المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(33) - (440) - باب ما جاء في الصلاة على النجاشي - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجنائز

- ‌(1) - (408) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌(2) - (409) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَادَ مَرِيضًا

- ‌(3) - (410) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(4) - (411) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَرِيضِ إِذَا حُضِرَ

- ‌(5) - (412) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُؤْمِنِ يُؤْجَرُ فِي النَّزْعِ

- ‌(6) - (413) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ

- ‌(7) - (414) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

- ‌(8) - (415) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(9) - (416) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا

- ‌(10) - (417) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (418) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (419) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَفَنِ

- ‌(13) - (420) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَيِّتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ

- ‌(14) - (421) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّعْيِ

- ‌(15) - (422) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شُهُودِ الْجَنَائِزِ

- ‌(16) - (423) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ

- ‌(17) - (424) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّسَلُّبِ مَعَ الْجِنَازَةِ

- ‌(18) - (425) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَا تُؤَخَّرُ إِذَا حَضَرَتْ وَلَا تُتْبَعُ بِنَارٍ

- ‌(19) - (426) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(20) - (427) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(21) - (428) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(22) - (429) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(23) - (430) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(24) - (431) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا

- ‌(25) - (432) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ كبَّرَ خَمْسًا

- ‌(26) - (433) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌(27) - (434) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرِ وَفَاتِهِ

- ‌(28) - (435) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ وَدَفْنِهِمْ

- ‌(29) - (436) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(30) - (437) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا يُدْفَنُ

- ‌(31) - (438) - بَابٌ: فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ

- ‌(32) - (439) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(33) - (440) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ

- ‌(34) - (441) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَمَنِ انْتَظَرَ دَفْنَهَا

- ‌(35) - (442) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ

- ‌(36) - (443) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ

- ‌(37) - (444) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(38) - (445) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ

- ‌(39) - (446) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ

- ‌(40) - (447) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّقِّ

- ‌(41) - (448) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ الْقَبْرِ

- ‌(42) - (449) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَلَامَةِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(43) - (450) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا

- ‌(44) - (451) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَثْوِ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(45) - (452) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا

- ‌(46) - (453) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(47) - (454) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(48) - (455) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكينَ

- ‌(49) - (456) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ

- ‌(50) - (457) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ

- ‌(51) - (458) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (459) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ

- ‌(53) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (461) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ

- ‌(55) - (462) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ

- ‌(56) - (463) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَزَّى مُصَابًا

- ‌(57) - (464) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ أُصِيبَ بِوَلَدِهِ

- ‌(58) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أُصِيبَ بِسِقْطٍ

- ‌(59) - (466) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ يُبْعَثُ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(60) - (467) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ

- ‌(61) - (468) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ غَرِيبًا

- ‌(62) - (469) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ مَرِيضًا

- ‌(63) - (470) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ عِظَامِ الْمَيِّتِ

- ‌(64) - (471) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(65) - (472) - بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(33) - (440) - باب ما جاء في الصلاة على النجاشي

(33) - (440) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ

(151)

- 1506 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ"، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْبَقِيعِ،

===

(33)

- (440) - (باب ما جاء في الصلاة على النجاشي)

(101)

-1506 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي -بالمهملة- البصري أبو محمد، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن معمر) بن راشد الأزدي مولاهم أبي عروة البصري نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) محمد بن مسلم (الزهري) المدني، ثقة متقن عالم مشهور، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة متقن، من الثانية، من كبار التابعين، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن) أخاكم (النجاشي قد مات) اليوم، (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى البقيع) مقبرة

ص: 239

فَصَفَّنَا خَلْفَهُ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ.

===

المدينة، (فصفنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: جعلنا صفوفًا (خلفه) أي: وراءه، (وتقدم) علينا معاشر الصحابة (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر أربع تكبيرات) للصلاة عليه صلاة الغائب؛ أي: أربع مرات.

قال النووي: وفي هذا الحديث إثبات الصلاة على الميت، وأجمعوا على أنها فرض كفاية، والصحيح أن فرضها يسقط بصلاة رجل واحد، وقيل: يشترط اثنان، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة، وفيه أن تكبيرات الجنازة أربع، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وفيه دليل للشافعي وموافقيه في الصلاة على الميت الغائب، وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإعلامه بموت النجاشي وهو في الحبشة في اليوم الذي مات فيه، وفيه استحباب الإعلام بموت الميت لا على صورة نعي الجاهلية، بل لمجرد إعلام الصلاة عليه وتجهيزه وقضاء حقه في ذلك إلى آخر ما فيه. انتهى منه.

قال القرطبي: وهذا الحديث احتج به أئمتنا على جواز الإعلام بموت الميت، ولم يروه من النعي المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم:"إياكم والنعي؛ فإن النعي من عمل الجاهلية" أخرجه الترمذي، رقم (984) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وهذا النعي الذي كان من عمل الجاهلية إنما كان أن الشريف إذا مات فيهم .. بعثوا الركبان إلى أحياء العرب، فيندبون الميت ويثنون عليه بنياحة وبكاء وصراخ وغير ذلك، وذلك هو الذي نهي عنه، وقد روي عن حذيفة أنه نهى أن يؤذن بالميت أحد، وقال: إني أخاف أن يكون نعيًا، وروي نحوه عن ابن المسيب، وقال به بعض السلف من الكوفيين من أصحاب ابن مسعود.

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: وهذا الحديث حجة على من كره الإعلام به، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"هلا آذنتموني به" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكذلك أيضًا نعيه صلى الله عليه وسلم أهل مؤتة. انتهى من "المفهم"، قال ابن العربي: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:

الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاة عليه، فهذا سنة.

والثانية: دعوة الحفل للمفاخرة، فهذه تكره.

والثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك، فهذا يحرم. انتهى من "فتح الملهم".

قوله: "إن النجاشي" بفتح النون وتخفيف الجيم، وبعد الألف شين معجمة ثم ياء مشددة كياء النسب، وقيل: بالتخفيف كياء القاضي، ورجحه الصنعاني، وحكى المطرزي تشديد الجيم عند بعضهم وخُطِّئ، وحكى بعضهم كسر النون فيه، والنجاشي هذا هو الذي هاجر إليه الصحابة جعفر ومن معه، فأكرم نزلهم، فأكرمه بالجنة، وكان يخفي إيمانه، قال ابن جريج: ولما صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم .. طعن في ذلك المنافقون، فنزلت هذه الآية:{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} (1) إشارة إليه وإلى قومه. انتهى من "الأبي".

واسمه أصحمة -بفتح الهمزة وسكون الصاد وفتح الحاء المهملتين- ومعناه بالعربية: عطية، وذكر مقاتل في "نوادر التفسير" من تأليفه أن اسمه مكحول بن صعصعة، وقال في "القاموس": اسمه أصحمة بن بحر. انتهى من "الإرشاد".

(1) سورة آل عمران: (199).

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال القاضي عياض: النجاشي لقب لمن ملك الحبشة، وكسرى لمن ملك الفرس، وقيصر لمن ملك الروم، وخاقان لمن ملك الترك، وتُبَّع لمن ملك اليمن، والقِيلُ لمن ملك حِمْير، وقيل: القِيلُ أقل درجةً من الملك، قال النووي: وأمير المؤمنين لمن ملك الإسلام.

قلت: وفرعون لمن ملك القبط، والعزيز لمن ملك مصر، ونمروذ لكل جبَّارٍ ملك قرية نمروذ إبراهيم، وهذه الأسماء هي أعلام أجناس كأسامة وثعالة وذؤالة. انتهى من "الأبي"، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صدق عليهم بموته في اليوم الذي مات فيه مع بُعْد ما بين أرض الحبشة والمدينة، قال القاري: وكان بينهما مسيرة شهر. انتهى من "فتح الملهم".

قوله: (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى البقيع)، وفي رواية مسلم:(إلى المصلى)، والمراد بها المكان الذي يصلى فيه العيد والجنائز وهو من ناحية بقيع الغرقد، قاله الحافظ في الحدود، فلا منافاة بين الروايتين، وحكى ابن بطال عن ابن حبيب أن مصلى الجنائز في المدينة كان لاصقًا بالمسجد النبوي من ناحية المشرق، ويستفاد من الحديث أن ما وقع من الصلاة على بعض الجنائز في المسجد كان لأمر عارض، أو لبيان الجواز كما أجاب به بعض أصحابنا عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان معتكفًا إذ ذاك، فلم يمكنه الخروج من المسجد. انتهى من "فتح الملهم".

قال القرطبي: قوله: (فخرج رسول الله في أصحابه إلى البقيع) يستدل به على أن الجنائز لا يصلى عليها في المسجد، كما قد روي عن مالك وأبي حنيفة،

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وجوزه الشافعي، وظاهر هذا الحديث جواز الصلاة على الغائب، وهو قول الشافعي، ولم ير ذلك أصحابنا جائزًا؛ لأنه لو كان ذلك جائزًا .. لكان أحقُّ مَنْ صُلِّي عليه كذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في البلاد النائية عن المدينة، ولم يصح أنه فَعَل ذلك أحدٌ من الصحابة ولا غيرهم، ولو كان ذلك مشروعًا .. للزم أن يفعل ذلك دائمًا إلى غير غاية؛ لعدم القاصر على زمان معين.

وأجابوا عن حديث النجاشي بأمور:

أحدها: أن ذلك مخصوص بالنجاشي؛ ليُعلم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بإسلامه، وليستغفروا له، كما جاء في الحديث.

وثانيها: أنه كان قد رفع وأُحضِرَ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى رآه، فصلى على حاضر بين يديه؛ كما رفع للنبي صلى الله عليه وسلم بيت المقدس، كما تقدم في باب الإيمان.

وثالثها: أنه كان لم يصل عليه أحد؛ لأنه مات بين قوم كفار، وكان يكتم إيمانه منتظرًا التخلص منهم، فمات قبل ذلك ولم يصل عليه أحد، وعلى هذا فيصلى على الغريق وأكيل السبع، وهو قول ابن حبيب من أصحابنا، ولم ير ذلك مالك ولا جماعة من العلماء.

قلت: وهذا الوجه الثالث أقربها، وفيما تقدم نظر. انتهى من "المفهم".

قلت: ويؤيد ظاهر الحديث مذهب الشافعي، وهو الراجح، والله أعلم.

قوله: (فكبر أربع تكبيرات) وفي حديث زيد بن ثابت أنه كبر خمسًا، وهل ترفع الأيدي مع التكبير أم لا؟ اختلف فيه قول مالك على ثلاثة أقوال: الرفع في الأولى فقط، والرفع في الجميع، ولا يرفع في شيء منها.

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واختلف هل يقرأ في صلاة الجنازة بأم القرآن أم لا؟ فذهب مالك في المشهور عنه إلى ترك القراءة فيها، وكذلك أبو حنيفة والثوري، وكأنهم تمسكوا بظاهر ما أخرجه أبو داوود من حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صليتم على الميت .. فأخلصوا له في الدعاء" رواه أبو داوود وابن ماجه وابن حبان، وبأن مقصود هذه الصلاة إنما هو الدعاء له واستفراغ الوُسع بعمارة كل أحوال تلك الصلاة في الاستشفاع للميت.

وذهب الشافعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن مسلمة وأشهب من أصحابنا وداوود إلى أنه يقرأ فيها بالفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت حملًا له على عمومه، وبما أخرجه البخاري عن ابن عباس، وصلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، وقال:(لتعلموا أنها سنة)، وأخرج النسائي من حديث أبي أمامة، قال:(السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة، ثم يكبر ثلاثًا، والتسليم عند الأخيرة).

وذكر محمد بن نصر المروزي عن أبي أمامة أيضًا قال: (السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر، ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى، ثم يسلم) وهذان الحديثان صحيحان، وهما ملحقان عند الأصوليين بالمسند، والعمل على حديث أبي أمامة أولى، إذ فيه الجمع بين عموم قوله:"لا صلاة" وبين إخلاص الدعاء للميت، وقراءة الفاتحة فيها إنما هو استفتاح للدعاء، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 244

(102)

-1507 - (2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ

===

ولم يقع في الصحيح ذكر السلام من صلاة الجنازة على الخصوص، لكن يستدل عليه بعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"تحريم الصلاة التكبير، وتحليلها التسليم"، رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجه من حديث على رضي الله عنه، وهو صحيح، واختلف في عدده: فالجمهور من السلف وغيرهم على أنه واحدة، وذهب أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وجماعة من السلف إلى أنه تسليمتان.

ثم هل يجهر الإمام أو يسر؟ قولان عن مالك الجهر والإسرار، وهل يرد على إمامه أم لا؟ قولان لمالك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجنائز، باب فضل اتباع الجنائز، ومسلم في كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها، وأبو داوود في كتاب الجنائز، في باب فضل الصلاة على الجنازة، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في فضل الصلاة على الجنازة، والنسائي في كتاب الإيمان، باب فضل من تبع الجنازة.

فدرجته: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(102)

- 1507 - (2)(حدثنا يحيى بن خلف) الباهلي أبو سلمة البصري الجوباري -بجيم مضمومة وواو ساكنة ثم موحدة- صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م د ت ق).

ص: 245

وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ جَمِيعًا، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ،

===

(ومحمد بن زياد) بن عبيد الله الزيادي أبو عبد الله البصري، يلقب بـ (يؤيؤ) -بتحتانيتين مضمومتين- صدوق يخطئ، من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(خ ق).

كلاهما (قالا: حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي -بقاف ومعجمة- أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت عابد، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني البجلي أبو حجر -بضم المهملة وسكون الجيم- ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا هشيم) بن بشير -بوزن عظيم- ابن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطي، ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ). يروي عنه:(ع).

(جميعًا) أي: كل من بشر بن المفضل وهشيم رويا (عن يونس) بن عبيد بن دينار العبدي أبو عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي البصري، ثقة فاضل، كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير، من الثالثة، مات بالشام هاربًا من القضاء، سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي المهلب) الجرمي عمرو بن معاوية عم أبي قلابة البصري، ثقة، من الثانية. يروي عنه:(م عم).

ص: 246

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ"، قَالَ: فَقَامَ فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ، وَإنِّي لَفِي الصَّفِّ الثَّانِي، فَصَلَّى عَلَيْهِ صَفَّيْنِ.

===

(عن عمران بن الحصين) بن عبيد بن خلف الخزاعي أبو نجيد -بنون وجيم مصغرًا- الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه، مات سنة اثنتين وخمسين بالبصرة (52 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاكم) في الدين (النجاشي قد مات، فصلوا عليه) صلاة الجنازة، (قال) عمران:(فقام) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فصلينا خلفه) صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة، (وإني لفي الصف الثاني، فصلى) صلى الله عليه وسلم (عليه) وجعلنا (صفين) أي: فرقنا صفين في صلاتنا على النجاشي.

وبهذا الحديث استدل على مشروعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد، وبذلك قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف، حتى قال ابن حزم: ولم يأت عن أحد من الصحابة منعه، وعن المالكية والحنفية لا يشرع ذلك، وأتوا باعتبارات ضعيفة، قد سبق ذكر بعضها، وأخرى ضعيفة لا حاجة إلى ذكرها والكلامِ عليها، قال الشوكاني بعد البحث عن هذه المسألة ما لفظه: والحاصل أنه لم يأت المانعون من الصلاة على الغائب بشيء يعتد سوى الاعتذار بأن ذلك مختص بمن كان في أرض لا يصلى عليه فيها، وهو أيضًا جمود على قصة النجاشي يدفعه الأثر والنظر. انتهى.

قلت: الكلام في هذه المسألة طويل مذكور في "فتح الباري" وغيره، فعليك أن تراجعه. انتهى "تحفة الأحوذي".

ص: 247

(103)

-1508 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ،

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الجنائز: باب التكبير على الجنازة، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، والنسائي في كتاب الجنائز باب الصفوف على الجنازة، ومالك، وأحمد.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديثِ مُجمِّعِ بن جارية الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(103)

- 1508 - (3)) حدثثا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام) القصار أبو الحسن الكوفي الأسدي مولاهم، صدوق له أوهام، من صغار التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة حجة إمام، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حمران بن أعين) الكوفي مولى بني شيبان، ضعيف، رمي بالرفض، من الخامسة. يروي عنه:(ق). انتهى "تقريب".

ضعفه ابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال أبو داوود: رافضي، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي، ولد عام أحد، ورأى

ص: 248

عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ"، فَصَفَّنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ.

===

النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة عشر ومئة (110 هـ)، وهو آخر من مات من الصحابة رضي الله عنه، قاله مسلم وغيره. يروي عنه:(ع).

(عن مجمع) بضم أوله وفتح الجيم وتشديد الميم المكسورة (ابن جارية) -بالجيم- ابن عامر (الأنصاري) الأوسي المدني الصحابي رضي الله عنه، مات في خلافة معاوية. يروي عنه:(د ت ق).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن حمران بن أعين مختلف فيه.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاكم النجاشي قد مات) الآن، (فقوموا فصلوا عليه) صلاة الجنازة، (فصفنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: جعلنا (خلفه صفين) فصلينا عليه معه.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث عمران بن حصين رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، أعني: الحديث المذكور قبله، وأحمد بن حنبل.

فدرجته: أنه صحيح المتن بما قبله، وإن كان سنده حسنًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث حذيفة بن أسيد رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 249

(104)

-1509 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ بِهِمْ فَقَالَ: "صَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ

===

(104)

- 1509 - (4)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري، ثقة ثبت، من العاشرة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن المثنى بن سعيد) الضبعي -بضم الضاد وفتح الموحدة- أبي سعيد البصري القسام القصير، ثقة، قال أبو حاتم: هو أوثق من المثنى بن سعد، من السادسة. يروي عنه:(ع).

(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة مدلس، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة الليثي الصحابي الصغير رضي الله عنه.

(عن حذيفة بن أسيد) -بفتح الهمزة- الغفاري أبي سريحة -بمهملتين مفتوح الأول- الصحابي الشهير من أصحاب الشجرة رضي الله عنه، مات سنة اثنتين وأربعين (42 هـ). يروي عنه:(م عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بهم) أي بالصحابة إلى مصلى الجنازة، (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: (صلوا على أخ لكم

ص: 250

مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ"، قَالُوا: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: "النَّجَاشِيُّ".

(105)

- 1510 - (5) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو السَّكَنِ، عَنْ مَالِكٍ،

===

مات بغير أرضكم) أرض الحبشة، (قالوا) أي: قال الأصحاب له: (من هو؟ ) أي: من ذلك الأخ الذي مات بغير أرضنا؟ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك الأخ هو (النجاشي) ملك الحبشة.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو داوود الطيالسي في "مسنده" عن المثنى بن سعيد بلفظه، وله شاهد في "الصحيحين" من حديث جابر، ومن حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما.

فدرجنه: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله عنهم، فقال:

(105)

- 1510 - (5)(حدثناسهل بن أبي سهل) زنجلة بن أبي الصغدي الرازي أبو عمرو الخياط، الحافظ صدوق، من العاشرة، مات في حدود الأربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا مكي بن إبراهيم) بن بشير التميمي البلخي (أبو السكن) ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة خمس عشرة ومئتين (215 هـ)، وله تسعون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن مالك) بن أنس الأصبحي المدني، ثقة حجة، إمام الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 251

عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا.

===

(عن نافع) مولى ابن عمر المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي) صلاة الجنازة، (فكبر أربعًا).

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه أبو داوود في "سننه" في كتاب الجنائز باب المسلم يموت في بلاد الشرك من حديث أبي هريرة، ولفظه: حدثنا القعنبي، قال: قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، وكبر أربع تكبيرات).

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 252