الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(48) - (455) - بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكينَ
(139)
- 1544 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ: "اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ
===
(48)
- (455) - (باب ما جاء في زيارة قبور المشركين)
(139)
- 1544 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبيد) الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من التاسعة، وفي "التقريب" من الحادية عشرة، وحقه ما أثبتناه، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا يزيد بن كيسان) اليشكري الكوفي، صدوق يخطئ، من السادسة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه) آمنة بنت وهب الزهرية، (فبكى) النبي صلى الله عليه وسلم، أي: على فراقها، قاله القاري احتمالًا، وقال القاضي عياض: بكاؤه صلى الله عليه وسلم على ما فاتها من إدراك أيام الإسلام والإيمان به، والله أعلم.
(وأبكى من حوله) من الناس الحاضرين؛ أي: بكوا بسبب بكائه، (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم: (استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يأذن
لِي، وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الْمَوْتَ".
===
لي، واستأذنت ربي في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور؛ فإنها) أي: فإن زيارة القبور (تذكركم الموت) وذكر الموت يزهد في الدنيا، ويرغب في العقبى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة أمه، وأبو داوود في كتاب الجنائز، باب في زيارة القبور، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور، وقال: حديث بريدة حديث حسن صحيح، والنسائي، وأحمد.
فدرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به.
وفي "المرقاة": ذكر ابن الجوزي في كتاب "الوفا" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبيه كان مع أمه آمنة، فلما بلغ ست سنين .. خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم، ومنهم أبو أيوب الأنصاري، ثم رجعت به إلى مكة، فلما كانوا بالأبواء .. توفيت، فقبرها هناك، وقيل: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة .. زار قبرها بالأبواء، ثم قام مستعبرًا، فقال:"إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي، فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها، فلم يأذن لي"، ونزل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى
…
} الآية (1)، وذكر ابن الجزري في "تصحيح المصابيح" أنه صلى الله عليه وسلم زار قبرها عام الحديبية سنة ست من الهجرة، والله أعلم.
(1) سورة التوبة: (113).
(140)
- 1545 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ
===
وفي الحديث دليل على جواز زيارة قبر القريب الذي لم يدرك الإسلام، قال القاضي عياض: سبب زيارته صلى الله عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:"فزوروا القبور؛ فإنها تذكركم الموت". انتهى، قال الشوكاني: وفي الحديث دليل على عدم جواز الاستغفار لمن مات على غير ملة الإسلام. انتهى.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(140)
- 1545 - (2)(حدثنا محمد بن إسماعيل بن البختري) -بفتح الموحدة والمثناة بينهما خاء معجمة ساكنة- الحساني -بمهملتين- أبو عبد الله (الواسطي) نزيل بغداد، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206). يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري المدني، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر.
(عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ:"فِي النَّارِ"، قَالَ: فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَأَيْنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ .. فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ"، قَالَ: فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعَبًا، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ.
===
(قال) ابن عمر: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله؛ إن أبي كان يصل الرحم، وكان) يقري الضيف، (وكان) ينفق على الأرامل والأيتام؟ أي: كان يفعل كذا، ويفعل كذا من الخيرات، (فأين هو) الآن؟ هل في النار أم في الجنة؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: أبوك (في النار، قال) ابن عمر: (فكأنه) أي: فكأن الأعرابي (وجد) أي: حزن وتأسف (من ذلك) أي: من قول الرسول: "أبوك في النار".
(فقال) الأعرابي للرسول: (يا رسول الله، فأين أبوك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (حيثما مررت) أي: في أي مكان مررت فيه (بقبر مشرك .. فبشره بالنار، قال) ابن عمر: (فأسلم الأعرابي بعد) أي: في الوقت الحاضر بلا مهلة، (وقال) الأعرابي:(لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني (تعبًا) أي: بأمر تعب شاق على؛ فأنا بعد ذلك (ما مررت بقبر كافر .. إلا بشرته بالنار) امتثالًا لأمره صلى الله عليه وسلم.
قال السيوطي: والمراد بالمشرك: من بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه، ومن عبد غير الله؛ كالأصنام ونحوها من أهل الفترة .. فهو معذب، ورجح السيوطي أن المراد بأبي النبي صلى الله عليه وسلم: أبو طالب، وأن أبويه كانا ممن لم يدخل في الشرك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن من مات على الكفر .. فهو في النار لا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة المقربين، قال أنس: إن رجلًا قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال:"في النار"، فلما قفى؛ أي: ذهب موليًا .. دعاه، فقال:"إن أبي وأباك في النار".
فدرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا في "مسلم"، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول منهما للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم