الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) - (418) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(36)
- 1441 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ يَمَانِيَةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، فَقِيلَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ كُفِّنَ فِي حِبَرَةٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ جَاؤُوا بِبُرْدِ حِبَرَةٍ فَلَمْ يُكَفِّنُوهُ.
===
(11)
- (418) - (باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم
(36)
- 1441 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة حافظ تغير حفظه قليلًا في الآخر بعدما استقضي، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب) ولفائف (بيض يمانية) بالتخفيف، وأصله يمنية؛ نسبة إلى اليمن، لكن قدمت إحدى الياءين، ثم قلبت ألفًا، أو حذفت وعوض عنها الألف على خلاف القياس (ليس فيها قميص ولا عمامة، فقيل لعائشة: إنهم) أي: إن الناس (كانوا يزعمون أنه قد كان كفن في) ثياب (حبرة، فقالت عائشة: قد جاؤوا ببرد حبرة) ليكفن فيها فتركت، (فلم يكفنوه) صلى الله عليه وسلم فيها.
قوله: (بيض) جمع أبيض، ويؤخذ من الحديث استحباب بياض الكفن؛ لأن الله تعالى لم يكن يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل، قوله: (ليس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فيها قميص ولا عمامة) يحتمل نفي وجودهما بالكلية، ويحتمل كونهما معدودين من الثلاثة؛ أي: الثلاثة خارجة عن القميص والعمامة، والأول أظهر، وبه قال الشافعي، وبالثاني قال المالكية.
نعم؛ يجوز التقميص عند الشافعي من غير استحباب؛ لأن ابن عمر كفن ابنًا له في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاثة لفائف، رواه البيهقي، قال في "المهذب وشرحه": والأفضل ألا يكون في الكفن قميص ولا عمامة وإن كان .. لم يكره، لكنه خلاف الأولى؛ لخبر عائشة المذكور. انتهى من "الإرشاد".
والمعنى: لم يكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميص ولا عمامة، وإنما كفن في ثلاثة أثواب غيرهما، ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر. انتهى "نووي". قوله:(في حبرة) - بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة -: بُرْد مخطط، وقوله:(ببرد حبرة) بالإضافة أو التوصيف. انتهى "سندي".
وقال الترمذي: وقد روي في كفن النبي صلى الله عليه وسلم روايات مختلفة، وحديث عائشة أصح الروايات التي رويت في كفن النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل على حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. انتهى.
وهذا الحديث يدل على استحباب البياض في الكفن، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إن من خير ثيابكم البياض، فكفنوا فيها موتاكم" والكفن في غيره جائز، ومن أطلق عليه أنه مكروه .. فمعناه أن البياض أولى، واختلف قول مالك في المعصفر: فمرة كرهه؛ لأنه مصبوغ يتجمل به وليس بموضع تجمل، وأجازه مرة أخرى؛ لأنه من الطيب، ولكثرة لباس العرب له، وقد كره مالك
(37)
- 1442 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: هَذَا مَا سَمِعْتُ
===
وعامة العلماء التكفين في ثياب الحرير للرجال والنساء، وأجازه ابن حبيب للنساء خاصة. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجنائز، باب الثياب البيض للكفن، ومسلم في كتاب الجنائز، باب في الكفن، وأبو داوود في كتاب الجنائز، باب في الكفن، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي في كتاب الجنائز، باب كفن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لهذا الحديث بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(37)
-1442 - (2)(حدثنا محمد بن خلف) بن عمار أبو نصر (العسقلاني) صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا عمرو بن أبي سلمة) التنيسي - بمثناة ونون مشددة بعدها تحتانية ثم مهملة - أبو حفص الدمشقي الهاشمي مولاهم، صدوق له أوهام، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(قال) عمرو بن أبي سلمة: (هذا) الحديث الذي حدثته لكم (ما سمعتـ) ـه
مِنْ أَبِي مُعَيْدٍ حَفْصِ بْنِ غَيْلَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثِ رِيَاطٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ.
===
(من أبي مُعيد) مصغرًا (حفص بن كيلان) -بفتح المعجمة بعدها تحتانية ساكنة- وهو بها أشهرُ، شامي، صدوق فقيه رمي بالقدر، من الثامنة. يروي عنه:(س ق).
(عن سليمان بن موسى) الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه في حديثه بعض لين، من الخامسة، مات سنة خمس عشرة ومئة (115 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن نافع، عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لقصور سليمان بن موسى وحفص بن غيلان عن درجة أهل الحفظ والضبط.
(قال) ابن عمر: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث رِيَاطٍ) جَمْعُ رِيطَة؛ وهي الملَاءةُ إذا كانت قِطعةً واحدةً ولم تكن لِفْقَتين، وقيل: كُلُّ ثوبٍ رقيقٍ لَيِّن (بِيضٍ) أي: ذوَاتِ بياض (سَحُولية) -بضم أوله وفتحه- نسبة إلى سَحُول؛ قرية باليمن تُجْلَب منها الثياب، ومعنى رياط؛ أي: في ثلاثِ لفائف مقطوعةٍ منفصلةٍ كُلُّ واحدةٍ منها عن صاحِبَتِها لا متصلةٍ في طاقةٍ واحدةٍ.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أصله في "الصحيحين" من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم. انتهى "فتح الباري".
فدرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.
(38)
-1443 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
===
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(38)
-1443 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة اثنتين وتسعين ومئة (192 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يزيد بن أبي زياد) القرشي الهاشمي مولاهم، أبي عبد الله الكوفي، ضعيف، كبر فتغير، فصار يتلقن، وكان شيعيًا، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة ومئة (113 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن مقسم) - بكسر أوله - ابن بُجْرَة -بضم الموحدة وسكون الجيم - ويقال: نجدة -بفتح النون وبدال - أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس؛ لملازمته له، صدوق وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ)، وما له في "البخاري" سِوى حديث واحد. يروي عنه:(خ عم).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن في إسناده يزيد بن أبي زياد.
قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصُهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَحُلَّةٌ نَجْرَانِيَّةٌ.
===
(قال) ابن عباس: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب) أحدها (قميصه الذي قبض فيه) روحه وتوفي فيه، (و) اثنتان منها (حُلة نجرانية).
ولفظ أحمد في "مسنده": (كفن في ثلاثة أثواب؛ قميصه الذي مات فيه، وحُلة نجرانية، الحُلة ثوبان)، الحلة بضم الحاء المهملة وتشديد اللام، قال في "النهاية": الحُلة واحد الحلل؛ وهي برود اليمن، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس كإزار ورداء أو قميص. انتهى.
قوله: (نجرانية) -بفتح النون وسكون الجيم- قال ابن الأثير: هي منسوبة إلى نجران؛ وهو موضع معروف بين الحجاز واليمن. انتهى.
قال المنذري: والحديث أخرجه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: صحيح، وقال النووي: وهذا الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به؛ لأن يزيد بن أبي زياد أحد رواته، مجمع على ضعفه، لا سيما وقد خالف بروايته الثقات. انتهى، انتهى من "العون"، قال المنذري: وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وقد أخرج له مسلم في المتابعات. وقد قال غير واحد من الأئمة: لا يحتج بحديثه، وقال أبو عبيد الله بن أبي ضفرة: قول عائشة في حديثها: (ليس فيها قميص ولا عمامة) يدل على أن القميص الذي غسل فيه النبي صلى الله عليه وسلم نزع عنه حين كفن؛ لأنه إنما قيل: لا تنزعوا القميص؛ ليستر به ولا يكشف جسده، فلما ستر بالكفن .. استغني عن القميص، فلو لم يُنزع القميص حتى كفن به .. لخرج الكفن عن حد الوتر الذي أمر به صلى الله عليه وسلم. انتهى من "العون".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فهذا الحديث ضعيف متنًا وسندًا (12)(169)، فلا يحتج به، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد، والثالث للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم