الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا نَام العَبْد فِي صلَاته باهى الله بِهِ مَلَائكَته، يَقُول: انْظُرُوا لعبدي، روحه عِنْدِي، وَجَسَده ساجد بَين يَدي» .
هَذَا الحَدِيث ذكره الإِمَام الرَّافِعِيّ تبعا للْإِمَام فِي «النِّهَايَة» ، فَإِنَّهُ قَالَ: حُكيَ عَن نَص الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم أَن النّوم قَائِما أَو رَاكِعا أَو سَاجِدا لَا ينْقض؛ وَإِن نَام فِي غير الصَّلَاة كَذَلِك ينْقض وضوءه، وَإنَّهُ اعْتمد فِي هَذَا القَوْل هَذَا الحَدِيث.
قلت: وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف؛ يرْوَى من طرق:
أَحدهَا: عَن أنس رضي الله عنه مَرْفُوعا: «إِذا نَام العَبْد فِي سُجُوده باهى الله بِهِ مَلَائكَته، يَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي؛ روحه عِنْدِي، وَجَسَده فِي طَاعَتي» .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» من حَدِيث دَاوُد بن الزبْرِقَان، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أنس، ثمَّ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيّ؛ ثمَّ لَيْسَ فِيهِ أَنه لَا يخرج بِهِ من صلَاته، وَالْقَصْد مِنْهُ - إِن صَحَّ - الثَّنَاء عَلَى العَبْد (المواظب) عَلَى الصَّلَاة حَتَّى يغلبه النّوم، وَقد أَمر فِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَن أنس بالانصراف إِذا نعس، رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيثه بِلَفْظ «إِذا نعس وَهُوَ يُصَلِّي فلينصرف فلينم؛ حَتَّى يعلم مَا يَقُول» .
(رَوَاهُ مُسلم أَيْضا) وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها محتجًّا فِي إِيجَاب الْوضُوء من النّوم، فَأمر (النَّبِي)(الناعس (فِي الصَّلَاة) بالانصراف، وَلَو بَقِي فِيهَا (تبقى) الطَّهَارَة، كَمَا زعم
الْمُخَالف لما أَمر بالانصراف.
وَكَذَا أجَاب بِهَذَا الْجَواب: ابْن حزم فِي «محلاه» أَعنِي: أَنه لَو صَحَّ لم يكن فِيهِ دلَالَة؛ بل الْقَصْد مِنْهُ الثَّنَاء كَمَا سلف.
وَلِحَدِيث أنس هَذَا طَرِيق ثَان من حَدِيث حَمَّاد عَن أبان عَنهُ مَوْقُوفا عَلَيْهِ: «أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد؛ إِن الله عز وجل ليباهي بِهِ مَلَائكَته إِذا كَانَ نَائِما فِي سُجُوده، يَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي؛ روحه عِنْدِي، وَجَسَده فِي طَاعَتي» . أسْندهُ الْحَافِظ زكي الدَّين الْمُنْذِرِيّ فِي الْقطعَة الَّتِي لَهُ عَلَى «أَحَادِيث الْمُهَذّب» ثمَّ علله بِأَبَان، وَقَالَ: إِنَّه ضَعِيف. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا الحَدِيث يرْوَى من رِوَايَة أنس وَهُوَ ضَعِيف جدًّا، وَقَالَ بعد ذَلِك بأوراق: اتَّفقُوا عَلَى ضعفه، وَسَبقه (إِلَى) ذَلِك ابْن الصّلاح فَقَالَ فِي الْقطعَة الَّتِي لَهُ عَلَى الْمُهَذّب: إِنَّه حَدِيث لَيْسَ بِثَابِت.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه (رَفعه) : «إِذا نَام العَبْد وَهُوَ ساجد؛ يَقُول الله عز وجل: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي؛ روحه عِنْدِي، وبدنه ساجد لي وَجَسَده» .
رَوَاهُ ابْن شاهين فِي «ناسخه ومنسوخه» من حَدِيث حجاج بن نصر، ثَنَا الْمُبَارك بن فضَالة، عَن الْحسن عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع؛ لِأَن الْحسن لم يسمع من أبي هُرَيْرَة، كَمَا قَالَه الْجُمْهُور، وَقَالَ يُونُس بن عبيد: مَا رَآهُ قطّ، وَذكر أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم أَن من قَالَ عَن الْحسن،
ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة؛ فقد أَخطَأ، وَخَالف فِي ذَلِك قَتَادَة فَقَالَ: إِنَّمَا أَخذ الْحسن عَنهُ. وَلما ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» بِلَفْظ: «إِن الله - تَعَالَى - يَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي نَام سَاجِدا وروحه عِنْدِي» .
قَالَ: هَذَا حَدِيث يرويهِ عباد بن رَاشد، عَن الْحسن، عَن أبي هُرَيْرَة، وَقيل عَن الْحسن، بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
…
» فَذكر الحَدِيث؛ وَلَا يثبت سَماع الْحسن من أبي هُرَيْرَة.
قيل للدارقطني: قد قَالَ مُوسَى بن هَارُون، إِنَّه سمع مِنْهُ، فَقَالَ:(سَمعه الحكم) وَلم يسمع الْحسن من أبي هُرَيْرَة، وَحكي لنا عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي أَنه قَالَ: لم يسمع مِنْهُ. وَقَالَ ابْن حزم فِي «محلاه» : هَذَا حَدِيث لَا شَيْء؛ لِأَنَّهُ مُرْسل، لم يخبر الْحسن مِمَّن سَمعه.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَفعه -: «إِن الله (ليضحك) إِلَى ثَلَاثَة نفر: رجل قَامَ فِي جَوف اللَّيْل فَأحْسن الطّهُور ثمَّ صَلَّى، وَرجل نَام وَهُوَ ساجد؛ وَرجل يحمي كَتِيبَة منهزمة؛ فَهُوَ عَلَى (فرس) جواد، لَو شَاءَ أَن يذهب لذهب» . رَوَاهُ ابْن شاهين فِي «ناسخه ومنسوخه» من حَدِيث عِيسَى بن الْمُخْتَار، عَن مُحَمَّد بن أبي لَيْلَى،