الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإطعام فيشترط لهم ما يشترط لهم. (والثالث) : في صفة ما يدفع إليهم من الكسوة، وهو ما تصح صلاة الفريضة معه، إذ الكفارة عبادة، تعتبر فيها الكسوة، فلم يجز فيها أقل مما ذكرناه كالصلاة ولأن اللابس لما لا يستر عورته ليس بمكتس شرعا، إذا تقرر هذا فيدفع للرجل ثوب يستر عورته وعاتقه أو بعضه، على الخلاف في الواجب في المنكب، وللمرأة ما يستر عورتها وهي جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها على إحدى الروايتين، ولما كان ذلك لا يحصل غالبا إلا بدرع وهو القميص، وخمار، ذكر الخرقي ذلك، وإلا لو أعطاها ثوبا واسعا يستر بدنها ورأسها أجزأه ذلك، إناطة بستر عورتها المعتبرة في الصلاة، وقد وقع لابن البنا أنه يدفع للرجل قميص ومنديل، وفيه نظر، والله أعلم.
[العتق في كفارة اليمين]
قال: وإن شاء أعتق.
ش: قد تقدم الإجماع على التخيير في ذلك.
قال: رقبة مؤمنة قد صلت وصامت، لأن الإيمان قول وعمل، وتكون سليمة ليس فيها نقص يضر بالعمل.
ش: الكلام في العتق في شيئين: (أحدهما) في عدد المعتق وهو رقبة واحدة بالإجماع، وشهادة الكتاب والسنة.
(والثاني) : في صفة الرقبة، ويعتبر لها أمران (أحدهما) : أن تكون مؤمنة، وهو اتفاق في كفارة القتل، لنص الكتاب عليه، وهو قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] أما في غيرها من الكفارات فروايتان تقدمتا في الظهار، والمذهب منهما بلا ريب عند الأصحاب اشتراط ذلك أيضا، وأبو بكر يختار عدم الاشتراط كالرواية الأخرى، ومبنى ذلك على أنه هل يحمل المطلق على المقيد مع الاختلاف في السبب، والاتحاد في الحكم أم لا؟ وفيه ثلاثة أقوال، ثالثها - وهو اختيار أبي الخطاب - يحمل بضرب من القياس، وبيانه هنا أن الإعتاق يتضمن تكميل أحكامه، ومن تكميل أحكامه بل هو رأسها الإسلام، فاشترط فيه ذلك، كالمعتق في كفارة القتل وحيث اشترط الإيمان فهل يشترط له الصوم والصلاة أم لا؟ فيه عن أحمد ما يدل على روايتين (إحداهما) - وهي اختيار الأكثرين - لا يشترط ذلك، فعلى هذا يجوز عتق الطفل الصغير، لأنه محكوم بإيمانه شرعا، قال سبحانه:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] .
3726 -
وفي الصحيح من حديث «معاوية بن الحكم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال:«من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال:«أعتقها فإنها مؤمنة» » ، فحكم لها بالإيمان بهذا القول، وكذلك في حديث أبي هريرة، ولأن أحكام الإسلام جارية على الطفل في إرثه وغسله، ودفنه والصلاة عليه، وغير ذلك، فكذلك في عتقه في الكفارة، وعلى هذه الرواية لا يجزئ الجنين، لعدم ثبوت أحكام الدنيا له. (والثانية) وهي اختيار الخرقي يشترط ذلك، وعللها الخرقي - تبعا لأحمد في رواية الأثرم - بأن الإيمان قول وعمل، وإذا لا بد من وجود العمل،
إما حقيقة، وإما تأهلا، وعلى هذا هل يشترط حقيقة العمل أو التأهل لذلك؟ فيه أيضا عن أحمد ما يدل على قولين (أحدهما) : المشترط التأهل، وهو ظاهر كلامه في رواية حنبل: أحب إلي أن يكون كبيرا، وهو الذي اعتمده القاضي، وأبو البركات، فحكيا الرواية على أنه لا يجزئ من له دون سبع سنين، ويجزئ من بلغها لتأهله لعمل ذلك. (والثاني) : المشترط العمل، وهو ظاهر كلام الخرقي، وأحمد في رواية الأثرم، وقد تقدمت، فعلى هذا من صام وصلى وصح ذلك منه أجزأ وإن كان صغيرا، ومن لا فلا وإن كان كبيرا، اهـ.
وحيث لم يشترط الإيمان فأحمد إنما نص على إجزاء اليهودية والنصرانية، وكذلك قال أبو محمد (وعنه) تجزئ الذمية، وهذا ربما أعطى أنه لا يجزئ غير الذمية بلا خلاف، وبعض الأصحاب يطلق الخلاف في اشتراط الإيمان في غير كفارة القتل وعدمه، اهـ.
(الأمر الثاني) : أن تكون الرقبة سليمة، ومعنى سلامتها أن لا يكون فيها نقص يضر بالعمل، وقد تقدم ذلك في الظهار، فلا حاجة إلى إعادتها والله أعلم.
قال: ولو اشتراها بشرط العتق وأعتقها في الكفارة عتقت ولم تجزئه عن الكفارة.
ش: هذا هو المشهور من الروايتين، والمختار للأصحاب، لأن عتقه مستحق بسبب آخر فلم يجزئه، كما لو اشترى قريبه ينوي به عتقه عن الكفارة، أو علق عتقه على شرط، ونواه عند وجوده. (والثانية) : تجزئ لأن عتقه لم يتحتم، أشبه المعلق عتقه بصفة قبل وجودها، ولعل هذا يلتفت إلى أن شرط العتق هل هو حق لله تعالى بحيث يجبر المشتري عليه، وإذا لا يجزئ في الكفارة، أو لآدمي، فلا يجبر المشتري عليه، بل للبائع الفسخ، وإذا يجزئ في الكفارة؟ فيه قولان.
وقد فهم من كلام الخرقي جواز اشتراط هذا الشرط في البيع، وصحة البيع المشروط فيه هذا الشرط، ولنشر إلى المسألتين، (فأما) جواز اشتراط العتق في البيع ففيه روايتان، (المذهب منهما) عند الأصحاب جواز ذلك وصحته.
3727 -
لما روي «عن عائشة رضي الله عنها أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق، فاشترطوا ولاءها، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق» متفق عليه. إلا أن البخاري لم يذكر لفظ: أعتقيها.
(والثانية) لا يصح ذلك، وهي ظاهر كلام صاحب الوجيز، لأنه شرط مناف لمقتضى البيع، أشبه اشتراط أن لا يبيعه ولا يهبه، ونحو ذلك على المذهب، (فعلى الأولى) هل يجبر المشتري على العتق إن أباه، وهو المشهور، أو يكون للبائع الفسخ؟ فيه قولان مبنيان على ما تقدم، (وعلى الثاني) : هل يبطل البيع، وهو اختيار أبي الخطاب في خلافه، لأن فواته يفوت الرضى الذي هو شرط لصحة البيع قطعا، أو لا يبطل، وهو اختيار أبي محمد، لحديث بريرة، فإن أهلها اشترطوا الولاء، ولم يبطله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيه روايتان، والله أعلم.
قال: وكذلك لو اشترى بعض من يعتق عليه إذا ملكه، ينوي بشرائه الكفارة، عتق ولم يجزئه.
3728 -
ش: أما العتق فلعموم: «من ملك ذا رحم محرم عتق عليه» » ، وأما عدم الإجزاء في الكفارة فلأن الواجب تحرير الرقبة، كما نص الله عليه سبحانه، والتحرير فعل العتق، ولم يحصل هنا، إنما الذي حصل الشراء، ولأنه لم يخلص العتق
لله سبحانه، أشبه ما لو أعتقه رياء وسمعة، والله أعلم.
قال: ولا يجزئ في الكفارة أم ولده.
ش: هذا هو المشهور والمختار للأصحاب من الروايتين، لأن عتقها مستحق بسبب آخر، أشبه المعلق عتقه بصفة عند وجودها ونحوه. (والثانية) : يجزئ لدخول ذلك تحت قوله سبحانه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] والله أعلم.
قال: ولا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا.
ش: هذا إحدى الروايات، واختيار القاضي وأصحابه وغيرهم، لأنه إذا أدى فقد حصل العوض عن بعض الرقبة في المعين، فلم يجز كما لو أعتق بعضها، وإذا لم يؤد فهي رقبة كاملة لم يؤد عن شيء منها عوض، أشبهت المدبرة. (والثانية) : وهي اختيار أبي بكر يجزئ مطلقا، لأنه عبد ما بقي عليه درهم، كما ثبت بالنص فأجزأ عتقه كغيره، ولدخوله تحت قَوْله تَعَالَى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] . (والثالثة) : لا يجزئه مطلقا، لأن عتقه مستحق بسبب آخر، أشبه أم الولد، ولا نزاع أنه لو أعتق عبدا على مال يأخذه منه لم يجزئه عن الكفارة، والله أعلم.
قال: ويجزئ المدبر.
ش: لدخوله تحت قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] ولأن التدبير إما وصية أو تعليق بصفة، وأيا ما كان فإنه يجزئ كما يجزئ الموصى به، والمعلق عتقه بصفة قبل وجودها.
قال: والخصي.
ش: لأن ذلك لا يضر بالعمل، فأشبه الفحل، ولا فرق بين المقطوع والأشل والموجوء، لتساويهم في المعنى والله أعلم.
قال: وولد الزنا.
ش: لدخوله تحت قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] ولأنه كغيره في جواز بيعه وعتقه، وقبول شهادته ونحو ذلك، فكذلك في إعتاقه عن الكفارة.
3729 -
وما ورد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولد الزنا شر الثلاثة» فقد قال الطحاوي: المراد به الملازم للزنا، كما يقال: ابن السبيل، للملازم لذلك، وقال غيره: هو شر