الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(59) - (466) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ يُبْعَثُ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ
(177)
- 1582 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
===
(59)
- (466) - (باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت)
(177)
- 1582 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(ومحمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن جعفر بن خالد) بن سارة المخزومي الحجازي، ثقة، من السابعة. يروي عنه:(د ت س ق).
(عن أبيه) خالد بن سارة، ويقال: خالد بن عبيد بن سارة المخزومي المكي، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(د ت س ق).
(عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب الهاشمي المدني رضي الله تعالى عنه أحد الأجواد، ولد بأرض الحبشة، وله صحبة، مات سنة ثمانين (80 هـ) وهو ابن ثمانين سنة. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عبد الله بن جعفر: (لما جاء نعي جعفر) أي: خبر موت جعفر بمؤتة - وهي موضع عند تبوك - سنة ثمان .. (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا؛ فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ أَوْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ".
===
اصنعوا) أي: اطبخوا (لآل جعفر طعامًا) يكفيهم (فقد أتاهم) أي: جاءهم اليوم (ما يشغلهم) من إصلاح الطعام لأنفسهم، بفتح الياء والغين، وقيل: بضم الأول وكسر الثالث؛ من أشغل الرباعي، قال في القاموس: شغله كمنعه شغلًا ويضم، وأشغله لغة جيدة أو قليلة أو رديئة، (أو) قال:(أَمْرٌ يَشْغَلُهم) شك من الراوي، والمعنى: جاءهم ما يمنعهم من الحزن عن تهيئة الطعام لأنفسهم، فيحصل الهم والضرر وهم لا يشعرون.
قال الطيبي: دل على أنه يستحب للأقارب والجيران تهيئة طعام لأهل الميت. انتهى، قال ابن العربي في "العارضة": والحديث أصل في المشاركات عند الحاجة، وصححه الترمذي، والسنة فيه: أن يصنع في اليوم الذي مات فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فقد جاءهم ما يشغلهم" عن حالهم؛ فحُزْنُ موتِ وليهم اقتضى أن يُتكلَّفَ لهم عَيْشُهم، وقد كانت للعرب مشاركات ومواصلات في باب الأطعمة باختلاف الأسباب وفي حالة اجتماعها. انتهى.
قال القاري: والمراد: طعام يشبعهم يومهم وليلتهم؛ فإن الغالب أن الحزن الشاغل عن تناول الطعام لا يستمر أكثر من يوم، ثم إذا صنع لهم ما ذكر .. سن أن يلح عليهم في الأكل؛ لئلا يضعفوا بتركه استحياءً، أو لفرط جزع. انتهى، وقال ابن همام: ويستحب لجيران أهل الميت والأقرباء الأباعد تهيئة طعام يشبعهم يومهم وليلتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا"، وقال: يكره اتخاذ الضيافة من أهل الميت؛ لأنه شرع في السرور لا في الشرور، وهي بدعة مستقبحة لهم، وقال القاري: واصطناع أهل الميت الطعام لأجل اجتماع الناس عليه بدعة مكروهة، بل صح عن جرير رضي الله تعالى عنه:(كنا نعده من النياحة)، وهو ظاهر في التحريم. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: حديث جرير رضي الله تعالى عنه أخرجه أحمد وابن ماجة بلفظ: قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة). انتهى، وإسناده صحيح.
فإن قلت: حديث جرير هذا مخالف لحديث عاصم بن كليب الذي رواه أبو داوود في "سننه" بسند صحيح عنه عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر: أوسِعْ من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه، فلما رجع .. استقبله داعي امرأته، فأجاب ونحن معه، فجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا
…
الحديث، رواه أبو داوود والبيهقي في "دلائل النبوة"، هكذا في "المشكاة" في باب المعجزات، فقوله: فلما رجع .. استقبله داعي امرأته
…
إلى آخره، نص صريح في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة أهل البيت، واجتمع هو وأصحابه بعد دفنه وأكلوا؛ فإن الضمير المجرور في (امرأته) راجع إلى ذلك الميت الذي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازته، في التوفيق بين هذين الحديثين المختلفين؟
قلت: قد وقع في "المشكاة" لفظ: (داعي امرأته) بإضافة لفظ امرأة إلى الضمير، وهو ليس بصحيح، بل الصحيح:(داعي امرأة) بغير الإضافة، والدليل عليه: أنه قد وقع في "سنن أبي داوود": (داعي امرأة) بغير إضافة إلى الضمير، قال في "عون المعبود":(داعي امرأة) كذا وقع في النسخ الحاضرة، وفي "المشكاة":(داعي امرأته) بالإضافة. انتهى، وروى هذا الحديث الإمام أحمد في "مسنده"(ص 293/ج 5)، وقد وقع فيه أيضًا:(داعي امرأة) بغير إضافة، بل زاد فيه بعد:(داعي امرأة) لفظ: (من قريش)، فلما ثبت أن الصحيح
(178)
-1583 - (2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ،
===
في حديث عاصم بن كليب هذا؛ لفظ: (داعي امرأة) بغير إضافة امرأة إلى الضمير .. ظهر أن حديث جرير المذكور ليس بمخالف لحديث عاصم بن كليب هذا، فتفكر، هذا ما عندي، والله تعالى أعلم. انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجنائز، باب صنعة الطعام لأهل الميت، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد كان بعض أهل العلم يستحب أن يوجه إلى أهل الميت شيء؛ لشغلهم بالمصيبة، وهو قول الشافعي، قال أبو عيسى: وجعفر بن خالد هو ابن سارة -بمهملة وتخفيف راء- وقيل: بتشديدها، كذا ذكر صاحب "المغني"، وهو ثقة، ووثقه أحمد أيضًا وابن معين والنسائي وغيرهم، وروى عنه: ابن جريجٍ، وابن عيينة، قال البغوي: لا أعلم روى عنه غيرهما، كذا في "تهذيب التهذيب". انتهى من "التحفة" أيضًا.
وروى هذا الحديث أيضًا الدارقطني في "سننه"، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الجنائز، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي، وأحمد بن حنبل، وعبد الرزاق في "مصنفه"، والبغوي في "شرح السنة".
قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ كما قاله أبو عيسى؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الله بن جعفر بحديث أسماء بنت عميس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(178)
-1583 - (2)(حدثنا يحيى بن خلف) الباهلي (أبو سلمة)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمِّ عِيسَى الْجَزَّارِ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَوْنٍ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ
===
البصري الجوباري - بجيم مضمومة وواو ساكنة ثم موحدة - صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م د، ق).
قال أبو سلمة: (حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى البصري السامي - بالمهملة - أبو محمد، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن إسحاق) بن يسار أبي بكر المطلبي مولاهم المدني، نزيل العراق، صدوق يدلس، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).
(حدثني عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أم عيسى الجزار) الخزاعية عن أم عون بنت جعفر بن أبي طالب، وعنها عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، لا يعرف حالها، من السادسة. يروي عنها:(ق).
(قالت: حدثتني أم عون ابنة محمد بن جعفر) بن أبي طالب الهاشمية، ويقال: أم جعفر زوجة محمد ابن الحنفية وأم ابنه عون، روت عن جدتها أسماء بنت عميس، وعنها ابنها عون، وأم عيسى الجزار، مقبولة، من الثالثة. يروي عنها:(ق).
(عن جدتها أسماء بنت عميس) الخثعمية الصحابية رضي الله تعالى عنها،
قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ .. رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ: "إِنَّ آلَ جَعْفَرٍ قَدْ شُغِلُوا بِشَأْنِ مَيِّتِهِمْ، فَاصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا"، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَمَا زَالَتْ سُنَّةً حَتَّى كَانَ حَدِيثًا فَتُرِكَ.
===
تزوجها جعفر بن أبي طالب، ثم أبو بكر، ثم علي، وولدت لهم، وهي أخت ميمونة بنت الحارث، أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها لأمها، ماتت بعد علي. يروي عنها:(ع).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أم عيسى، وهي مجهولة لَمْ تسم، وكذلك أم عون.
(قالت) أسماء: (لما أصيب) وقتل (جعفر) بن أبي طالب في غزوة مؤتة، وجاء خبر قتله .. (رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد (إلى أهله) وأزواجه، (فقال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن آل جعفر) وعياله (قد شغلوا) عن طبخ طعامهم (بشأن ميتهم) والحزن عليه، (فاصنعوا) أي: فاطبخوا يا أهلي (لهم) أي: لآل جعفر (طعامًا) يكفيهم يومهم وليلتهم، (قال عبد الله) بن أبي بكر راوي الحديث بهذا السند:(فما زالت) تلك الخصلة التي هي تهيئة الطعام لأهل الميت (سنة) أي: طريقة مستمرة بين الناس (حتى كان) طبخ الطعام لهم (حديثًا) أي: عادةً للناس (فترك) ذكره في الحديث.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه مسدد في "مسنده" من طريق عبد الله بن أبي بكر عن أم عيسى عن أسماء، فذكره بإسناده ومتنه، وله شاهد من حديث عبد الله بن جعفر رواه أصحاب السنن الأربعة، وهو المذكور قبل هذا الحديث.
ودرجته: أنه صحيح بما قبله، وسنده ضعيف؛ لما مر آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فالحديث: صحيح المتن، ضعيف السند.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: حديثان:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم