المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(29) - (436) - باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجنائز

- ‌(1) - (408) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌(2) - (409) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَادَ مَرِيضًا

- ‌(3) - (410) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(4) - (411) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَرِيضِ إِذَا حُضِرَ

- ‌(5) - (412) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُؤْمِنِ يُؤْجَرُ فِي النَّزْعِ

- ‌(6) - (413) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ

- ‌(7) - (414) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

- ‌(8) - (415) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(9) - (416) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا

- ‌(10) - (417) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (418) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (419) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَفَنِ

- ‌(13) - (420) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَيِّتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ

- ‌(14) - (421) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّعْيِ

- ‌(15) - (422) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شُهُودِ الْجَنَائِزِ

- ‌(16) - (423) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ

- ‌(17) - (424) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّسَلُّبِ مَعَ الْجِنَازَةِ

- ‌(18) - (425) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَا تُؤَخَّرُ إِذَا حَضَرَتْ وَلَا تُتْبَعُ بِنَارٍ

- ‌(19) - (426) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(20) - (427) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(21) - (428) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(22) - (429) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(23) - (430) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌(24) - (431) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا

- ‌(25) - (432) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ كبَّرَ خَمْسًا

- ‌(26) - (433) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌(27) - (434) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرِ وَفَاتِهِ

- ‌(28) - (435) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ وَدَفْنِهِمْ

- ‌(29) - (436) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(30) - (437) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا يُدْفَنُ

- ‌(31) - (438) - بَابٌ: فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ

- ‌(32) - (439) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(33) - (440) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ

- ‌(34) - (441) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَمَنِ انْتَظَرَ دَفْنَهَا

- ‌(35) - (442) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ

- ‌(36) - (443) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ

- ‌(37) - (444) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(38) - (445) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ

- ‌(39) - (446) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ

- ‌(40) - (447) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّقِّ

- ‌(41) - (448) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ الْقَبْرِ

- ‌(42) - (449) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَلَامَةِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(43) - (450) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا

- ‌(44) - (451) - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَثْوِ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ

- ‌(45) - (452) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا

- ‌(46) - (453) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي الْمَقَابِرِ

- ‌(47) - (454) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(48) - (455) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكينَ

- ‌(49) - (456) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ

- ‌(50) - (457) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ

- ‌(51) - (458) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (459) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ

- ‌(53) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (461) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ

- ‌(55) - (462) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ

- ‌(56) - (463) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَزَّى مُصَابًا

- ‌(57) - (464) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ أُصِيبَ بِوَلَدِهِ

- ‌(58) - (465) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أُصِيبَ بِسِقْطٍ

- ‌(59) - (466) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ يُبْعَثُ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(60) - (467) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ

- ‌(61) - (468) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ غَرِيبًا

- ‌(62) - (469) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ مَرِيضًا

- ‌(63) - (470) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ عِظَامِ الْمَيِّتِ

- ‌(64) - (471) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(65) - (472) - بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(29) - (436) - باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد

(29) - (436) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ

(84)

-1489 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ .. فَلَيْسَ لَهُ شَيءٌ".

===

(29)

- (436) - (باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد)

(84)

-1489 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن) محمد بن عبد الرحمن (ابن أبي ذئب) المغيرة بن الحارث القرشي العامري المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: سنة تسع وثمانين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن صالح) بن نبهان المدني (مولى التوءمة) -بفتح المثناة وسكون الواو بعدها همزة مفتوحة- صدوق اختلط بأخرة، قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج، من الرابعة، مات سنة خمس أو ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(د ت ق).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لصحة سنده.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى على جنازة في المسجد .. فليس له) بفعلها في المسجد (شيء) من الأجر، ولكن

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يثاب بفعلها سواء كان فعلها في المسجد أم في غيره، فلا يزاد بفعلها في المسجد ثواب كما يزاد ثواب فعل المكتوبة في المسجد بسبع وعشرين درجة، وفي رواية أبي داوود:(فلا شيء عليه) من الإثم.

وقال الخطيب: المحفوظ: (فلا شيء له)، ويحمل هذا على نقصان الأجر؛ وذلك أن من صلى عليها في المسجد .. فإن الغالب فيه أن ينصرف على أهله ولا يشهد دفنه، وأن من سعى في الجنازة فصلى عليها بحضرة المقابر .. شهد دفنه فأحرز أجر القيراطين، وهو ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من صلى على جنازة .. فله قيراط من الأجر، ومن شهد دفنها .. فله قيراطان، والقيراط مثل أحد" وقد يؤجر على كثرة خطاه، فصار الذي يصلي عليها في المسجد منقوص الأجر بالإضافة إلى من صلى عليها بَرًّا. انتهى.

ومعنى قوله: "فلا شيء عليه" أي: لا شيء على المصلي من الإثم فيها، وقيل: معنى فلا شيء له؛ أي: لا شيء للمصلي من زيادة الفضل في أداء صلاة الجنازة في المسجد، بل المسجد وغيره في هذا سواء، وبهذا يندفع التعارض بين الحديثين. انتهى "من العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، وأحمد.

فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

وقد قال بعض أهل الحديث: ما رواه ابن أبي ذئب عن صالح .. فهو لا بأس به؛ لأنه روى عنه قبل الاختلاط، وهذا الحديث من رواية ابن أبي ذئب عنه، وقال ابن عدي: وممن سمع عن صالح قديمًا: ابن أبي ذئب، وابن جريج،

ص: 198

(85)

- 1490 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَاللهِ؛ مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ،

===

وزياد بن سعد، وغيرهم، ولحقه مالك، والثوري، وغيرهم بعد اختلاط.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عائشة رضي الله عنهما، فقال:

(85)

- 1490 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن محمد) بن مسلم البغدادي أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة سبع ومئتين (207 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا فليح بن سليمان) بن أبي المغيرة الخزاعي أبو يحيى المدني صدوق كثير الخطأ، من السابعة، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن صالح بن عجلان) حجازي، مقبول، من السابعة. يروي عنه:(د ق).

(عن عباد بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي المكي، كان قاضي مكة زمن أبيه وخليفته إذا حج، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قالت) عائشة: (والله، ما صلى رسول الله على سهيل ابن بيضاء إلا في المسجد) النبوي.

ص: 199

قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدِيثُ عَائِشَةَ أَقْوَى.

===

قال أبو الحسن تلميذ المؤلف: (قال) لنا شيخنا محمد بن يزيد (ابن ماجه: حديث عائشة أقوى) من حديث أبي هريرة متنًا وسندًا؛ لأنه من رواية مسلم، قال العلماء: وبنو بيضاء ثلاثةُ إخوةٍ؛ سهل وسُهيل وصفوانُ، وأمهم البيضاء اسمها دعد، والبيضاء وصف لها، وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري، وكان سهيل قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا وغيرها، توفي سنة تسع من الهجرة رضي الله عنه. انتهى "نووي".

قال القاري ناقلًا عن الطيبي: ذهب الشافعي إلى قول عائشة وأبو حنيفة وأصحابه يكرهون ذلك، وقالوا: إن الصحابة كانوا متوافرين، فلو لم يعلموا بالنسخ .. لما خالفوا. انتهى كلام الطيبي، أو حملوه على عذر كمطر، أو على الخصوصية، أو على الجواز وعملوا بالأفضل في حق سعد، ولو كانت الصلاة على الميت في المسجد أفضل .. لكان أكثر صلاته صلى الله عليه وسلم على الميت في المسجد، ولما امتنع جُل الصحابة، وإنما الحديث يفيد بالجواز في الجملة، وقد كان للجنائز موضع معروف خارج المسجد، والغالب منه صلى الله عليه وسلم الصلاة عليها ثمة. انتهى "فتح الملهم".

قال النووي: وفي هذا الحديث دليل للشافعي والأكثرين في جواز الصلاة على الميت في المسجد، وممن قال به أحمد بن حنبل وإسحاق، قال ابن عبد البر: ورواه المدنيون في "الموطأ" عن مالك، وبه قال ابن حبيب المالكي، وقال ابن أبي ذئب وأبو حنيفة ومالك على المشهور عنه: لا تصح الصلاة على الميت في المسجد؛ لحديث في "سنن أبي داوود": "من صلى على جنازة في المسجد .. فلا شيء له"، ودليل الشافعي والجمهور حديث سهيل بن البيضاء، وأجابوا عن حديث "سنن أبي داوود" بأجوبة:

ص: 200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به، قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوءمة، وهو ضعيف.

والثاني: أن الصحيح الذي في النسخ الصحيحة المسموعة من نسخ "أبي داوود": "ومن صلى على جنازة في المسجد .. فلا شيء عليه" ولا حجة لهم فيه حينئذ.

الثالث: أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه قال: (فلا شيء له) .. وجب تأويله على (فلا شيء عليه) ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث حديث سهيل بن البيضاء، وقد جاء لفظ له بمعنى عليه؛ كقوله تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (1).

الرابع: أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة؛ لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه، والله أعلم.

وفي حديث سهيل دليل على طهارة الآدمي الميت، وهو الصحيح في مذهبنا. انتهى "نواوي"، قال القرطبي: وقد اختلف قول الشافعي ومالك وأصحابهما، وقال بعض المتأخرين: الخلاف إنما يصح في المسلمين لا الكافرين؛ فإنهم متفقون على نجاسة الميت منهم، وهذا القول حسن؛ لأنه قد تقرر الإجماع على أن الموت بغير ذكاةٍ سبب التنجس فيما له نفس سائلة مطلقًا، وهذا يقتضي تنجس الميت المسلم، إلا أنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن المؤمن لا ينجس" رواه السبعة، فهل يحمل هذا على أنه لا ينجس حيًّا وميتًا فيستثنى عن تلك القاعدة الكلية؟ أو يحمل على أنه لا ينجس ما دام حيًّا وهو الذي خُرِّج عليه الحديثُ، وتحمل تلك القاعدة الكلية على أصلها،

(1) سورة الإسراء: (7).

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويبقى الكافر على أصل القاعدة؟ وإنما الخلاف على نجاسة عين الكافر في حال حياته، فقال بنجاسته الشافعي وغيره، وبطهارته مالك وغيره. انتهى من "المفهم" باختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، وأبو داوود في كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد.

فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 202