الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(20) - (427) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ
(58)
- 1463 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ: "وَجَبَتْ"، ثُمَّ مُرَّ عَلَيْهِ
===
(20)
- (427) - (باب ما جاء في الثناء على الميت)
(58)
- 1463 - (1)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ثابت) بن أسلم بن موسى البناني مولاهم البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أنس: (مُرَّ) بضم الميم على صيغة المجهول؛ أي: مروا (على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة) أي: مروا بها على مكان ومجلس كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم، (فأُثني) بالبناء للمجهول أيضًا (عليها) أي: على تلك الجنازة (خيرًا) أي: بخير منصوب بنزع الخافض؛ أي: وصفوها بخير، وفي رواية النضر بن أنس عن أبيه عند الحاكم: فقالوا: كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله تعالى ويسعى فيها.
(فقال) رسول الله: (وجبت، ثم مر عليه) أي: مروا على مجلسه صلى الله
بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: "وَجَبَتْ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ قُلْتَ لِهَذِهِ: "وَجَبَتْ"، وَلِهَذِهِ:"وَجَبَتْ"، فَقَالَ:"شَهَادَةُ الْقَوْمِ، وَالْمُؤْمِنُونَ شُهُودُ اللهِ فِي الْأَرْضِ".
===
عليه وسلم (بجنازة) أخرى، (فأثني عليها شرًّا) منصوب بنزع الخافض أيضًا؛ أي: وصفوها بشر، قال في رواية الحاكم المذكورة آنفًا:(فقالوا: كان يبغض الله ورسوله، ويعمل بمعصية الله تعالى ويسعى فيها)، واستعمال الثناء في الشر لغة شاذة، لكنه استعمل هنا للمشاكلة؛ لقوله: فأثني عليها خيرًا، وإنما مكَّنوا من الثناء بالشر مع الحديث الصحيح في "البخاري" في النهي عن سب الأموات؛ لأن النهي عن سبهم إنما هو في حق غير المنافقين والكفار وغير المتظاهرين بالفسق والبدعة، وأما هؤلاء .. فلا يحرم سبهم للتحذير عن طريقتهم ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم، قاله النووي. انتهى من "الإرشاد".
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجبت، فقيل) له صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله) والقائل له هو عمر بن الخطاب، كما هو مصرح به في رواية مسلم:(قلت لهذه) الجنازة الأولى: (وجبت، و) قلت (لهذه) الثانية: (وجبت) فما معنى قولك: "وجبت" في الجنازتين؟ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: سبب قولي ذلك (شهادة القوم) للجنازتين؛ شهدوا للأولى بالخير، فقلت فيها: وجبت لها الجنة، وشهدوا للثانية بالشر، فقلت فيها: وجبت لها النار، (والمؤمنون شهود الله في الأرض) أي: شهداؤه في الأرض يحكم على الأموات بما شهدوا به، فالإضافة في شهداء الله للتشريف، وهم بمنزلة عالية عند الله تعالى.
وهو أيضًا كالتزكيةِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وإظهار عدالتهم بعد شهادتهم لصاحب الجنازة، فينبغي أن يكون لها أثر ونفع في حقه وإلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
معنى هذا يشير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (1)، فالمراد بهم: المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على قدمهم وصفتهم من الإيمان، فالمراد: شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة، لأنهم قد يثنون على من كان مثلهم، كما في "شروح البخاري"، وفيها أيضًا: والصحيح أنه على عمومه وإطلاقه، وأن كل مسلم مات فَأَلْهَمَ الله الناس الثناء عليه بخير .. كان دليلًا على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا؛ إذ العقوبة غير واجبة، فإلهام الله تعالى الثناء عليه دليل على أنه شاء المغفرة له، وبهذا تظهر فائدة الثناء عليه، وإلا .. فإذا كانت أفعاله مقتضية للجنة .. لم يكن للثناء فائدة، ولعله لهذا جاء:(لا تذكروا الموتى إلا بخير). انتهى بزيادة من "السندي على النسائي".
قال القرطبي: قوله: "من أثنيتم عليه شرًّا .. وجبت له النار" يُشْكِلُ هذا بالنهي عن سب الموتى، وبقوله:"اذكروا محاسن موتاكم، "وكفوا عن مساويهم" رواه أبو داوود والترمذي والحاكم من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وأُجيب عنه بأوجهٍ:
أحدها: أن هذا الذي تُحدِّث عنه بالشر كان مستظهرًا له ومشهورًا به، فيكون ذلك من باب لا غيبة لفاسق، انظر "كشف الخفاء"(2/ 366).
وثانيها: أن محمل النهي إنما هو فيما هو بعد الدفن، وأما قبله .. فمُسَوغٌ؛ ليتعظ به الفساق، وهذا كما يكره لأهل الفضل الصلاة على المُعْلِن بالبِدعِ والكبائر.
(1) سورة البقرة: (143).
(59)
- 1464 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ،
===
وثالثها: أن الذي أثنى عليه الصحابة بالشر يحتمل أن يكون من المنافقين ظهرت عليه دلائل النفاق، فشهدت الصحابة بما ظهر لهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"وجبت له النار"، والمسلم لا تجب له النار، وهذا هو مختار القاضي عياض.
ورابعها: أن يكون النهي عن سَبِّ الموتى متأخرًا عن هذا الحديث فيكون ناسخًا.
والثناء - بتقديم الثاء المثلثة على النون ممدودًا - إنما يقال في الخير غالبًا، والذي يقال في الشر النثا - بتقديم النون وتأخير المثلثة والقصر - إلا أن هذا الحديث جاء في الثناء لمطابقته للفظ الثناء في الخير. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجنائز، وفي كتاب الشهادات وغيرهما، ومسلم في كتاب الجنائز، في باب ما يثنى عليه خيرًا أو شرًّا، وأبو داوود في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الثناء الحسن على الميت، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الثناء الحسن، والنسائي في كتاب الجنائز، باب الثناء.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد له بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:
(59)
- 1464 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر) -بضم الميم وسكون المهملة- القرشي أبو الحسن الكوفي قاضي
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فِي مَنَاقِبِ الْخَيْرِ فَقَالَ: "وَجَبَتْ"، ثُمَّ مَرُّوا عَلَيْهِ بِأُخْرَئ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فِي مَنَاقِبِ الشَّرِّ فَقَالَ:"وَجَبَتْ؛ إِنَّكُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ".
===
الموصل، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم أي على مجلسه (بجنازة، فأثني عليها خيرًا) أي: بخير، قال السندي: قوله: خيرًا (في مناقب الخير) أي: خيرًا معدودًا في خصال الخير؛ كمحبة الله، ومحبة رسوله، والاجتهاد في العبادة، (فَقال) النبي صلى الله عليه وسلم:(وجبت) له الجنة، (ثم مروا عليه بـ) جنازة (أخرى، فأثني عليها شرًّا في مناقب الشر) أي: شرًّا معدودًا من منافب الشر وخصاله؛ كبغض الله، وبغض رسوله، (فقال) رسولط الله صلى الله عليه وسلم:(وجبت) له النار، ثم سئل عن سبب قوله: وجبت، وجبت، فقال: سبب قولي ذلك شهادتكم للأولى بالخير، وشهادتكم على الثانية بالشر، فشهادتكم فيهما مقبولة (إنكم) أي: لأنكم أيها المخاطبون (شهداء الله في الأرض) أي: على أهل الأرض،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فشهادتكم مقبولة عند الله تعالى، فلذالك حكمت عليهما بما ذكر.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم