الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(57) - (464) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ أُصِيبَ بِوَلَدِهِ
(170)
- 1575 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَمُوتُ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ".
===
(57)
- (464) - (باب ما جاء في ثواب من أصيب بولده)
(170)
- 1575 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يموت لرجل) وكذا المرأة (ثلاثة من الولد فيلج النار) بنصب الفعل؛ لوقوعه في جواب النفي؛ من الولوج، وهو الدخول؛ أي: فيدخل النار (إلَّا تحلة القسم) أي: إلَّا قدر ما تنحل به القسم؛ أي: اليمين، والمراد بالقسم: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (1).
قال السندي: قوله: "لا يموت لرجل" ذكره اتفاقي لا مفهوم له، فكذا المرأة، ويحتمل أنه قيد به؛ لثبوت الحكم لها بالدلالة الالتزامية؛ لأنَّها أضعف قلبًا، وأكثر حزنًا، فإذا كان جزاء الرجل ما ذكر .. فكيف هي؟ !
قوله: "فيلج" أي: فيدخل؛ من الولوج، والمشهور عندهم نصبه على أنه جواب النفي، لكن يشكل ذلك: بأن الفاء في جواب النفي تدل على سببية
(1) سورة مريم: (71).
(171)
- 1576 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ
===
الأول للثاني، قال تعالى:{لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} (1)، وموت الأولاد ليس سببًا لدخول النار، بل سبب للنجاة منها وعدم الدخول فيها، بل لو فرض صحة السببية .. فهي غير مرادة هنا؛ لأن المطلوب أن من مات له ثلاثة أولاد لَمْ يبلغوا الحنث ذكورًا كانوا أو إناثًا .. لَمْ يدخل بعد ذلك النار إلَّا قدر تحلة القسم.
وأجيب عن الإشكال بأن الفاء هنا مجردة عن معنى السببية، فتكون بمعنى واو المعية، والمعنى حينئذ: لا يجتمع موت ثلاثة من الولد ودخول النار إلَّا تحلة القسم، والتحلة -بفتح التاء المثناة فوق وكسر المهملة وتشديد اللام- أي: إلَّا قدر ما ينحل به اليمين، قال الجمهور: المراد بالقسم: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (2). انتهى "سندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجنائز، باب فضل من مات له ولد فاحتسب، ومسلم في كتاب الأدب، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه، وأحمد، والحميدي.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث عتبة بن عبد السلمي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(171)
- 1576 - (2)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني
(1) سورة فاطر: (36).
(2)
سورة مريم: (71).
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ شُرَحْبيلَ بْنِ شُفْعَةَ قَالَ: لَقِيَنِي عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ
===
الكوفي ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(قال) محمد بن نمير: (حدثنا إسحاق بن سليمان) الرازي نزولًا، أبو يحيى الكوفي أصلًا، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا حريز) بفتح المهملة وكسر الراء آخره زاي (ابن عثمان) الرحبي -بفتحتين ثم بموحدة- الحمصي، ثقة ثبت رمي بالنصب، من الخامسة، مات سنة ثلاث وستين ومئة (163 هـ)، وله ثلاث وثمانون سنة. يروي عنه:(خ عم).
(عن شرحبيل) بضم أوله وفتح الراء وسكون المهملة (ابن شُفْعَةَ) -بضم المعجمة وسكون الفاء- الشامي أبو يزيد، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(ق).
(قال) شرحبيل: (لقيني عتبة بن عبد السلمي) -بضم السين- أبو الوليد الصحابي المشهور، أول مشاهده قريظة، مات سنة سبع وثمانين، ويقال: بعد التسعين، وقد قارب المئة. يروي عنه:(د ق).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(فقال) عتبة بن عبد: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم) أي: ما شخص مسلم، فيشمل الذكر والأنثي، أو مسلم ذكر؛ كما هو الظاهر، وقيد به، لأن الأنثى مفهومة من باب أولى؛ كما مر (يموت
لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ .. إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ".
===
له ثلاثة من الولد) ذكرًا كان أو أنثى (لم يبلغوا) أولئك الأولاد (الحنث) أي: زمن الحنث والإثم، وزمنه البلوغ حد الرجال، والمراد: أنهم لَمْ يحتلموا ولم يبلغوا سن التكليف، وظاهر الحديث: أن هذا الفضل مخصوص بمن مات أولاده صغارًا، وقيل: هذا الفضل إذا ثبت في الطفل الذي هو كَلٌّ على أبويه .. فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي، ووصل له منه النفع، وتوجه إليه الخطاب بالحقوق؟ !
قلت: ظاهر الحديث يأبى عنه، والحكم توقيفي لا نتعداه. انتهى "سندي" بزيادة.
(ألَّا تلقوه) أي: إلَّا تلقى واستقبل أولئك الأولاد والدهم (من أبواب الجَنَّة الثمانية) فَيُدْخِلونه الجَنَّة (من أيها) أي: من أي الأبواب الثمانية (شاء) الوالد (دخل) الجَنَّة، الجار والمجرور في قوله:"من أيها " متعلق بدخل، وإنما قال:"لَمْ يبلغوا الحنث" إذ لا يلزم في الكبير الإسلام ودخول الجَنَّة، فضلًا عن تلقيه إياه من الأبواب الثمانية، وكذا يقال فيما يأتي في الحديث التالي.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وأصله في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أبي هريرة؛ كما تقدم في أول الباب، وفي "الترمذي" من حديث ابن مسعود ومن حديث عائشة، وفي "البخاري" و"النسائي" من حديث أنس.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
(172)
-1577 - (3) حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يُتَوَفَّى لَهُمَا ثَلَاثَة مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ .. إِلَّا أَدْخَلَهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللهِ
===
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(172)
-1577 - (3)(حدثنا يوسف بن حماد المعني) -بفتح الميم وسكون المهملة ثم نون وتشديد الياء- نسبة إلى بني معنٍ؛ قبيلة مشهورة، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
(حدثنا عبد الوارث بن سعيد) بن ذكوان العنبري البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمانين ومئة (180 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد العزيز بن صهيب) البناني مولاهم البصري الأعمي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمين) بصيغة التثنية؛ أي: ما والدان مسلمان (يتوفى لهما) أي: يموت عنهما (ثلاثة من الولد) سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا أو مختلِطين (لم يبلغوا الحنث) - بكسر المهملة وسكون النون - أي: الذَّنْب؛ أي: لَمْ يصلوا سن الذَّنْب والتكليف؛ وهو سن البلوغ .. (إلَّا أدخلهم الله) تعالى؛ أي: الأولاد والوالدَيْنِ (الجَنَّة بفضل رحمة الله
عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ".
(173)
-1578 - (4) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ،
===
عز وجل وإحسانه وإنعامه (إياهم) جميعًا، وإنما قال أيضًا:"لَمْ يبلغوا الحنث" إذ لا يلزم في الكبير أن يكون مرحومًا، فضلًا عن أن يُرْحَمَ أبوه بفضل رحمته.
نعم؛ قد جاء دخولُ الجَنَّة بسبب الصبر على موتهم مطلقًا كبارًا كانوا أم لا؛ كما في بعض الأحاديث.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: البخاري في كتاب الجنائز، باب فضل من مات له ولد واحتسب، والنسائي في كتاب الجنائز، باب من يتوفى له ثلاثة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وللمشاركة، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(173)
-1578 - (4)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) الأزدي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا إسحاق بن يوسف) بن مرداس المخزومي الواسطي المعروف بالأزرق، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَابِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَدَّمَ ثَلَاثَةً مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ .. كَانُوا لَهُ حِصْنًا حَصِينًا مِنَ النَّارِ"، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ، قَالَ:"وَاثْنَيْنِ"،
===
(عن العوام بن حوشب) بن يزيد الشيباني أبي عيسى الواسطي، ثقة ثبت فاضل، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي محمد مولن عمر بن الخطاب) وقيل: محمد بن أبي محمد، مجهول، من الخامسة. يروي عنه:(ت ق).
(عن أبي عبيدة) - مصغرًا - ابن عبد الله بن مسعود، مشهور بكنيته، والأشهر أنه لا اسم له غيرها، ويقال: اسمه عامر، كوفي ثقة، من كبار الثالثة، والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه، مات قبل المئة (100 هـ) بعد سنة ثمانين. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا محمد مولى عمر، وهو مجهول، والراجح أن أبا عبيدة لَمْ يثبت سماعه من أبيه، فيكون السند منقطعًا.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قدم) قبله إلى الآخرة (ثلاثة من الولد لَمْ يبلغوا الحنث) وصبر .. (كانوا له حصنًا حصينًا) أي: سترًا قويًا (من النار، فقال أبو ذر) الغفاري الربذي جندب بن جنادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (قدمت) أنا (اثنين) في حكمهما؟ (قال) النبي صلى الله عليه وسلم في جواب أبي ذر: (و) من قدم (اثنين)
فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ: قَدَّمْتُ وَاحِدًا قَالَ: "وَوَاحِدًا".
===
كذلك؛ أي: يكونان حصنًا حصينًا له من النار، (فقال أبي بن كعب سيد القراء: قدمت) أنا (واحدًا) في حكمه؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (و) من قدم (واحدًا) كذلك؛ أي: يكون له حصنًا حصينًا من النار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في ثواب من قدم ولدًا.
قوله: (من قدم ثلاثة من الولد) أي: من قدمهم بالصبر على موتهم، قال القاري: الظاهر أن معناه: من قدم صبر ثلاثة من الولد عند فقدهم، واحتسب ثوابهم عند ربهم، أو المراد بالتقديم: لازمه، وهو المتأخر؛ أي: من تأخر موته عن موت ثلاثة من أولاده المقدمين عليه، (لم يبلغوا الحنث) أي: للذنبِ أو البلوغ، والظاهر أنَّ هذا قيدٌ للكمال؛ لأن الغالب أن يكون القلب عليه أرقَّ، والصبرُ عنهم أشقَّ، وشفاعتُهم أرجى وأسبقَ .. (كانوا له حصنًا حصينًا) أي: حصارًا محكمًا وحاجزًا مانعًا من النار.
(قدمت اثنين) أي: فما حكمهما؟ (قال: واثنين) أي: وكذا من قدم اثنين، (فقال أبي بن كعب سيد القراء) إنما قيل له: سيد القراء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أقرؤكم أبي"، وفي رواية الترمذي زيادة:(ولكن إنما ذلك عند الصدمة الأولى) أي: يحصل ذلك الصبر عند الصدمة الأولى، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وأبو عبيدة لَمْ يسمع من أبيه. انتهى من "التحفة".
قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله من الأحاديث المذكورة في الباب وغيرها، إلَّا قوله: (قال أبو ذر
…
) إلى آخره، فهذه الزيادة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ضعيفة؛ لضعف سندها، ولا شاهد لها، فالحديث ضعيف السند، صحيح المتن بغيره، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم