المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(65) - (472) - باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجنائز

- ‌(1) - (408) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌(2) - (409) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَادَ مَرِيضًا

- ‌(3) - (410) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(4) - (411) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَرِيضِ إِذَا حُضِرَ

- ‌(5) - (412) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُؤْمِنِ يُؤْجَرُ فِي النَّزْعِ

- ‌(6) - (413) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ

- ‌(7) - (414) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

- ‌(8) - (415) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(9) - (416) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا

- ‌(10) - (417) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (418) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (419) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَفَنِ

- ‌(13) - (420) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَيِّتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ

- ‌(14) - (421) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّعْيِ

- ‌(15) - (422) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شُهُودِ الْجَنَائِزِ

- ‌(16) - (423) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ

- ‌(17) - (424) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّسَلُّبِ مَعَ الْجِنَازَةِ

- ‌(18) - (425) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَا تُؤَخَّرُ إِذَا حَضَرَتْ وَلَا تُتْبَعُ بِنَارٍ

- ‌(19) - (426) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(20) - (427) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(21) - (428) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(22) - (429) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(23) - (430) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(24) - (431) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا

- ‌(25) - (432) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ كبَّرَ خَمْسًا

- ‌(26) - (433) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌(27) - (434) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرِ وَفَاتِهِ

- ‌(28) - (435) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ وَدَفْنِهِمْ

- ‌(29) - (436) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(30) - (437) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا يُدْفَنُ

- ‌(31) - (438) - بَابٌ: فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ

- ‌(32) - (439) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(33) - (440) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ

- ‌(34) - (441) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَمَنِ انْتَظَرَ دَفْنَهَا

- ‌(35) - (442) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ

- ‌(36) - (443) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ

- ‌(37) - (444) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(38) - (445) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ

- ‌(39) - (446) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ

- ‌(40) - (447) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّقِّ

- ‌(41) - (448) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ الْقَبْرِ

- ‌(42) - (449) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَلَامَةِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(43) - (450) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا

- ‌(44) - (451) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَثْوِ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(45) - (452) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا

- ‌(46) - (453) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(47) - (454) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(48) - (455) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكينَ

- ‌(49) - (456) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ

- ‌(50) - (457) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ

- ‌(51) - (458) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (459) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ

- ‌(53) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (461) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ

- ‌(55) - (462) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ

- ‌(56) - (463) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَزَّى مُصَابًا

- ‌(57) - (464) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ أُصِيبَ بِوَلَدِهِ

- ‌(58) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أُصِيبَ بِسِقْطٍ

- ‌(59) - (466) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ يُبْعَثُ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(60) - (467) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ

- ‌(61) - (468) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ غَرِيبًا

- ‌(62) - (469) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ مَرِيضًا

- ‌(63) - (470) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ عِظَامِ الْمَيِّتِ

- ‌(64) - (471) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(65) - (472) - بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(65) - (472) - باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم

(65) - (472) - بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

(194)

- 1599 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

===

(65)

- (472) - (باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم

(194)

- 1599 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد ربما أخطأ، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرَّحمن بن أبي بكر) بن عبيد الله ابن أبي مليكة التيمي المليكي المدني، روى عن عمه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة، ويروي عنه:(ت ق)، وأبو معاوية.

متفق على ضعفه، وقال في "التقريب": ضعيف، من السابعة.

(عن) عمه عبد الله بن عبيد الله (ابن أبي مليكة) - بالتصغير - زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبد الرَّحمن بن أبي بكر، وهو متفق على ضعفه متروك.

ص: 459

قَالَتْ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ امْرَأَتِهِ ابْنَةِ خَارِجَةَ بِالْعَوَالِي .. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: لَمْ يَمُتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِنَّمَا هُوَ بَعْضُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ الْوَحْيِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: أَنْتَ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَكَ مَرَّتَيْنِ، قَدْ وَاللهِ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعُمَرُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ يَقُولُ: وَاللهِ؛ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِيَ أُنَاسٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَقَامَ

===

(قالت) عائشة: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر) الصديق (عند امرأته) أي: زوجته (ابنة خارجة) لَمْ أر من ذكر اسمها وترجمة أبيها (بالعوالي .. فجعلوا) الفاء زائدة في جواب لما، أي: جَعَلَ الأصحابُ وشرعوا (يقولون: لَمْ يمت النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو) أي: إن الذي طرأ عليه من الحال هو (بعض ما كان يأخذه) من تلك الأحوال التي هي تأخذه (عند الوحي) إليه.

(فجاء أبو بكر) من العوالي (فكشف عن وجهه) صلى الله عليه وسلم (وقبل) من التقبيل (بين عينيه، وقال: أنت أكرم على الله) أي: أرفع عنده (من أن يميتك مرتين) رد لما زعم عمر وغيره أنه يرجع إلى الدنيا؛ فإنه لو رجع إلى الدنيا .. لمات ثانيًا، وهو أعلى قدرًا عند الله تعالى من أن يموت مرتين، (قد - والله - مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر) أي: والحال أن عمر بن الخطاب قائم (في ناحية المسجد) النبوي حالة كون عمر (يقول: والله؛ ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن (وَلَا يموت) في المستقبل (حتى يقطع أيدي أناس) كائنين (من المنافقين).

وقوله: (كثير) صفة ثانية لأناس (وأرجلهم) معطوف على أيدي، (فقام

ص: 460

أَبُو بَكْرٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ .. فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا .. فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} قَالَ عُمَرُ: فَلَكَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ.

(195)

- 1600 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ

===

أبو بكر) الصديق (فصعد المنبر، فقال: من كان يعبد الله .. فإن الله حي لَمْ يمت، ومن كان يعبد محمدًا .. فإن محمدًا قد مات) كما ذكر الله سبحانه موته بقوله جل وعلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (1) قال عمر: فلكأني لَمْ أقرأها إلَّا يومئذ) أي: يوم إذ قرأ علينا أبو بكر رضي الله عنهما.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت إذا أدرج، وفي مواضع كثيرة، والنسائي في كتاب الجنائز، باب تقبيل الميت.

ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن؛ للشاهد المذكور في "البخاري" وغيره، ضعيف السند؛ كما قد علمت، وغرضه: الاستدلال به.

* * *

ثم استأنس المؤلف لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(195)

- 1600 - (2)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي

(1) سورة آل عمران: (144).

ص: 461

الْجَهْضَمِيُّ، أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

===

(الجهضمي) البصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(أنبأنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد أبو عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).

قال: (حدثنا أبي) جرير بن حازم بن زيد الأزدي أبو النضر البصري والد وهب، ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه، من السادسة، مات سنة سبعين ومئة (170 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار أبي بكر المطلبي مولاهم المدني، نزيل العراق، إمام المغازي، صدوق يدلس، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثني حسين بن عبد الله) بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ضعيف، من الخامسة، مات سنة أربعين ومئة (140 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ت ق).

(عن عكرمة) الهاشمي مولاهم؛ مولى ابن عباس، أبي عبد الله البربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وهو ضعيف.

ص: 462

قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. بَعَثُوا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ ابْنِ الْجَرَّاحِ وَكَانَ يَضْرَحُ كَضَرِيحِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَبَعَثُوا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ يَلْحَدُ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِمَا رَسُولَيْنِ وَقَالُوا: اللَّهُمَّ؛ خِرْ لِرَسُولِكَ، فَوَجَدُوا أَبَا طَلْحَةَ فَجِيءَ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ أَبُو عُبَيْدَةَ،

===

(قال) ابن عباس: (لما أرادوا) أي: أرادت الصحابة (أن يحفروا) قبرًا (لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. بعثوا إلى أبي عبيدة) عامر بن عبد الله (بن الجراح) القرشي الفهري، نسب إلى جده؛ لشهرته به. يروي عنه:(ع)، (وكان) أبو عبيدة (يضرح؛ كضريح أهل مكة) يقال: ضرح الميت يضرح، من باب منع؛ حفر له ضريحًا، والضريح: الشق، (وبعثوا إلى أبي طلحة) الأنصاري زيد بن سهل بن الأسود بن حرام النجاري، وكان من نقباء الأنصار، المدني، مشهور بكنيته، شهد بدرًا وشهد المشاهد كلها، (وكان) أبو طلحة (هو الذي يحفر) القبر (لأهل المدينة، وكان) أبو طلحة (يلحد) أي: يعرف حفر اللحد؛ وهو ما يحفر أسفل جانب القبر، يقال: لحدت اللحد لحدًا، من باب نفع، وألحدته إلحادًا؛ حفرته، ولحدت الميت والحدته؛ جعلته في اللحد.

(فبعثوا) أي: بَعَثتِ الصحابةُ (إليهما) أي: إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة (رسولين) أي: سفيرين، (وقالوا) أي: قالت الصحابة بعدما أرسلوا إلى الرسولين: (اللهم؛ خر لرسولك) ما هو خير له من اللحد أو الشق؛ أمر من خار يخير خيرًا؛ أي: اختر له ما هو خير له عندك، (فوجدوا أبا طلحة) أي: فوجد الرسول الذي أرسلوه إلى أبي طلحة إياه، (فجيء به) أي: جاء الرسول الذي أرسلوه إلى أبي طلحة بأبي طلحة، (ولم يوجد أبو عبيدة) أي: لَمْ يجده الرسول الذي أرسلوه إلى أبي عبيدة.

ص: 463

فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ جِهَازِ؛ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ .. وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَالًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا .. أَدْخَلُوا النِّسَاءَ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا .. أَدْخَلُوا الصِّبْيَانَ وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ،

===

(فلحد) أبو طلحة، أي: حفر أبو طلحة اللحد (لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: (فلما فرغوا) أي: فلما فرغ أقاربه صلى الله عليه وسلم؛ كالعباس وعلي بن أبي طالب والفضل بن عباس (من جهازه) صلى الله عليه وسلم، أي: من تجهيزه بغسله وتكفينه وتطييبه (يوم الثلاثاء .. وضع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (على سريره) أي: على نعشه الذي يوضع عليه الميت حالة كونه (في بيته) الذي هو حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها.

(ثم) بعد وضعه على سريره (دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونهم (أرسالًا) أي: أفواجًا أفواجًا، وفرقًا متقطعة يتبع بعضهم بعضًا، حالة كونهم (يصلون) صلاة الجنازة (عليه) صلى الله عليه وسلم، والأرسال جمع رسل -بفتحتين- نظير جبل وأجبال؛ وهو الفوج والجماعة من الناس، (حتى إذا فرغوا) أي: فرغ الرجال من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم .. (أدخلوا النساء) عليه؛ ليصلين عليه، (حتى إذا فرغوا) من إدخال النساء عليه .. (أدخلوا الصبيان) أي: الأولاد الصغار عليه؛ ليسلموا عليه.

(ولم يؤم الناس) أي: لَمْ يكن إمامًا للناس في الصلاة (على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد) من الناس، بل صلى عليه كلّ منهم وحده بلا اقتداء بعضهم لبعض، قال السندي: لأنه صلى الله عليه وسلم هو الإمام لهم في

ص: 464

لَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُحْفَرُ لَهُ فَقَال قَائِلُونَ: يُدْفَنُ فِي مَسْجِدِهِ، وَقَالَ قَائِلُونَ: يُدْفَنُ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ"، قَالَ: فَرَفَعُوا فِرَاشَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِ، فَحَفَرُوا لَهُ ثُمَّ دُفِنَ وَسْطَ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ،

===

حياته، ولا ينبغي لأحد أن يتقدم بين يديه، وهذه الجملة تقتضي تكرار الصلاة عليه مرارًا. انتهى.

قال ابن عباس بالسند السابق: والله (لقد اختلف المسلمون) من الصحابة قبل حفر القبر له (في) تعيين (المكان الذي يحفر له) صلى الله عليه وسلم فيه، (فقال قائلون) منهم:(يدفن في مسجده) فاحفروا له في المسجد، (وقال قائلون) منهم:(يدفن مع أصحابه) في البقيع، فاحفروا في البقيع، (فقال أبو بكر) الصديق:(إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته (يقول: ما قبض) وتوفي (نبي) من الأنبياء قبلي .. (إلَّا دفن حيث يقبض) أي: إلَّا دفن في المكان الذي قبض فيه روحه، قيل: ووافقه عَلِيّ على ذلك، وقال: أنا سمعته أيضًا. انتهى "سندي".

(قال) ابن عباس: (فرفعوا) أي: رفع الناس الذين تولوا تجهيزه (فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي) وقبض (عليه) أي: على ذلك الفراش روح رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: أزالوا عن مكانه، (فحفروا) أي: حفر الناس (له) صلى الله عليه وسلم القبر في ذلك المكان الذي عليه فراشه، (ثم) بعدما حفروا له القبر (دفن) رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان (وسط الليل) وجوفه (من ليلة الأربعاء) قيل: أخر إلى ذلك الوقت؛ لعدم اتفاقهم على موته صلى الله عليه وسلم، أو لأنهم ما علموا

ص: 465

وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَقُثَمُ أَخُوهُ وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ وَهُوَ أَبُو لَيْلَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنْشُدُكَ اللهَ وَحَظَّنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أنْزِلْ، وَكَانَ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ أَخَذَ قَطِيفَةً كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا فَدَفَنَهَا

===

بموضع دفنه حتى ذكر لهم الصديق، أو لأنهم اشتغلوا بالخلافة وخافوا بالخلاف على أهل المدينة من أهل الردة وغيرهم. انتهى "سندي".

(ونزل في حفرته) وقبره صلى الله عليه وسلم (علي بن أبي طالب والفضل بن عباس وقثم) -بضم القاف وفتح المثلثة، بوزن عمر - ابن عباس (أخوه) أي: أخو الفضل؛ أي: قثم بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي صغير، مات سنة سبع وخمسين (57 هـ). يروي عنه:(س)، (وشقران) بضم أوله وسكون ثانيه (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: اسمه صالح، شهد بدرًا، وهو مملوك، ثم عتق، أظنه مات في خلافة عثمان رضي الله عنه. يروي عنه:(ت).

(وقال أوس بن خولي) بفتح المعجمة وسكون الواو وتشديد الياء (وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب: أنشدك الله) سبحانه، (و) أسألك به أن تجعل (حظنا) ونصيبنا (من) دفن (رسول الله صلى الله عليه وسلم والواو في قوله:(وحظنا) زائدة، أو عاطفة ما بعدها على لفظ الجلالة، فـ (قال له) أي: لأوس (علي) بن أبي طالب: (انزل) القبر وشاركنا في دفنه صلى الله عليه وسلم، (وكان شقران مولاه) صلى الله عليه وسلم (أخذ قطيفة) وهي: دثار له خمل، يجمع على قطائف. انتهى "م خ".

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها) في حياته، (فدفنها) شقران

ص: 466

فِي الْقَبْرِ وَقَالَ: وَاللهِ؛ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ أَبَدًا، فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

(196)

- 1601 - (3) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ،

===

(في القبر وقال) شقران: (والله؛ لا يلبسها) أي: لا يلبس هذه القطيفة (أحد بعدك) يا رسول الله (أبدًا، فدفنت) القطيفة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة؛ كما في "تحفة الأشراف"، قال البوصيري: هذا إسناد فيه الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي، تركه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والنسائي، وقال البخاري: يقال: إنه كان يتهم بالزندقة، وقواه ابن عدي، وباقي رجال الإسناد ثقات، ولكن رواه ابن عدي في "الكامل" من طريق بكر بن سليمان عن محمد بن إسحاق، ورواه البيهقي من طريق ابن عدي، ورواه الحاكم من طريق يونس بن بكرٍ عن أبي إسحاق، ورواه البيهقي عن الحاكم.

فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف (34)(191)؛ لضعف سنده؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستئناس به.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(196)

- 1601 - (3)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الجهضمي البصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ) أو بعدها. يروي عنه:(ع).

ص: 467

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَبُو الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا ثَابتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَرْبِ الْمَوْتِ مَا وَجَدَ .. قَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَ أَبَتَاهْ؛

===

(حدثنا عبد الله بن الزبير) بن معبد الباهلي (أبو الزبير)، ويقال: أبو معبد البصري، مقبول، من الثامنة. يروي عنه:(ق).

ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال الدارقطني: بصري صالح، قال الذهبي في "المغني": حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين، قاله البوصيري.

(حدثنا ثابت) بن أسلم (البناني) مولاهم أبو محمد البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن عبد الله بن الزبير مختلف فيه.

(قال) أنس: (لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى (من كرب الموت) وشدة سكراته (ما وجد) أي: ما رأى من أمر عظيم، قال السندي: قوله: (من كرب الموت) بفتح الكاف وسكون الراء: ما اشتد من الغم وأخذ النفس، ويحتمل أن يكون بضم الكاف وفتح الراء؛ جمع كربة .. (قالت فاطمة) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها:(واكرب أبتاه! ) أي: يا مشقة أبتاه، أصله: وا كرب أبتي، وإعرابه: وا: حرف نداء وندبة مبنية على السكون، كرب: منادىً مضاف منصوب بالفتحة الظاهرة، كرب: مضاف، أبتا: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا للتخفيف، بعد قلب الكسرة فتحة لمناسبة الألف، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، التاء: حرف زائد للتفخيم، والهاء: حرف زائد للسكت.

ص: 468

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ؛ إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكِ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا الْمُوَافَاةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

===

(فقال) لها: (رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا كرب) ولا مشقة ولا تعب (على أبيك) يا فاطمة (بعد) هذا (اليوم؛ إنه) أي: إن الشأن والحال (قد حضر من أبيك) وأخذه (ما) أي: أمر عظيم وخطب شديد (ليس) ذلك الأمر (بتارك منه أحدًا) من الخلائق؛ أي: ليس ذلك الأمر العظيم بتارك أحدًا من الخلائق منه، أي: من أخذه، وهو شدة الموت، إلَّا ما استثنى من الخلائق من حملة العرش وعالم الجَنَّة والنار، وذلك الأمر العظيم (الموافاة) أي: الموت إلى (يوم القيامة) يعني: في زمن البرزخ، قال السندي: قوله: "الموافاة" بدل من (ما) أو عطف بيان له، أو خبر لمحذوف (يوم القيامة) منصوب بنزع الخافض؛ أي: إلى يوم القيامة.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة بهذا اللفظ، ولكن رواه أحمد في "مسنده" من حديث أنس، ورواه الترمذي في "الشمائل"، باب ما جاء في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (398)، والبيهقي في "دلائل النبوة"، وأبو يعلى في "مسنده"، وابن حبان في "الإحسان"، وعبد الرزاق في "مصنفه"، والطبراني في "المعجم الكبير".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن؛ لأن له شواهد، حسن السند؛ لأن عبد الله بن الزبير مختلف فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث آخر لأنس رضي الله عنهما، فقال:

ص: 469

(197)

-1602 - (4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ؛ كَيْفَ سَخَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ !

وَحَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَا أَبَتَاهْ؛

===

(197)

-1602 - (4)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).

(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة فقيه، من كبار

الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع). (حدثني ثابت) بن أسلم البناني.

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس: (قالت لي فاطمة) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أنس؛ كيف سخت) من السخاء؛ أي: جادت وطاوعت ووافقت ورضيت (أنفسكم أن تحثوا) وتهالوا (التراب) بأيديكم (على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! ).

(و) قال حماد بالسند السابق في رواية له: (حدثنا ثابت عن أنس أن فاطمة قالت حين قبض) وأخذ روح (النبي صلى الله عليه وسلم: وا أبتاه!

ص: 470

إِلَى جِبْرَائِيلَ أَنْعَاهْ، وَا أَبَتَاهْ؛ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهْ، وَا أَبَتَاهْ؛ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، وَا أَبَتَاهْ؛ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهْ، قَالَ حَمَّادٌ: فَرَأَيْتُ ثَابِتًا حِينَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى حَتَّى رَأَيْتُ أَضْلَاعَهُ تَخْتَلِفُ.

===

إلى جبرائيل) الأمين عليه السلام، الجار والمجرور متعلق بقوله:(أنعاه) أي: أخبر خبر موته وأوصله إلى جبرائيل الأمين، (وا أبتاه! ) أي: يا أبتي (من ربه) جار ومجرور متعلق بقوله: (ما أدناه! ) أَيْ: أيُّ شيء أدناه وقرَّبه إلى ربه؛ فـ "ما" تعجبية في محل الرفع مبني على السكون؛ لشبهه بالحرف شبهًا معنويًا؛ لتضمنه معنى التعجب؛ أَيْ: شيءٌ عجيبٌ جعَلَهُ قريبًا إلى ربه، (وا أبتاه! جنة الفردوس) مبتدأ خبره (مأواه) أي: منزله ومقره، (وا أبتاه! أجاب ربًا دعاه).

و(قال حماد) أيضًا بالسند السابق في رواية له: (فرأيت) شيخي (ثابتًا حين حدث) لنا (بهذا الحديث بكى) أي: رأيته باكيًا بكاءً شديدًا (حتى رأيت أضلاعه) أي: أضلاع جنبيه قاربت أن (تختلف) وتشتبك؛ كما تشبك أصابع اليدين" لشدة تنفسه عند بكائه، أو المعنى: رأيت أضلاعه تتحرك وتضطرب.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته رقمي:(4433، 4462)، ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" في كتاب الجنائز، باب سياق أخبار تدل على جواز البكاء بعد الموت، والدارمي في "المقدمة"، والنسائي في كتاب الجنائز، باب في البكاء على الميت، وأحمد في "المسند".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة، وغرضه: الاستشهاد به ثانيًا لحديث عائشة.

* * *

ثم استشهد له ثالثًا بحديث آخر لأنس رضي الله تعالى عنه، فقال:

ص: 471

(198)

- 1603 - (5) حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ .. أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ .. أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيءٍ، وَمَا نَفَضْنَا عَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْأَيْدِيَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.

===

(198)

- 1603 - (5)(حدثنا بشر بن هلال الصواف) أبو محمد النميري - مصغرًا - ثقة، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي) -بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة- أبو سليمان البصري، صدوق زاهد، لكنه يتشيع، من الثامنة، مات سنة ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا ثابت) بن أسلم البناني.

(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس: (لما كان) فكان تامة بمعنى: حصل؛ أي: لما حصل (اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة .. أضاء منها) أي: من المدينة (كلّ شيء) فيها، وهذا كناية عن فرح أهلها وسرورهم بقدومه صلى الله عليه وسلم، (فلما كان اليوم الذي مات فيه) رسول الله صلى الله عليه وسلم .. (أظلم منها) أي: من المدينة (كلّ شيء) فيها، وهذا كناية عن شدة حزن أهلها وتأسفهم بوفاته صلى الله عليه وسلم.

(وما نفضنا) أي: ما فرغنا (عن) دفن (رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفضنا (الأيدي) من تراب دفنه؛ أي: ما خلصنا من دفنه (حتى أنكرنا قلوبنا)

ص: 472

(199)

-1604 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

===

أي: أنفسنا ولُمْنَاهَا على دفنهِ صلى الله عليه وسلم؛ لشدة حزننا ودهشتنا عند دفنه؛ أي: ما وجدناها على الحالة السابقة، ومعلوم أن البيت يصير مظلمًا إذا بعد عنه السراج والمصباح.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي (4/ 549) في كتاب المناقب، باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (2618)، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب صحيح.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(199)

-1604 - (6)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي بندار.

(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان العنبري مولاهم البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه (ع).

(عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم؛ مولى ابن عمر، ثقة، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

ص: 473

قَالَ: كُنَّا نَتَّقِي الْكَلَامَ وَالانْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ مَخَافَةَ أَنْ يُنْزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ، فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. . تَكَلَّمْنَا.

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) ابن عمر: (كنا) معاشر الصحابة (نتقي) أي: نتجنب ونتحفظ (الكلام) أي: نبتعد عن إكثار الكلام معهن؛ يعني: كلام المغاضبة والمشاغبة معهن، (و) نتجنب عن (الانبساط) والاسترسال والانشراح (إلى نسائنا) في الكلام (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: في زمن حياته؛ (مخافة) أي: كراهية (أن ينزل فينا) أي: في إنذارنا (القرآن، فلما مات) وتوفي (رسول الله صلى الله عليه وسلم. . تكلمنا) مع نسائنا وأولادنا بما نشاء؛ لعدم خوفنا من المكالمة والتهديد والتخويف والتأديب؛ لانقطاع الوحي من السماء.

قال السندي: قوله: (كنا نتقي) يريد أنهم كانوا يتقون في وقته صلى الله عليه وسلم؛ مخافة نزول الوحي في النهي عن أشياء ما يفيئوا ويرجعوا عن التورع عنها بعد، فكان ذلك الورع من جملة بركات وجوده صلى الله عليه وسلم، وذهابه من جملة مصائب فقده صلى الله عليه وسلم. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، وأحمد في "مسنده".

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث عائشة بحديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 474

(200)

- 1605 - (7) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإنَّمَا وَجْهُنَا وَاحِدٌ،

===

(200)

- 1605 - (7)(حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج أبو يعقوب التميمي المروزي، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وخمسين ومئتين (251 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).

(أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء) الخفاف أبو نصر (العجلي) مولاهم البصري، صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديثًا في فضل العباس، من التاسعة، مات سنة أربع أو ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن) عبد الله (بن عون) بن أَرْطَبانَ -بفتح فسكون ففتح- المزني مولاهم البصري، ثقة ثبت فاضل، من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الحسن) بن أبي الحسن يسار البصري الأنصاري مولاهم أبي سعيد الإمام، ثقة، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي، سيد القراء رضي الله تعالى عنه، مات سنة تسع عشرة، وقيل: اثنتين أو ثلاث وثلاثين (33 هـ) وقيل غير ذلك. يروي عنه: (ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات على شرط مسلم، إلا أنه منقطع بين الحسن وبين أبي بن كعب؛ سقط من بينهما عتبة بن ضمرة، وقال ابن المديني: مرسلات الحسن إذا رواها عنه الثقات صحاح. انتهى "تهذيب".

(قال) أُبيٌّ: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما وجهنا) أي: قصدنا معاشر الصحابة (واحد) وهو إقامة الدين، ورفض ما سواه، وإعلاء

ص: 475

فَلَمَّا قُبِضَ. . نَظَرْنَا هكَذَا وَهكَذَا.

(201)

- 1606 - (8) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي خَالِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ،

===

كلمة الله، (فلما قبض) ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم. . (نظرنا هكذا وهكذا) أي: تفرقت المقاصد والمهام، فيميل مائل إلى الدنيا، وآخر إلى غيرها. انتهى "سندي".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح، إلا أن فيه عبد الوهاب بن خفاف، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استأنس المؤلف للترجمة ثانيًا بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فقال:

(201)

- 1606 - (8)(حدثنا إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة الأسدي (الحزامي) صدوق تكلم فيه أحمد لأجل القرآن، من العاشرة مات سنة ست وثلاثين ومئتين (236 هـ). يروي عنه:(خ ت س ق).

قال: (حدثني خالي محمد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي) البصري، مقبول، من السابعة. يروي عنه:(ق).

(حدثني موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي) مجهول، من السادسة. يروي عنه:(ق).

(حدثني مصعب بن عبد الله) بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(ق).

ص: 476

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. . فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ جَبِينِهِ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ، فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي. . لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ الْقِبْلَةِ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَكَانَتِ الْفِتْنَةُ، فَتَلَفَّتَ النَّاسُ يَمِينًا وَشِمَالًا.

===

(عن أم سلمة) هند (بنت بن أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه موسى بن عبد الله بن أبي أمية، وهو مجهول.

(أنها قالت: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي) حالة كونه (يصلي. . لم يعد) قال السندي: من عدا يعدو من باب دعا يدعو؛ أي: لم يتجاوز (بصر أحدهم موضع قدميه) والمراد: أنهم كانوا على غاية الخشوع، لكن مختار كثير من الفقهاء: أنه ينظر إلى موضع سجوده، وهذا يدل على خلافه. انتهى منه.

(فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي. . لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه) والجبين: هو جانبي الجبهة، (فتوفي أبو بكر، وكان عمر) أي: استخلف عنه (فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي. . لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة) أي: جهة القبلة؛ أي: لا يلتفت أحدهم يمينًا وشمالًا، (وكان عثمان بن عفان) أي: استخلف عن عمر، (فكانت الفتنة) والاختلاف بين الناس، (فتلفت) أي: فالتفت (الناس) في صلاتهم (يمينًا وشمالًا) والمراد بقوله: (فكان الناس. . .)

ص: 477

(202)

- 1607 - (9) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ

===

إلى آخره: أنه ذهب عنهم تلك الحالة الأولى؛ يعني: النظر إلى موضع قدميه بتدريج وتأن.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (35)(192)؛ لضعف سنده، ولا شاهد له، وغرضه: الاستئناس به.

ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث عائشة بحديث آخر لأنس رضي الله تعالى عنه، فقال:

(202)

- 1607 - (9)(حدثنا الحسن بن علي الخلال، حدثنا عمرو بن عاصم) بن عبيد الله الكلابي القيسي أبو عثمان البصري، صدوق في حفظه شيء، من صغار التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا سليمان بن المغيرة) القيسي مولاهم البصري أبو سعيد، ثقة ثقة، قاله يحيى بن معين، من السابعة، مات سنة خمس وستين ومئة (165 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وفي "الزوائد": إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ فقد احتجا بجميع رواته.

ص: 478

قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا. . بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؛ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ؟ قَالَتْ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ، وَلكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، قَالَ: فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا.

===

(قال) أنس: (قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما في زمن خلافة أبي بكر: (انطلق بنا) أي: اذهب بنا يا عمر (إلى) بيت (أم أيمن) بركة الحبشية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي والدة أسامة بن زيد، ماتت في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنهما. يروي عنها:(ق).

حالة كوننا (نزورها؛ كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها) في حال حياته، (قال) أنس: وأنا معهما (فلما انتهينا) ووصلنا (إليها) أي: إلى بيتها. . (بكت) أم أيمن، (فقالا) أي: فقال العمران (لها) أي: لأم أيمن: (ما يبكيك) أي: أي شيء يبكيك يا أم أيمن، (فما عند الله) تعالى من نعيم الآخرة (خير لرسوله) صلى الله عليه وسلم؟

(قالت) أم أيمن في جواب سؤالهما: (إني لأعلم أن ما عند الله خير لرسوله، ولكن أبكي) أنا الآن لأجل (أن الوحي قد انقطع) نزوله (من السماء) فأظلمت الأرض بانقطاعه، (قال) أنس:(فهيجتهما) أي: هيجت أم أيمن العمرين وحثتهما (على البكاء) أي: صارت سببًا لبكائهما، (فجعلا) أي: فشرع العمران (يبكيان معها) أي: مع أم أيمن.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب فضائل الصحابة،

ص: 479

(203)

- 1608 - (10) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ

===

باب من فضائل أم أيمن، والبيهقي في "دلائل النبوة"، باب ما جاء في عظم المصيبة التي نزلت بالمسلمين.

وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

ثم استشهد المؤلف سابعًا لحديث عائشة بحديث أوس رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(203)

- 1608 - (10)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الحسين بن على) بن الوليد الجعفي الكوفي المقرئ، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) الأزدي أبي عتبة الشامي الداراني، ثقة، من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الأشعث) شراحيل ابن آده -بالمد وتخفيف الدال- (الصنعاني) الجرمي، يقال: آده جد أبيه، وهو ابن شرحبيل بن كليب، ثقة، من الثانية، شهد فتح دمشق. يروي عنه:(م عم).

(عن أوس بن أوس) الثقفي الدمشقي الصحابي المشهور. يروي عنه: (عم).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أوس بن أوس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم) يا معشر المسلمين، وفي هذا إشارة إلى أن يوم عرفة أفضل منه أو

ص: 480

يَوْمَ الْجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟

===

مساو له، قاله: على القاري (يوم الجمعة، فيه) أي: في يوم الجمعة (خلق آدم) أي: طينته، (وفيه النفخة) أي: النفخة الثانية التي توصل الأبرار إلى النعيم الباقي، قال الطيبي: وتبعه ابن حجر المكي؛ أي: النفخة الأولى؛ فإنها مبدأ قيام الساعة ومقدم النشأة الثانية، ولا منع من الجمع، كذا في "المرقاة".

(وفيه): أي: وفي يوم الجمعة (الصعقة) أي: الصيحة، والمراد بها: الصوت الهائل الذي يموت الإنسان من هوله، وهي النفخة الأولى، فالتكرار باعتبار تغاير الوصفين، والأولى ما اخترناه من التغاير الحقيقي. انتهى من "العون"، (فأكثروا علي) أيها المسلمون (من الصلاة) والدعاء لي بالرحمة (فيه) أي: في يوم الجمعة؛ فإن الصلاة على من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها؛ لاختصاصها بتضاعف الحسنات إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكن إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل هو الأكمل الأجمل، ولكونه سيد الأيام فيصرف في خدمة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.

(فإن صلاتكم) علي (معروضة علي) يعني: على وجه القبول فيه، وإلا. . فهي دائمًا تعرض عليه بواسطة الملائكة، إلا عند روضته فيسمعها بحضرته، وقد جاءت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة عليه يوم الجمعة وليلتها، وفضيلة الإكثار منها على سيد الأبرار، (فقال رجل) من الحاضرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما حدث الرسول هذا الحديث، وفي رواية أبي داوود:(قالوا) أي: قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم ولم أر من ذكر اسم ذلك الرجل-: (يا رسول الله؛ كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ ) بفتح

ص: 481

يَعْنِي: بَلِيتَ، قَالَ:"إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ".

===

الراء وسكون الميم وفتح التاء (يعني) الرجل بقوله: وقد أرِمْتَ: (بليت) -بفتح الموحدة وكسر اللام- وفنيت يا رسول الله؛ أي: صرت باليًا عتيقًا، والحديث قد مضى للمصنف في باب صلاة الجمعة.

قوله: (وقد أرمت) -بفتح الراء وسكون الميم وفتح التاء المخففة، ويروى بكسر الراء- جملة حالية من ضمير (عليك)، وقيل: على البناء للمفعول من الأرْمِ؛ وهو الأكل؛ أي: صرت مأكولًا للأرض، وقيل: أُرِمَّتْ بالميم المشددة والتاء الساكنة؛ أي: أُرمت العظام، وصارت رميمًا، كذا قاله التوربشتي، قال الطيبي: ويروى: رَمِصْتَ بالميمين؛ أي: صرت رميمًا؛ أي: عظامًا باليًا.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله) عز وجل (حرم على الأرض) أي: منعها من (أن تأكل أجساد الأنبياء) فإن الأنبياء في قبورهم أحياء، قال ابن حجر المكي: وما أفاده من ثبوت حياة الأنبياء حياةً بها يتعبدون ويصلون في قبورهم مع استغنائهم عن الطعام والشراب كالملائكة. . أَمْرٌ لا مِرْيَةَ فيه، وقد صنف البيهقي جزءًا في ذلك.

قال المنذري: رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه. انتهى. وأخرجه النسائي، وله علة دقيقة أشار إليها البخاري وغيره، وقد جمعت طرقه في جزء، وفي "النيل" بعد سرد الأحاديث في هذا الباب ما نصه: وهذه الأحاديث فيها مشروعية الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وأنها تعرض عليه، وأنه حي في قبره، وقد أخرج ابن ماجه بإسناد جيد أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء:"إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، وفي رواية للطبراني:"ليس من عبد يصلي علي. . إلا بلغني صلاته"، قلنا: وبعد وفاتك؟ قال: وبعد وفاتي؛ إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء".

ص: 482

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقد ذهب جماعة من المحققين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي بعد وفاته، وأنه يسر بطاعات أمته، وأن الأنبياء لا يبلون، مع أن مطلق الإدراك كالعلم والسماع ثابت لسائر الموتى، وقد صح عن ابن عباس مرفوعًا:"ما من أحد يمر على قبر أخيه المؤمن"، وفي رواية:"بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه. . إلا عرفه ورد عليه"، ولابن أبي الدنيا:"إذا مر الرجل بقبر يعرفه، فسلم عليه. . رد عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه وسلم عليه. . رد عليه السلام"، وصح:"أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى، ويسلم عليهم"، وورد النص في كتاب الله في حق الشهداء أنهم أحياء يرزقون، وأن الحياة فيهم متعلقة بالجسد، فكيف بالأنبياء والمرسلين؟ !

وقد ثبت في الحديث: "الأنبياء أحياء في قبورهم" رواه المنذري، وصححه البيهقي، وفي "صحيح مسلم": عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مررت بموسى ليلة أسري بي، عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره". انتهى، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود والنسائي والبيهقي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ورواه ابن حبان في "الإحسان" في كتاب الرقائق، باب الأدعية، وإسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح، وأحمد وابن أبي شيبة والطبراني، وصححه ابن خزيمة.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثامنًا لحديث عائشة بحديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 483

(204)

- 1609 - (11) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

===

(204)

- 1609 - (11)(حدثنا عمرو بن سواد) -بتشديد الواو آخره دال- ابن الأسود بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري السرحي أبو محمد (المصري) ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م دس ق).

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري أبي أمية، ثقة حافظ فقيه، من السابعة، مات قديمًا قبل الخمسين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن أبي هلال) الليثي مولاهم أبي العلاء المصري، صدوق، من السادسة، مات بعد الثلاثين ومئة، وقيل قبلها، وقيل: قبل الخمسين ومئة بسنة. يروي عنه: (ع).

(عن زيد بن أيمن) مقبول، من السادسة. يروي عنه:(ق).

(عن عبادة بن نسي) -بضم النون وفتح المهملة الخفيفة- الكندي أبي عمر الشامي، قَاضِي طبريةَ، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري، قيل: اسمه عامر، وعويمر لقبه، الصحابي المشهور العابد رضي الله تعالى عنه، مات في أواخر خلافة عثمان، وقيل: عاش بعد ذلك. يروي عنه: (ع).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، إلا أنه

ص: 484

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا"، قَالَ: قُلْتُ: وَبَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: "وَبَعْدَ الْمَوْتِ؛ إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ"، فَنَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ يُرْزَقُ.

===

منقطع في موضعين؛ لأن عبادة بن نسي روايته عن أبي الدرداء مرسلة، قاله العلائي؛ لأنه مات سنة (118 هـ)، ومات أبو الدرداء سنة (32 هـ)، ورواية زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي مرسلة أيضًا، قاله البخاري، ولكن في إرسالها في الموضعين خلاف؛ كما أشرنا إليه. (قال) أبو الدرداء:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة؛ فإنه) أي: فان إكثار الصلاة علي، أو فإن ما ذكر من الصلاة (مشهود تشهده الملائكة) أي: ملائكة الرحمة أو الحفظة، (وإن أحدًا) منكم (لن يصلي عليَّ. . إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها، قال) أبو الدرداء: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (و) هل تعرض عليك الصلاة (بعد الموت؟ ) أي: بعد موتك (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل (و) تعرض علي (بعد الموت) لأني حي في قبري (إن الله) أي: لأن الله عز وجل (حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فنبي الله صلى الله عليه وسلم حي) في قبره (يرزق) من رزق الجنة.

قال السندي: قوله: "فنبي الله" صلوات الله وسلامه عليه. . يحتمل: أن تكون الإضافة فيه استغراقية، ويحتمل أن تكون عهدية، والمراد حينئذ: نفسه صلى الله عليه وسلم، وهو الظاهر، ثم هذا لا ينبغي أن يشك فيه؛ فقد جاء مثله في حق الشهداء، فكيف الأنبياء؟ ! وقد جاء في حياة الأنبياء أحاديث؛ من جملتها: "أنه

ص: 485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

صلى الله عليه وسلم رأى موسى يصلي في قبره"، وغير ذلك. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، والبيهقي في كتاب الجمعة، باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وانقطاعه في موضعين مختلف فيه، فلا يضر؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أحد عشر حديثًا:

الأول منها -وهو حديث عائشة- للاستدلال، واثنان منها للاستئناس، وثمانية منها للاستشهاد؛ كما بينا ذلك عند كل حديث.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا المجلد:

من الأبواب: خمسة وستون بابًا.

ومن الأحاديث: مئتان وستة أحاديث، منها خمسة وثلاثون للاستئناس، وثلاثة وستون للاستدلال، واثنان للمتابعة، والباقي للاستشهاد.

والله وليُّ التّوفيق

ص: 486

إلى هنا انتهى المجلد التاسع من هذا السفر النافع ويليه المجلد العاشر بإذن المولى القادر، وأوله: كتاب الصيام

قال المؤلف غفر الله ذنوبه وستر في الدارين عيوبه: انتهيت من كتابة هذا المجلد يوم السبت بتاريخ (23) ربيع الأول (1432 هـ) وقت الغروب، الموافق لـ (26) شباط فبراير سنة (2011 م).

وكان تاريخ العودة إلى تأليف هذا الكتاب يوم الأربعاء (20) ذو القعدة من سنة (1431 هـ).

والحمد لله تملأ الميزان، فلك الحمد مولانا ما تعاقب الجديدان، وطلع النَّيِّرانِ، وصلى الله على النبي العدنان، وعلى آله وأصحابه أهل العلم والعرفان.

اللهم يا قاضي الأمور، ويا شافي الصدور؛ كما تجير بين البحور. . أن تجيرني من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور، يا عزيز يا غفور.

* * *

ص: 487