الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن كانت في أيديهما فهي بينهما، وإن كانت في يد أحدهما فهي له، وإن كانت في يد غيرهما اقترعا عليها، فمن قرع حلف واستحق كما تقدم، والله أعلم.
[حكم من كان له على أحد حق فمنعه منه فقدر له على مال]
قال: ومن كان له على أحد حق فمنعه منه فقدر له على مال، لم يأخذ منه مقدار حقه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» .
ش: من كان له على أحد حق فمنعه، ولم يقدر على أخذه منه بالحاكم، وقدر له على مال، لم يكن له في الباطن أن يأخذ قدر حقه على المذهب المنصوص المشهور.
3879 -
لما استدل به الخرقي، وهو ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وإذا لم يخن من خانه فمن لم يخنه أولى.
3880 -
وقال عليه السلام: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» .
وخرج أبو الخطاب قولا بالأخذ من قول أحمد في المرتهن: يركب ويحلب بقدر ما ينفق، والمرأة تأخذ مؤونتها، والبائع للسلعة يأخذها من مال المفلس بغير رضاه، وخرجه أبو البركات من تنفيذ الوصي الوصية مما في يده إذا كتم الورثة بعض التركة، وهو أظهر في التخريج، وحكى ابن عقيل هذا القول عن المحدثين من الأصحاب.
3881 -
وذلك لما «روت عائشة رضي الله عنها أن هند قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم؟ فقال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» متفق عليه، فجوز لها صلى الله عليه وسلم الأخذ في مقابلة حقها بغير علمه.
3882 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا
كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» رواه البخاري وغيره، فجعل صلى الله عليه وسلم المرتهن ينفق ويأخذ عوض حقه وهو نفقة المركوب، ويجاب عن هذا بأن المرتهن لم يكن له حق قبل الراهن، وإنما الشارع جوز له المعاوضة عملا بالأصلح، لئلا يفوت الركوب على الراهن مجانا، وأما حديث هند فإن أحمد أجاب عنه بأن حقها واجب عليه في كل وقت، يعني أن جواز الأخذ لها كان دفعا للحرج والمشقة عنها، لأن حقها يتجدد كل يوم، فلو لم يجز ذلك لأفضى إلى المحاكمة في كل وقت والمخاصمة، وفي ذلك حرج عظيم، وأجاب أبو بكر بجواب ثان، وهو أن قيام الزوجية كقيام البينة، فكأن الحق صار معلوما بعلم قيام مقتضيه، وفيه شيء، لأن المسألة وإن علم ثبوت الحق، ولأبي محمد (جواب ثالث) وهو أن للمرأة من التبسط في مال الزوج ما يؤثر في إباحة أخذ الحق وبذل اليد فيه بالمعروف، بخلاف الأجنبي (وجواب الرابع) وهو أن النفقة تراد لإحياء النفس، ولا سبيل إلى تركها، فلذلك جاز أخذ ما تندفع به هذه الحاجة، بخلاف الدين، ومن ثم قلنا: لو صارت
النفقة ماضية لم يكن لها أخذها، وكذلك لو كان لها دين آخر، قلت: وهذا الفرع يرد جوابه الثالث، ويندفع هو أيضا بأنها لو وجدت ما تندفع به حاجتها من مالها جاز لها الأخذ، انتهى.
فعلى المذهب إن أخذ لزمه الرد مع البقاء، ووجب المثل أو القيمة مع التلف، ثم إن كان من جنس حقه تقاصا وتساقطا، وإلا لزمه غرمه (وعلى القول الآخر) إن وجد جنس حقه أخذ منه قدر حقه، ولا يأخذ من غيره مع قدرته عليه، وإن لم يجد إلا من غير جنس حقه أخذ منه قيمة حقه، متحريا للعدل في ذلك، جزم به أبو البركات، وأبو الخطاب في الهداية وغيرهما، وهو أحد احتمالي أبي محمد كما في الرهن (والاحتمال الثاني) ليس له ذلك، لإفضائه إلى بيع مال غيره من نفسه بغير إذن له في ذلك، وهذه المسألة تلقب بمسألة الظفر، وقول الخرقي: فمنعه منه، يخرج ما لم يمنعه، فإنه ليس له الأخذ اتفاقا، فإن أخذ لزمه الرد، وإن كان قدر الحق ومن جنسه، لأنه قد يكون للإنسان غرض في عين من أعيان ماله، فلا يجوز
تملكها عليه بغير رضاه إلا لضرورة، وإن تلف ذلك صار دينا في ذمته، فإن كان الثابت في ذمته من جنس حقه تقاصا، وكذلك لو لم يمنعه وقدر على الأخذ بالحاكم، فإنه لا يجوز له الأخذ، ولا بد أن يلحظ أن المنع ممنوع، إذ لو كان مباحا كما لو كان الدين مؤجلا، أو المدين معسرا فإنه لا يجوز الأخذ أيضا بلا خلاف، فإن أخذ رده مع البقاء، وعوضه مع التلف، ولا تقاصص هنا، لأن الدين لم يستحق أخذه في الحال، بخلاف التي قبلها، والله أعلم.