الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماجه، وعلل ذلك أبو عبيد بما فيه من الجفاء في حقوق الله تعالى، والله أعلم.
[تعريف العدالة]
قال: والعدل من لم تظهر منه ريبة.
ش: من هنا أخذ القاضي وغيره أن مذهب الخرقي قبول مستور الحال، لعدم ظهور الريبة منه، وليس بالبين، لما تقدم له من أنه إذا شهد عنده من لم يعرف حاله سأل عنه، فدل على أن كلامه هنا فيمن عرف حاله.
إذا تقرر هذا فالعدل هو الذي تعتدل أحواله وأقواله، وأصله في اللغة الاستقامة، والاعتدال ضد الاعوجاج، والريبة التهمة، فمتى ظهرت منه تهمة لم يعتدل، لكن قد يقال: إن ظاهر هذا أن مجرد التهمة ولو بصغيرة تخرجه عن العدالة، والمشهور خلاف هذا، وأن العدالة يعتبر لها شيئان (أحدهما) الصلاح في الدين، وهو أداء الفرائض - كالصلاة، والزكاة ونحو ذلك،
وقد نص أحمد على رد شهادة من لم يؤد الزكاة - واجتناب المحارم، وقد ضبط ذلك بأنه لا يرتكب كبيرة - وقد تقدم تفسيرها، لأن الله سبحانه نهى أن تقبل شهادة القاذف، فيقاس على ذلك كل من ارتكب كبيرة، وقد نص أحمد على رد شهادة آكل الربا، والعاق وقاطع الرحم، ومن أخرج أسطوانة أو كنيفا في طريق المسلمين، وكذلك من ورث ذلك حتى يرد ما أخذ من الطريق - ولا يدمن على صغيرة، كإدمان نظرة محرمة ونحو ذلك، وقد اختلف عن أحمد في رد الشهادة بالكذبة الواحدة، ولعل ذلك للتردد في أنها هل هي صغيرة أو كبيرة.
3844 -
واستدل أحمد للمنع بأن «النبي صلى الله عليه وسلم رد شهادة رجل في كذبة» وجعل ابن حمدان الروايتين في الكذب، وأورد ذلك مذهبا، وفيه نظر، ولا يمنع مجرد وجود الصغيرة، لقول الله سبحانه {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] قيل:
المراد الصغائر (الشيء الثاني) المروءة، وهي اجتناب الأمور الدنيئة، التي تزري به كالأكل في السوق، كأن ينصب مائدة ويأكل عليها، ولا يضر أكل الشيء اليسير كالكسرة، ونحوها أو كأن يكشف ما جرت العادة بتغطيته من يديه، أو يمد رجليه في مجمع الناس، أو يتمسخر بما يضحك الناس به، أو يخاطب امرأته أو سريته بحضرة الناس بالخطاب الفاحش، أو يحدث الناس بمباضعته لهما، ونحو ذلك من الأفعال الدنيئة التي يجتنبها ذوو المروءات، وإنما اعتبر ذلك في الشهادة وإن لم يكن حراما، لأن مرتكبه لا تحصل الثقة بقوله، لأن من فعل ذلك لا يمتنع غالبا من الكذب ونحوه، ومن ثم قلنا: من داوم على ترك السنن الراتبة ردت شهادته لا لارتكابه محرما، بل لأن من هذه حاله لا يؤمن أن يترك شيئا من الفرائض.
3845 -
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» أي من لم يستح