المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(23) - (430) - باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجنائز

- ‌(1) - (408) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌(2) - (409) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَادَ مَرِيضًا

- ‌(3) - (410) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(4) - (411) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَرِيضِ إِذَا حُضِرَ

- ‌(5) - (412) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُؤْمِنِ يُؤْجَرُ فِي النَّزْعِ

- ‌(6) - (413) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ

- ‌(7) - (414) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

- ‌(8) - (415) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(9) - (416) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا

- ‌(10) - (417) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (418) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (419) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَفَنِ

- ‌(13) - (420) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَيِّتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ

- ‌(14) - (421) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّعْيِ

- ‌(15) - (422) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شُهُودِ الْجَنَائِزِ

- ‌(16) - (423) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ

- ‌(17) - (424) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّسَلُّبِ مَعَ الْجِنَازَةِ

- ‌(18) - (425) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَا تُؤَخَّرُ إِذَا حَضَرَتْ وَلَا تُتْبَعُ بِنَارٍ

- ‌(19) - (426) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(20) - (427) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(21) - (428) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(22) - (429) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(23) - (430) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(24) - (431) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا

- ‌(25) - (432) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ كبَّرَ خَمْسًا

- ‌(26) - (433) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌(27) - (434) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرِ وَفَاتِهِ

- ‌(28) - (435) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ وَدَفْنِهِمْ

- ‌(29) - (436) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(30) - (437) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا يُدْفَنُ

- ‌(31) - (438) - بَابٌ: فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ

- ‌(32) - (439) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(33) - (440) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ

- ‌(34) - (441) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَمَنِ انْتَظَرَ دَفْنَهَا

- ‌(35) - (442) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ

- ‌(36) - (443) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ

- ‌(37) - (444) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(38) - (445) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ

- ‌(39) - (446) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ

- ‌(40) - (447) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّقِّ

- ‌(41) - (448) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ الْقَبْرِ

- ‌(42) - (449) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَلَامَةِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(43) - (450) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا

- ‌(44) - (451) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَثْوِ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(45) - (452) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا

- ‌(46) - (453) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(47) - (454) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(48) - (455) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكينَ

- ‌(49) - (456) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ

- ‌(50) - (457) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ

- ‌(51) - (458) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (459) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ

- ‌(53) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (461) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ

- ‌(55) - (462) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ

- ‌(56) - (463) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَزَّى مُصَابًا

- ‌(57) - (464) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ أُصِيبَ بِوَلَدِهِ

- ‌(58) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أُصِيبَ بِسِقْطٍ

- ‌(59) - (466) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ يُبْعَثُ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(60) - (467) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ

- ‌(61) - (468) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ غَرِيبًا

- ‌(62) - (469) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ مَرِيضًا

- ‌(63) - (470) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ عِظَامِ الْمَيِّتِ

- ‌(64) - (471) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(65) - (472) - بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(23) - (430) - باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة

(23) - (430) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

(64)

-1469 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

===

(23)

- (430) - (باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة)

(64)

- 1469 - (1)(حدثنا أبو عبيد محمد بن عبيد بن ميمون المديني) التَّبَّانُ -بفتح المثناة وتشديد الموحدة- التيمي مولاهم، صدوق يخطئ، من العاشرة. يروي عنه:(خ ق).

(حدثنا محمد بن سلمة) بن عبد الله الباهلي مولاهم (الحراني) ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى وتسعين ومئة (191 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م عم).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني، صاحب المغازي، صدوق، من صغار الخامسة، يدلس، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن محمد بن إبراهيم بن الحارث) بن خالد (التيمي) أبي عبد الله المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

ص: 148

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ .. فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ".

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس.

(قال) أبو هريرة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صليتم على الميت .. فأخلصوا له الدعاء") أي: خُصُّوهُ بالدعاء ولا تُشْرِكُوا فيه غَيْرَه؛ لأنه أحوج إلى الدعاء. انتهى "سندي" مع زيادة، قال ابن الملك: أي: ادعوا له بالاعتقاد والإخلاص. انتهى، وقال المناوي: أي: ادعوا له بإخلاص؛ لأن القصد بهذه الصلاة إنما هو الشفاعة للميت، وإنما يرجى قبولها عند توفر الإخلاص والابتهال. انتهى.

وفي "النيل": فيه دليل على أنه لا يتعين دعاء مخصوص من هذه الأدعية الواردة، وأنه ينبغي للمصلي على الميت أن يُخْلِصَ الدعاءَ له سواء كان محسنأ أو مسيئًا، فلِأنَّ مُلَابِسَ المعاصي أحوجُ إلى دعاء إخوانه المسلمين، وأفقرهم إلى شفاعتهم، ولذلك قدموه بين أيديهم وجاؤوا به إليهم، لا كما قال بعضهم: إن المصلِّي يَلْعَنُ الفاسقَ، ويقتصرُ في المُتلبِّس على قوله:(اللهم؛ إن كان محسنًا .. فزده إحسانًا، وإن كان مسيئًا .. فأنت أولى بالعفو عنه) فإنَّ الأوَّلَ من إخلاصِ السب لا من إخلاص الدعاء، والثاني من باب التفويض باعتبار المسيء لا من باب الشفاعةِ والسؤالِ، وهو تحصيل للحاصل، والميت غني عن ذلك. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجنائز، باب في الدعاء للميت، أخرجه بسند صحيح، وقال المنذري: والحديث أخرجه ابن ماجه، وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد تقدم الكلام عليه، لكن أخرجه

ص: 149

(65)

- 1470 - (2) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

===

ابن حبان من طريق أخرى عنه مصرحًا بالسماع وصححه، وأيضًا أخرجه البيهقي. انتهى من "العون".

فدرجة الحديث حينئذ: صحيح متنًا وسندًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله عنه، فقال:

(65)

- 1470 - (2)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن بحديث غيره، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق).

(حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة له غرائب، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إسحاق) المطلبي المدني، صدوق، من الخامسة، مات سنة خمسين ومئة، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن محمد بن إبراهيم) التيمي المدني.

(عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن المدني.

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن محمد بن إسحاق صرح بسماعه من شيخه ابن حبان، فاندفع اتهامه بالتدليس.

ص: 150

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ .. يَقُولُ: "اللَّهُمَّ؛ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ؛ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا .. فَأَحْيهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا .. فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ، اللَّهُمَّ، لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ

===

(قال) أبو هريرة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة .. يقول) في الدعاء له: (اللهم؛ اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا) أي: حاضرنا (وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأُنثانا) قال الطيبي: المقصود من القرائن الأربع الشمول والاستيعاب، فلا يحمل على التخصيص نظرًا إلى مفردات التركيب؛ كأنه قيل:(اللهم؛ اغفر للمسلمين والمسلمات كلهم أجمعين) فهي من الكنايةِ الزُّبْدِيَّةِ، يدلُّ عليه جمعه في قوله: (اللهم؛ من أحييته

) إلى آخره، كذا قاله القاري. انتهى من "العون".

قوله: "وصغيرنا وكبيرنا" ها هنا إشكال؛ وهو أن الصغير غير مكلف لا ذنب له، فما معنى الاستغفار له؟ وذكروا في دفعه وجوهًا، فقيل: الاستغفار في حق الصغير لرفع الدرجات، وقيل: المراد بالصغير والكبير الشاب والشيخ، فلا إشكال، وقال التوربشتي: عن الطحاوي أنه سئل عن معنى الاستغفار للصبيان مع أنه لا ذنب لهم، فقال: معناه السؤال من الله أن يغفر له ما كتب في اللوح المحفوظ أن يفعله بعد البلوغ من الذنوب حتى إذا كان فعله .. كان مغفورًا، وإلا .. فالصغير غير مكلف، لا حاجة له إلى الاستغفار. انتهى من "التحفة".

(اللهم؛ من أحييته منا .. فأحيه على الإسلام) أي: على الاستسلام والانقياد للأوامر والنواهي، (ومن توفيته منا .. فتوفه على الإيمان) أي: على التصديق القلبي؛ إذ لا نافع حينئذ غيره، (اللهم؛ لا تحرمنا أجره) أي: أجر تجهيزه.

ص: 151

وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ".

(66)

- 1471 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،

===

وقوله: "لا تحرمنا" هو من باب ضرب، أو من باب أفعل الرباعي، قال السيوطي: بفتح التاء وضمها لغتان فصيحتان، والفتح أفصح، يقال: حرمه وأحرمه، والمراد: أجر موته؛ فإن المؤمن أخو المؤمن، فموته مصيبة عليه يطلب الأجر فيها، قاله في "فتح الودود"، (ولا تضلنا بعده) أي: لا تجعلنا ضالين بعد الإيمان.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجنائز، باب في الدعاء للميت، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول في الصلاة على الميت، والنسائي في كتاب الجنائز، باب الدعاء، قال أبو عيسى: وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعائشة وأبي قتادة وجابر وعوف بن مالك.

فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.

* * *

ثم استشهد له ثانيًا بحديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، فقال:

(66)

- 1471 - (3)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) لقبه دُحيم - مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 152

حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

===

(حدثنا مروان بن جناح) الأموي مولاهم الدمشقي أصله كوفي، لا بأس به، من السادسة. يروي عنه:(د ق).

(حدثني يونس بن ميسرة بن حلبس) - بمهملتين في طرفيه وموحدة على وزن جعفر - وقد ينسب لجده، ثقة عابدٌ مُعَمَّرٌ، من الثالثة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(د ت ق).

(عن واثلة بن الأسقع) - بالقاف - ابن كعب الليثي الصحابي المشهور رضي الله عنه نزل الشام، وعاش إلى سنة خمس وثمانين (85 هـ)، وله مئة وخمس سنين. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) واثلة: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة (على رجل من المسلمين) لم أر من ذكر اسمه.

(فسمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول) في دعائه للميت، وأخرج مسلم من حديث عوف بن مالك، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وصلى على جنازة يقول: "اللهم؛ اغفر له

" الحديث، وفي رواية له عنه:(فحفظت من دعائه)، وجميع ذلك يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالدعاء، وعند النسائي من حديث ابن عباس أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر، فلما فرغ .. قال: سُنة وحق.

قال بعض أصحاب الشافعي: إنه يجهر بالليل كالليلية، وذهب أكثر العلماء إلى أنه يستحب الإسرار في صلاة الجنازة، وتمسكوا بقول ابن عباس:(ولتعلموا أنه من السنة) رواه البخاري، ولحديث أبي أمامة عن رجل من

ص: 153

فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ؛ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ

===

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (أن من السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرًّا في نفسه

) الحديث، وقيل: إن جهره صلى الله عليه وسلم بالدعاء لقصد تعليمهم، وأخرج أحمد عن جابر، قال: ما أتاح لنا في دعاء الجنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر، وفسر أتاح بمعنى قدر، قال الحافظ: والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر. انتهى من "العون".

قال واثلة: (فأسمعه) صلى الله عليه وسلم أنا بصيغة المضارع المسند إلى المتكلم حالة كونه (يقول: اللهم؛ إن فلان بن فلان) فيه دليل على استحباب تسمية الميت باسمه واسم أبيه، وهذا إن كان معروفًا، وإلا .. جعل مكان ذلك: اللهم؛ إن عبدك هذا أو نحوه (في ذمتك) أي: في أمانتك وعهدك وحفظك (وحبل جوارك) - بكسر الجيم - قيل: عطف تفسيري لما قبله، وقيل: الحبل: العهد؛ أي: في كنف حفظك وعهد طاعتك، وقيل: أي: في سبيل قربك وهو الإيمان، والأظهر أنَّه متعلقٌ ومتمسك بالقرآن؛ كما قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} (1).

(فقه) بالضمير أو بهاء السكت؛ أي: واحفظه (من فتنة القبر) أي: امتحان السؤال فيه أو من أنواع عذابه من الضغطة والظلمة وغيرهما، (وعذاب النار) في الآخرة، (وأنت أهل الوفاء) أي: بالوعد؛ فإنك لا تخلف الميعاد (والحق) أي: أنت أهل الحق، والمضاف مقدر، (فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور)

(1) سورة آل عمران: (103).

ص: 154

الرَّحِيمُ".

===

أي: كثير المغفرة للسيئات (الرحيم) أي: كثير المرحمة بقبول الطاعات والتفضل بتضاعف الحسنات. انتهى من "العون".

قال السندي: قوله: "وحبل جوارك" قيل: كان من عادة العرب أنْ يُخِيفَ بعضهم بعضًا، وكان الرجل إذا أراد السفر .. أخذ عهدًا من سيد كل قبيلة، فيأمن به ما دام في حدودها حتى ينتهي إلى الأخرى فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار؛ أي: العهدِ والأمانِ ما دام مجاورأ أرضه، أو هو من الإجارة والأمان والنصرة. انتهى منه، وفسره جمهور المفسرين بكتاب الله تعالى، والمراد بالجوار: الأمان، والإضافة بيانية؛ يعني: الحبل الذي يورث الاعتصامُ به الأَمْنَ والأمانَ والإسلام، قاله القاري. انتهى من "العون".

والظاهر أنه يدعو بهذه الألفاظ الواردة في هذه الأحاديث سواء كان الميت ذكرًا أو أُنثى، ولا يُحوِّلُ الضمائر المذكورة إلى صيغة التأنيث إذا كان الميت أُنثى؛ لأن مرجعها الميت، وهو يقال على الذكر والأنثى، كذا في "النيل".

قلت: والظاهر أيضًا أن الجهر والإسرار بالدعاء في صلاة الجنازة جائزان، وكل من الأمرين مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحق، والله أعلم. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه بسوقه الاستشهاد به للحديث الأول، والله أعلم.

ثم اعلم: أني قد سئلت غير مرة عن طريق أداء صلاة الجنازة، وكيفية قراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأدعية المأثورة للميت،

ص: 155

(67)

-1472 - (4) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُودَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ الْفَضَالَةِ،

===

وتعيين محل كلها من القراءة والصلاة والأدعية على الوجه الذي هو مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

فأقول: إن في صلاة الجنازة خمسة أفعال؛ فهي عبارة عن هذه الأفعال الخمسة: الأول: التكبيرات فيها حتى قال جماعة من العلماء: التكبيرات من الأركان، وكل تكبيرة قائمة مقام ركعة حتى لو ترك تكبيرة .. لا تجوز صلاته، كما لو ترك ركعة، ولهذا قيل: أربع كأربع الظهر، قاله العيني رحمه الله تعالى. والثاني: قراءة الفاتحة بعد الثناء مع ضم السورة أو حذفها. والثالث: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. والرابع: الأدعية الخالصة للميت. والخامس: التسليم. انتهى من "العون"، باختصار.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث عوف بن مالك رضي الله عنهما، فقال:

(67)

-1472 - (4)(حدثنا يحيى بن حكيم) المقومي - بتشديد الواو المكسورة - ويقال: المُقَوِّمِ بلا ياء نسبة أبو سعيد البصري، ثقة حافظ عابد مصنف، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا أبو داوود الطيالسي) سليمان بن داوود بن الجارود البصري، ثقة حافظ غلط في أحاديث، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا فرج بن الفضالة) بن النعمان التنوخي أبو فضالة الشامي، ضعيف،

ص: 156

حَدَّثَنِي عِصْمَةُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ حَبِيب بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:

===

من الثامنة، مات سنة سبع وسبعين ومئة (177 هـ). يروي عثه:(د ت ق)، ولكن ذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو مختلف فيه.

قال: (حدثني عصمة بن راشد) - بكسر العين المهملة وسكون الصاد - الأملوكي -بضم الهمزة واللام وسكون الميم بينهما- شامي، مجهول، من السابعة. يروي عنه:(ق).

(عن حبيب بن عبيد) الرحبي - بالمهملة المفتوحة ثم الموحدة - أبي حفص الحمصي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).

(عن عوف بن مالك) الأشجعي الصحابي المشهور رضي الله عنه من مسلمة الفتح، مات سنة ثلاث وسبعين (73 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه فرج بن فضالة، وهو ضعيف، وفيه عصمة بن راشد، وهو مجهول.

(قال) عوف: (شهدت) أي: حضرت (رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد (صلى على رجل من الأنصار) لم أر من ذكر اسم هذا الرجل، قال عوف:(فسمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول) في الدعاء للرجل الميت بعد التكبيرة الثالثة، ولا ينافي هذا ما تقرر في الفقه من الإسرار؛ لأن الجهر هنا للتعليم، نقله مُلَّا عَلِي.

وليس في دعاء الميت دعاء محدود عند العلماء، بل يدعو المصلي عليه بما تيسر له، لكن الأولى أن يكون بالأدعية المأثورة في ذلك؛ كحديث عوف بن مالك هذا، وحديث أبي هريرة وما أشبه ذلك. انتهى من "المفهم".

ص: 157

"اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَيْهِ وَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ بِدَارِ؛ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِه، وَأَهْلًا

===

أي: سمعته يقول في دعائه للميت: (اللهم؛ صل) أي: أنزل صلاتك ورحمتك (عليه) أي: على هذا الميت، (واغفر له) بمحو السيئات عنه، (وارحمه) بقبول الطاعات عنه، (وعافه) أمر من المعافاة، والهاء ضمير يعود إلى الميت، وقيل: للسكت، والمعنى خلصه من المكاره، وقال الطيبي: أو سلمه من العذاب والبلايا، (واعف عنه) أي: عما وقع منه من التقصيرات في حقوقك وحقوق العباد، (واغسله) من الذ نوب والخطايا (بماء) بارد (وثلج) أي: بماء متجمد (وبرد) -بفتحتين- أي: بحب المطر النازل من السماء، وجمع بينهما للمبالغة؛ أي: طهره من أنواع الذنوب بأنواع المغفرة، كما أن هذه الأشياء أنواع المطهرات من الدنس.

(ونقه) بهاء الضمير أو السكت، قاله مُلَّا علي، من التنقية وهو التنظيف؛ أي: صفِّه (من الذنوب) الكبائر (والخطايا) الصغائر (كما ينقى) وينظف (الثوب الأبيض من الدنس) -بفتحتين- أي: الوسخ، ففيه تشبيه المعقول بالمحسوس وهو تأكيد لما قبله على ما ذكره ابن حجر؛ يعني: طهارةً كاملةً مُعتنىً بها؛ فإن تنقية الأبيض يحتاج إلى العناية، أو المراد بأحدهما الصغائر، وبالآخر الكبائر، كما عليه حلنا، أو المراد بأحدهما حقوق الله، وبالآخر حقوق العباد.

(وأبدله) أي: أبدل لهذا الميت وعوِّضه (بداره) أي: عن داره التي هي دار الدنيا (دارًا خيرًا) له وأحسن (من داره) التي خرج منها، أي: منزلًا خيرًا له من منزله، (و) أبدله (أهلًا) أي: خدمًا وخولًا، والأهل هنا عبارة عن الخدم

ص: 158

خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ"، قَالَ عَوْفٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي مُقَامِي ذَلِكَ أَتَمَنَّى أَنْ أَكُونَ مَكَانَ الرَّجُلِ.

===

والخول ولا تدخل الزوجة فيهم؛ لأنه قد خصها بالذكر فيما بعد (خيرًا من أهله) الذي في الدنيا، (و) أبدله (زوجًا خيرًا من زوجه) في الدنيا، كما في رواية مسلم، قال القرطبي: ويفهم منه أن نساء الجنة أفضل من نساء الآدميات وإن دخلت الجنة، وقد اختلف في هذا المعنى. انتهى.

(وقه) أي: احفظه (فتة القبر) أي: من ضغطتها وظلمتها وامتحان الملكين (وعذاب النار) في الآخرة، (قال عوف) بن مالك راوي الحديث:(فـ) والله (لقد رأيتني) أي: رأيت نفسي (في مقامي ذلك) أي: في مصلاي ذلك الذي قمت فيه خلف النبي صلى الله عليه وسلم (أتمنى) وأحب (أن أكون مكان الرجل) الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأجل دعائه.

قال ابن عابدين: والمراد بالإبدال في الأهل والزوجة: إبدال الأوصاف لا الذوات؛ لقوله تعالى: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (1)، ولخبر الطبراني وغيره: إن نساء الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين.

وفي رواية مسلم: (قال) عوف بن مالك: دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوات كثيرة (حتى تمنيت) وأحببت واغتبطت (أن أكون أنا ذلك الميت) الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الأبي: وهذا لا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت" لأن ذلك كما ورد في بعض الطرق: "لضر نزل به" وهذا عكسه إنما هو لتحصيل ثمرة دعائه صلى الله عليه وسلم، وكره في العتبية الدعاء بالموت، قال ابن رشد: لما يرجوه في طول الحياة من صالح العمل، وليجعل الرجل مكان

(1) سورة الطور: (21).

ص: 159

(68)

-1473 - (5) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ،

===

الدعاء بالموت الدعاء بذلك؛ فإن خيرًا للرجل ألا يخلق، فإذا خلق .. فخير له أن يموت صغيرًا، فإن لم يقع ذلك .. فأن يطول عمره ويحسن عمله، فإن خاف التقصير في العمل .. جاز الدعاء بالموت؛ فإن عمر رضي الله عنه قال: كبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيع. وكذلك كان عمر بن عبد العزيز يدعو خوف التضييع ورغبة فيما عند الله وحبًا للقائه. انتهى من "فتح الملهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت في الصلاة، والنسائي في كتاب الجنائز، باب الدعاء، وأحمد بن حنبل.

ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لما فيه من المشاركة وإن كان سنده ضعيفًا، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(68)

-1473 - (5)(حدثنا عبد الله بن سعيد) بن حصين الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا بعدما استقضي، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 160

عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا أَبَاحَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ فِي شَيءٍ مَا أَبَاحُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ؛ يَعْنِي: لَمْ يُوَقِّتْ.

===

(عن حجاج) بن أرطاة النخعي أبو أرطاة الكوفي قاضي البصرة، صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة خمس أو سبع وأربعين ومئة (147 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن أبي الزبير) الأسدي مولاهم محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق مدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حجاج بن أرطاة وهو كثير الخطأ والتدليس.

(قال) جابر: (ما أباح) أي: ما جوز ووسع ورخص (لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر في شيء) من الدعاء مثل (ما أباحوا) ووسعوا ورخصوا لنا (في) دعاء (الصلاة على الميت) بل رخصوا لنا أن ندعو له بما تيسر لنا من الدعاء، وإن لم يكن مأثورًا عنه صلى الله عليه وسلم، حيث قال في حديث أبي هريرة:"إذا صليتم على الميت .. فأخلصوا له الدعاء"(يعني) جابر أنه صلى الله عليه وسلم الم يوقت) ولم يخصص الدعاء للميت بصيغة مخصوصة مأثورة عنه، ولم يخصص الدعاء له بوقت مخصوص.

قال السندي: قوله: (ما أباح لنا

) إلى آخره؛ أي: ما عمم لنا في جواز شيء من الأوقات مثل التعميم في الصلاة على الميت، فيدل على أنه جوز صلاة الجنازة في كل الأوقات، وليس فيها وقت مكروه، وهذا المعنى مع كونه خلاف

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ما تفيده الأحاديث لا يوافق ترجمة المؤلف، ولهذا قيل: لعل المراد أنه لم يوقت فيها الدعاء؛ أي: فيدعى له بأي دعاء كان. انتهى منه.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجته: أنه ضعيف (18)(175)؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخير للاستئناس، والثلاثة الباقية للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 162