي عن ذلك بوجوه (أحدها) أن هذا مكاتب عجل لهم الثلاثمائة ليضعوا عنه شيئا، وقرينة هذا ذكره في الكتابة، ويحتمل هذا كلام أبي البركات، لأنه ذكر المسألة فيما إذا كاتب ثلاثة عبدا، فادعى الأداء إليهم، وحكى المنصوص في ذلك (الوجه الثاني) أن يكون المال في يد العبد الأجنبي، أذن له أن يشتري نفسه به ولم يملكه له، قلت: وهذا جيد أيضا (الثالث) أن يكون عتقا بصفة، تقديره: إذا قبضنا منك هذه الدراهم فأنت حر. قلت: وفيه بعد (الرابع) أن رضى سادته ببيعه نفسه بما في يده، وفعلهم ذلك معه إعتاق منهم، مشروط بتأدية ذلك إليهم، وصورته صورة البيع، ومعناه العتق بشرط الأداء، ويصير هذا كما لو قال: بعتك نفسك بخدمتي سنة. فإن منافعه مملوكة للسيد ويصح ذلك، وهذا أظهر الوجوه عند أبي محمد، لعدم احتياجه إلى تأويل، بخلاف غيره، قلت: ولا يخفى ما فيه من التكلف، والصورة المشبهة بها لا تشبه ذلك، لأن السيد لا يملك المنافع المستقبلة، وإنما تحدث والحال هذه على ملك العبد، وغايته أن السيد في هذه الصورة
رضي بإعتاقه بشيء يثبت له في ذمته، انتهى. وقوله: ليكتبوا له كتابا، فيه دليل على مشروعية كتابة الوثائق خوف التجاحد، وهو كذلك، والله أعلم.
قال: وإذا قال السيد: كاتبتك على ألفين، وقال العبد: على ألف. فالقول قول السيد مع يمينه.
ش: إذا اختلف السيد ومكاتبه في قدر مال الكتابة، فقال السيد مثلا، كاتبتك على ألفين، وقال المكاتب: بل على ألف. فالقول قول السيد مع يمينه، في إحدى الروايات، اختارها أبو محمد، في المغني، وقال القاضي: إنها المذهب. لأنه اختلاف في الكتابة، فكان القول قول السيد، كما لو اختلفا في أصلها (والرواية الثانية) القول قول المكاتب، نصبها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي، وصححها ابن عقيل في التذكرة، لأنه منكر، والقول قول المنكر، ومدعى عليه، فيدخل في قوله عليه السلام:«ولكن اليمين على المدعى عليه» وأجاب أبو محمد بأن المنكر إنما قدم قوله لأن الأصل معه، والأصل هنا مع السيد، إذ الأصل في المكاتب وكسبه أنه لسيده، وفيه نظر، إذ الاختلاف لم يقع في المكاتب ولا في كسبه، إنما وقع فيما حصل العقد عليه (والرواية الثالثة) يتحالفان ويتفاسخان الكتابة، اختارها أبو بكر، لأنهما اختلفا في عوض العقد القائم بينهما، فوجب التحالف إذا لم تكن بينة
كالمتبايعين، وفرق أبو محمد بأن الأصل في البيع عدم ملك كل واحد منهما لما صار إليه، والأصل في المكاتب وكسبه أنه لسيده، فلذلك قبل قوله فيه، وقد تقدم الاعتراض على ذلك، قال: ولأن التحالف في البيع مقيد، بخلاف الكتابة، إذ الحاصل بالتحالف فسخ الكتابة، ورد العبد إلى الرق، وهذا يحصل من جعل القول قول [السيد مع يمينه، قلت: وهذا بعينه في البيع لو جعل القول قول] البائع، وعلى هذه الرواية إن تحالفا قبل العتق فسخ العقد، إلا أن يرضى أحدهما بما قال صاحبه، وإن تحالفا بعد العتق رجع السيد بقيمته، ورجع العبد بما أداه، والله أعلم.
قال: وإذا أعتق الأمة أو كاتبها وشرط ما في بطنها له دونها، أو أعتق ما في بطنها دونها فله شرطه.
ش: إذا أعتق أمته أو كاتبها، وشرط ما في بطنها له دونها، فإنه يصح شرطه، ولا يعتق الحمل، ولا يتبع أمه في الكتابة، لعموم قوله عليه السلام:«المسلمون على شروطهم» .
3919 -
وروى الأثرم بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أعتق أمة
واستثنى ما في بطنها. وقد احتج به أحمد فقال: أذهب إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما في العتق، ولا أذهب إليه في البيع.
3920 -
ويروى ذلك أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يعرف لهما مخالف، ويفارق البيع، إذ البيع عقد معاوضة، فاعتبر فيه صفات المعوض، ليعلم هل هو قائم مقام العوض أم لا، والعتق تبرع، لا تتوقف صحته على معرفة صفات المعتق ولهذا لم تنافه الجهالة، وقد حكى أبو محمد عن القاضي أنه خرج صحة استثناء ذلك في العتق، على الروايتين في صحة الاستثناء
في البيع، والمشهور المنصوص - وهي طريقة القاضي في الجامع والروايتين وجماعة - عدم التخريج، والقطع بالصحة هنا، وأما إذا أعتق ما في بطنها دونها فيعتق، لأنه أعتق نسمة، فيدخل في قوله عليه السلام: من أعتق نسمة ولا تعتق الأم، لأنها ليست تابعة له، فلم تعتق بعتقه، كما بعد الولادة، وهذا هو المذهب (وعن أحمد رواية أخرى) لا يعتق حتى يولد في ملكه حيا، ولعل مدركها أن الحمل لا حكم له، والأول أن الحمل له حكم، فعلى هذه الرواية يكون كمن علق عتقه بشرط، فيجوز بيعه قبل وضعه تبعا لأمه، والله أعلم.
قال: ولا بأس أن يعجل المكاتب لسيده، ويضع عنه بعض كتابته.
ش: وذلك كأن يصالحه على مائة مؤجلة بخمسين حالة، ونحو ذلك، لأن دين الكتابة غير مستقر، ولذلك لا يصح ضمانه، وليس بدين في الحقيقة، فكأن السيد أخذ بعضا وأسقط بعضا، وعكس هذا صورة لو اتفقا على الزيادة في الدين ليزيده في الأجل، كأن يحل عليه نجم، فيقول: أخرني به إلى كذا وأزيدك، فهل يصح ذلك؟ فيه احتمالان، ذكرهما في
المغني، فالصحة لما تقدم، وعدمها لشبهه بربا الجاهلية المحرم، وهو الزيادة في الدين للزيادة في الأجل. وقول الخرقي: ولا بأس. يشعر بأن الأولى ترك ذلك، وقد سئل أحمد عن ذلك في رواية حرب فقال: فيه خلاف، وأرجو. وقد ذكر أبو البركات في باب حكم الدين أن في جواز بيع دين الكتابة من الغريم وجهين، ثم جزم هنا في الصلح بالصحة، وذكر ذلك بلفظ المصالحة، فيحتمل أن يقال: لما كان بلفظ المصالحة كان بمعنى الإبراء من البعض، وسومح في ذلك للمكاتب، لتشوف الشارع إلى العتق.
قال: وإذا كان العبد بين اثنين، فكاتب أحدهما فلم يؤد كل كتابته حتى أعتق الآخر نصيبه وهو موسر، فقد صار العبد كله حرا، ويرجع الشريك على المعتق بنصف قيمته.
ش: قد تقدم أن للشريك مكاتبة حصته من العبد المشترك بدون إذن شريكه، فإذا فعل فأعتق الذي لم يكاتبه حصته قبل أن يؤدي كتابته وهو موسر، فهل يسري إلى نصيب شريكه المكاتب فيصير حرا؟ على وجهين (أحدهما) - وهو الذي قاله الخرقي، ونص عليه أحمد في رواية بكر بن محمد، وحكاه
القاضي في روايتيه عن أبي بكر، وأورده الشيخان وابن حمدان مذهبا - يسري والحال ما تقدم، لأن المكاتب عبد كما تقدم، فيدخل تحت قوله عليه السلام «من أعتق شركا له في عبد» الحديث (والثاني) - وهو قول القاضي، وحكاه أبو محمد عن أبي بكر - لا يسري، حذارا من إضرار الشريك بإبطال سبيل الولاء المنعقد له بالكتابة، والضرر منفي شرعا، نعم، إن عجز المكاتب ورد في الرق سرى إذا، لانتفاء المانع وأجيب عن هذا بأن العتق إذا أثر في الملك الثابت الذي الولاء من بعض آثاره، ففي الولاء أولى. انتهى. (فعلى الأول) يرجع الشريك على المعتق بنصف قيمة المكاتب، لإتلافه له بالعتق. وظاهر كلام الخرقي أنه يرجع بنصف قيمته مكاتبا، وهو إحدى الروايتين، وبه قطع أبو محمد، لأن الذي أتلفه هو مكاتب (والرواية الثانية) يضمنه بما بقي عليه، لأنه لم يفوت على السيد أكثر من ذلك، وعلى هذه قال السامري يكون الولاء بينهما، لكل واحد منهما بقدر ما عتق منه، قال ابن أبي موسى. انتهى. وقال أحمد في رواية بكر بن محمد - في عبد بين شريكين، كاتباه على ألف درهم، فأدى إليهما تسعمائة درهم،
لهذا أربعمائة وخمسين، ولهذا أربعمائة وخمسين، ثم إن أحدهما أعتق نصيبه، قال - إن كان للمعتق مال أدى إلى شريكه نصف قيمة العبد، لا يحاسبه بما أخذ، لأنه عبد ما بقي عليه درهم. وهذا يحتمل - أو هو الظاهر منه - أنه يضمنه بقيمته عبدا، ويجري هذا على ما تقدم من أن العتق إذا وقع في الكتابة أبطلها، لكن ثم العتق من المكاتب، وهنا من غيره والله أعلم.
قال: وإذا عجز المكاتب ورد في الرق وقد كان تصدق عليه بشيء فهو لسيده.
ش: كلام الخرقي يشمل جميع الصدقات، وهو كذلك في صدقة التطوع والوصية ككسبه، أما الزكاة ففيها روايات (إحداها) - وهي ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي محمد - الحكم كذلك، لأنه يأخذ لحاجته، فأشبه الفقير والمسكين (والرواية الثانية) - وهي اختيار أبي بكر والقاضي - يرد إلى أربابه، لأنه أخذه ليصرفه في العتق، فإذا لم يصرف فيه رد، كالغازي إذا لم يغز (والرواية الثالثة) يؤخذ ما في يده فيجعل
في المكاتبين، نقلها حنبل، لأنه جعل ذلك لله، فلا يرجع له، بل يجعل في تلك الجهة، والحكم في موت المكاتب وعتقه كالحكم في عجزه، أما ما أداه إلى السيد قبل العجز فلا يرجع بحال، لصرفه للجهة التي أخذه لها، ولا فرق فيما تقدم بين أن يكون عين ما تصدق عليه به باقيا، أو قد اشترى به عوضا ثم عجز وهو في يده، لأنه بدله، فأعطي حكمه، وأما غير الزكاة من الصدقات المفروضات، فكلام أبي محمد في المغني يقتضي جريان الخلاف فيها، وأبو البركات خص الخلاف في الزكاة، والله أعلم.
قال: وإذا اشترى المكاتبان كل واحد منهما الآخر صح شراء الأول، وبطل شراء الثاني.
ش: أما صحة شراء الأول فلأن تصرفه صحيح، وبيع السيد مكاتبه جائز، فالمقتضي موجود، والمانع منتف، وأما بطلان شراء الثاني فلقيام المانع، وهو أنه قد صار عبدا للذي اشتراه أولا، فلو صححنا شراءه لكان سيدا له، فيكون مملوكا سيدا وإنه ممنوع، حذارا من تناقض الأحكام، ولو لم يعلم الأول منهما فقال أبو بكر وأبو الخطاب وأبو محمد وغيرهم: يبطل البيعان، إذ كل منهما مشكوك في صحته، فرجع إلى الأصل فيهما، وأجراه القاضي مجرى الوليين، فعلى هذا يفسخ الحاكم
البيعين في رواية، وفي أخرى يقرع بينهما، وعلى الأول لا فسخ ولا قرعة، والله أعلم.
قال: وإن شرط في كتابته أن يوالي من شاء فالولاء لمن أعتق، والشرط باطل.
ش: أما كون الولاء لمن أعتق والحال هذه فلحديث بريرة المتقدم «الولاء لمن أعتق» «إنما الولاء لمن أعتق» وأما بطلان الشرط فلحديث بريرة أيضا «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» ولأن ذلك نقل للولاء عن محله، وقد ورد النهي عن نقل الولاء.
3921 -
فصح «أنه عليه السلام نهى عن بيع الولاء وهبته» ، ومقتضى كلام الخرقي أن العقد لا يبطل بذلك، وأن البطلان يختص بالشرط، وهو منصوص أحمد، لحديث بريرة، فإن أهلها اشترطوا لهم الولاء، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صحح البيع، وخرج الفساد من الشرط الفاسد في البيع، والله أعلم.
قال: وإذا أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل، فأخرجه إلى سيده، وأحب أخذه أخذه بما اشتري به وهو على كتابته، وإن لم يحب أخذه فهو على ملك مشتريه، مبقى على ما بقي من
كتابته، ويعتق بالأداء، وولاؤه لمن يؤدي إليه.
ش: هذا مبني على قواعد ثلاث (إحداها) أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر، وهو المذهب (الثانية) أن المكاتب يصح نقل الملك فيه، وهو المذهب أيضا (الثالثة) أن من وجد ماله من مسلم أو معاهد بيد من اشتراه منهم فهو أحق بثمنه، وهو المشهور. إذا عرف هذا فإذا أسر الكفار المكاتب، فاشتراه رجل فوجده سيده، فهو مخير إن شاء أخذه بما اشتري به، وإن شاء تركه، لما تقدم في الجهاد، فإن أخذه فهو على كتابته، إذ الكتابة عقد لازم، لا تبطل بالبيع فبالأسر أولى، وإن لم يأخذه فقد استقر الملك فيه لمشتريه، فيكون مبقى على ما بقي من كتابته، لما تقدم من بقاء الكتابة مع ذلك، وإذا يعتق بالأداء كغيره من المكاتبين، وولاؤه لمن أدى إليه، من مكاتبه الأول أو مشتريه، لأنه المعتق له، فيدخل في قوله عليه السلام:«الولاء لمن أعتق» .
(تنبيه) قد تقدم أن الكتابة لا تبطل بالأسر، لكن هل يحتسب عليه بالمدة التي كان فيها مع الكفار؟ على وجهين، فإن قيل لا يحتسب لغت مدة الأسر، وبنى على ما مضى، وإن قيل بالاحتساب فحل عليه ما يجوز تعجيزه بترك أدائه فلسيده
تعجيزه، وهل له ذلك بنفسه أو بحكم الحاكم؟ فيه وجهان، وعلى كليهما متى خلص فأقام بينة بوجود مال له وقت الفسخ يفي بما عليه، فهل يبطل الفسخ أو لا بد مع ذلك من ثبوت أنه كان يمكنه أداؤه؟ فيه قولان، والله أعلم.